الخرطوم : دارفور24: “آه العقوبات ورفعوها … البيحصل شنــــــــــــــو”
عبارة تسيدت المجالس والنقاشات داخل حافلات الركاب في السودان، صبيحة قرار الرئيس
الامريكي دونالد ترامب برفع العقوبات التي فرضت قبل عشرين عاما، وحرمت البلاد  من “مزايا تطبيع العلاقات الطبيعية مع اكبر الاقتصاديات
في العالم”.

ثم ماذا بعد رفع العقوبات؟، السؤال الذي يبحث السودانيين عن اجابه له،
ويجتهد المحللون في وضع تصور لبلادهم في مرحلة ما بعد القرار خاصة وان حكومة
السودان ما تزال تواجه قرارين لا تقل خطورتها علي حياة الناس عن قرار فرض العقوبات
وهما بقاء اسم السودان ضمن لائحة وزارة الخارجية الامريكية للدول الراعية للارهاب،
وضمن الدول التي لا تتعاون في مكافحة الاتجار في البشر.
لكن مع ذلك، اشاع القرار الفرح وسط القطاعات الشعبية في السودان، بعد ما
اعتبروه بداية طريق لرفع المعاناة عن كاهلهم.

رسميا، تجتهد الدوائر الحكومية في زرع التفاؤل بان السودان علي وعد مع بانفتاح غير مسبوق في علاقاته الخارجية ، وتمتن علي ان القرار كان حصيلة جهود استمرت
لسنين، لازمت ثلاثة من الرؤساء الأمريكيين، هم بيل كليمتن الذي فرض العقوبات علي السودان،
وباراك اوباما الذي ابقاها حتي الايام الاخيرة من فترة ادارته، ودونالد تارمب وهو
الاكثرهم تشددا لكنه عمل علي رفعها.
الخارجية السودانية، قالت في وقت متاخر من ليلة الجمعة، إن قرار الإدارة الأميركية
برفع العقوبات عن السودان ” تطور مهم في تاريخ علاقات البلدين” و”محصلة
لحوار صريح وشفاف بقيادة رئيس الجمهورية تناول كافة شواغل البلدين”.
وبعد ان طالبت في بيات تلقته “دارفور24” بسحب اسم البلاد من قائمة
الدول الراعية للإرهاب، أشارت إلى “ترحيب السودان قيادة وحكومة وشعبا بالقرار
الايجابي الذى اتخده فخامة الرئيس دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة والذي قضى برفع
العقوبات الاقتصادية الأميركية عن السودان بشكل كامل ونهائي”.
وحرص بيان الخارجية السودانية، علي ابراز ان السودان حريص  على التعاون مع الولايات المتحدة في كافة القضايا
الثنائية والاقليمية والدولية خاصة في جانبها المتصل بحفظ السلام والأمن الدوليين ومكافحة
الإرهاب بكافة أشكالة والهجرة غير المشروعة والاتجار بالبشر.
وذكر بان تطلع
السودان لبناء علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة وقابلة للتطور، يستدعي
رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب لعدم انطباقها عليه وإلغاء الإجراءات
السالبة التي اتخذتها المؤسسات الأميركية ضد السودان أو دعمتها على الصعيد الدولي”.

وحسب موقع السودان اليوم
الالكتورني، فان الفائدة التي يجنيها الاقتصاد السوداني مع رفع العقوبات الاقتصادية
والتجارية بان رفع الحظر، سيسمح للبنوك الدولية بإجراء كافة التحويلات المالية مع السودان،
ويمكن للمواطنين والشركات الأميركية إجراء تحويلات مالية مع نظرائهم في السودان وفقاً
لما ذكر موقع سكاي نيوز.
بجانب ذلك، يمكن للمواطنين الأميركيين
التصدير والاستيراد من السودان، الأمر الذي كان ممنوعا بموجب العقوبات، وسبب الرفع
سيتم رفع كل الحظر المفروض على الممتلكات والمصالح بموجب العقوبات، كما سيتم السماح
بكافة المعاملات التجارية الممنوعة مسبقا بين الولايات المتحدة والسودان.
وسيتم السماح بكافة التحويلات
المالية المتعلقة بالصناعات النفطية أو البتروكيماوية في السودان والمحظورة مسبقا،
بما فيها خدمات الحقول النفطية، وخطوط النفط والغاز.ولن يكون ممنوعا على المواطنين
الأميركيين تسهيل التحويلات المالية بين السودان ودول ثالثة، إلى الحد الذي كان محظورا
من قبل.

لكن رفع العوقبات لا يعني رفع
الحظر إزالة اسم السودان من لائحة الدول الراعية للارهاب لدى وزارة الخارجية الأميركية،
بجانب ان لائحة العقوبات المفروضة من قبل مجلس الأمن الدولي على صلة بالنزاع في دارفور
ستبقى نافذة، ويمنع الحظر أساسا توريد الأسلحة والمواد صات الصلة إلى الاطراف الضالعة
في النزاع في دارفور.
وفي انتظار ان تقول المعارضة كلمتها، سارعت الحركة الشعبية – شمال – بقيادة
مالك عقار والتي تقاتل الخرطوم من جنوب كردفان ومنطقة النيل الازرق، الي القول
بانة صدور القرار يستدعي وحدة المعارضة السودانية لتأكيد نفسها كقوة لا يستهان بها”.

وأكد ياسرعرمان، الامين السياسي للحركة أن السودانيين لن يستفيدوا من القرار
الذي أعلنته الخارجية الأميركية، الجمعة، موضحا أن الخطوة جاءت في ذروة الانتهاكات
الرئيسية لحقوق الإنسان ضد الطلاب والنساء والنازحين.
وتابع “إن الجماهير الضعيفة لن تستفيد اقتصاديا من رفع العقوبات لأن النظام
الفاسد سيوجه الفائدة إلى أيدي الطبقة السياسية الفاسدة في الأقلية وهو المصدر الذي
يحرم الشعب السوداني من موارده ويهمشه باستمرار”.
وأشار، حسب نشر في وسائل الاعلام،  إلى
أن النظام الحاكم حاليا بالسودان “لكي يضطلع بمسؤولياته والمساهمة في السلام والاستقرار
الإقليمي والدولي، يحتاج إلى تحول نموذجي ينهي الحرب ويحسن حقوق الإنسان ويحقق الديمقراطية”.
وأعرب عرمان، عن أمله في أن تحمل الإدارة الأميركية والكونغرس الحكومة السودانية
على وعودها بشأن قضايا السلام وحقوق الإنسان وإمكانية وصول المساعدات الإنسانية.
من جهتها قالت جماعة الإخوان المسلمين في السودان أن قرار رفع العقوبات هو
“تصحيح لوضع شائه وغير مبرر ظل سائدا منذ تاريخ توقيع العقوبات”.
وتمنت في بيان نشر في الخرطوم، وحمل توقيع المتحدث باسم الجماعة الصادق موسى
أبوشورة أن يضع القرار العلاقات السودانية الأميركية في مسارها الصحيح من الإحترام
المتبادل ومراعاة المصالح المشتركة للبلدين.
وهنأت جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان، في بيان، السودانيين برفع الحظر
الاقتصادي.
وحيا رئيس اللجنة السياسية بجماعة أنصار السنة محمد أبو زيد مصطفى، الدول
“الشقيقة والصديقة” التي ساهمت في ذلك.
وبني القرار علي إن حكومة الخرطوم أحرزت تقدما في محاربة الإرهاب وتخفيف المعاناة
الإنسانية ، وبانها تعهدت بعدم السعي لإبرام صفقات أسلحة مع كوريا الشمالية.
وحسب محللين فان الخطوة ستشكل تحولا كبيرا لحكومة الرئيس عمر البشير، المطلوب
من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في دارفور، ومع ذلك ستكون هناك مشكلة تتعلق ببقاء
السودان مدرجا على القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، مع
إيران وسوريا، وهو وضع يفرض حظرا على مبيعات الأسلحة وقيودا على المساعدات الأمريكية.
ووفق ما اوردت الصحافة الامريكية صباح اليوم فإن مسؤولين سودانيين سيبقون خاضعين
لعقوبات تفرضها الأمم المتحدة مرتبطة بانتهاكات لحقوق الإنسان خلال الصراع في دارفور، لكن ذلك لا يقلل من الخطوة التي تعكس تقييما أمريكيا
بأن السودان أحرز تقدما في الوفاء بمطالب واشنطن ومنها التعاون في مكافحة الإرهاب والعمل
لحل صراعاته الداخلية والسماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى دارفور وغيرها
من المناطق الحدودية التي ينشط بها متمردون.
وفي ذات الاتجاه قالت هيذر ناورت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن
رفع العقوبات إقرار ”بتصرفات السودان الإيجابية المتواصلة“ لكنها قالت إنه ينبغي تحقيق
المزيد من التحسين، وذكرت إدارة ترامب حصلت على تعهد من السودان بأنه ”لن يسعى إلى
إبرام صفقات أسلحة“ مع كوريا الشمالية وأن واشنطن لن تتهاون في ضمان التزام الخرطوم”.

الي ذلك كشفت لزارة الصحة السودانية
عن حجم الأضرار الناجمة عن العقوبات الاقتصادية الأمريكية علي صحة المواطن والصحة العامة
في البلاد، وقالت إن العقوبات أثرت علي خطط الدولة في تقوية مجالات الصحة الوقائية
والعلاجية والتعريف بمخاطر الامراض، وكشفت في تقرير اعده اختصاصيون في المجال الصحي
إن العقوبات الاقتصادية الامريكية تسببت في تأخير سرعة الحصول علي معينات كشف وفحص
وتشخيص الامراض الوبائية.
وأضاف التقرير : الي جانب تأخير
التأكيد المعملي لبعض الأمراض الوبائية فضلا عن منع وحظر التعامل المباشر مع الجهات
الدولية المختصة في التشخيص المعملي وصعوبة استيراد الأجهزة والمعدات الطبية وقطع الغيار
للعديد من الاجهزة المتوقفة عن العمل بالاضافة الي ارتنفاع تكاليف استيراد الادوية
والمبيدات الخاصة بالوقاية من الاوبئة مثل الحمي النزفية وعدم توفر اللقاحات والامصال
وتحجيم المساعدات اللوجستية والدعم التقني وأجهزة ماسحات الحرارة المستخدمة في المطارات
ونقاط العبور لتشخيص امراض الجهاز التنفسي الفيروسي مثل وباء السارس والانفلونزا علاوة
علي ضعف الاستفادة من برامج التدريب وتأهيل الكوادر .
ولفت التقرير الي شكوي وزير
الصحة بحر ادريس ابو قرده خلال لقاءاته ممثلي وكالات الامم المتحدة بشأن الصحة من اثار
العقوبات الاقتصادية الامريكية علي القطاع الصحي في السودان ودورها في ازهاق العديد
من الأرواح بسبب الاعطال التي تحدث للاجهزة والمعدات الطبية خاصة في مجمعات العمليات
الجراحية وماكينات التخدير والاشعة اضافة الي العقبات التي صاحبت تقديم الدعم المالي
للسودان الذي يمر عبر عدة جهات ، خاصة وان العقوبات تسببت في خصم اكثر من 20%من الدعم
المالي المخصص للسودان في المجال الصحي .
وقالت وزيرة الدولة بالصحة فردوس
عبد الرحمن إن العقوبات الامريكية كان لها الاثر السالب علي القطاع الصحي في السودان
من خلال توقف العديد من الاجهزة والمعدات الطبية وتوقف المنح العلمية للكوادر الصحية
السودانية وانعدام الادوية بعد ضرب مصنع الشفاء للصناعات الدوائية .

واوضحت ان العقوبات انعكست آثارها
علي مرضي الامراض المزمنة والمتوطنة خاصة مرضي السرطان والكلي الامر اذي دفع رئاسة
الجمهورية باصدار قرارات مجانية العلاج لمرضي السرطان والكلي والطفولة الآمنة وعمليات
التوليد القيصرية لتجاوز آثار هذه العقوبات .
وقال محللون
اقتصاديون ان القرار تقضي تفاصيله بفك تجميد أصول الحكومة السودانية،
وهو ما ستستفيد منه شركات سودانية بما في ذلك شركات قطاع الطاقة الحيوي، خاصة وان العقوبات جعلت اقتصاد السودان
يعاني لعشرين عاما خاصة بعد العام 2011 عندما انفصل جنوب السودان الذي يملك ثلاثة أرباع
حقول النفط.
ورسم محافظ بنك السودان المركزي حازم عبد القادر صورة وردية للاقتصاد
السوداني بعد رفع العقوبات  بقوله لوكالة
انباء السودان الرسمية ”رفع الحظر يعني عودة الجهاز المصرفي السوداني للاندماج مرة
أخرى في الاقتصاد العالمي… هذا يعني تسهيل المعاملات المصرفية مع العالم الخارجي
وتسهيل انسياب وزيادة موارد النقد الأجنبي والاستثمارات الأجنبية بالبلاد وتخفيض تكلفة
التمويل والمعاملات الخارجية“.
واتفق معه وزير الزراعة والغابات عبد اللطيف عجيمي عندما قال ”قرار رفع العقوبات
سيسهم في استقرار سعر الصرف الأمر الذي يجعل من الزراعة في تقدم“.
أما مدير البنك الزراعي السوداني، صلاح الدين حسن احمد، فيرى ان القرار يفتح
الابواب لنقل التكنولوجيا العالمية الحديثة فى المجال الزراعي لتطوير القطاع الزراعي
بالسودان باعتباره ثالث دولة ذات موارد زراعية ضخمة بعد كندا واستراليا .
وقال في تصريح (لسونا) ان رفع العقوبات عن السودان يجعل البنك يكثف العمل فى
نقل التقانات الحديثة مع شركات أمريكية كبرى في مجالات الري المحوري خاصة مضخات الري
و الصوامع والطاقة الشمسية وتقنية المياه مشيرا الى الاتفاقيات ألاربع المتعلقة بنقل
التقانات الحديثة مع شركات أمريكية كبرى والتى سبق ان وقعها البنك فى ابريل الماضي.
واضاف ان البنك سيستفيد من الخبرة العالمية في تطبيق التقانات الحديثة وتوفير
المدخلات والآليات و المعدات الزراعية مؤكدا ان رفع الحظر يعد انفراجاً للقطاع المصرفي
لتسهيل المعاملات المصرفية مع العالم الخارجي بهوامش ارباح بسيطة على القروض .
وأشار للاضرار التى لحقت بالقطاع المصرفى خلال فترة العقوبات الاقتصادية عليها
مما انعكس سلبا على القطاعات المختلفة، خاصة الزراعة بشقيها النباتي والحيواني فضلا
عن الخدمات التي يستفيد منها عدد من القطاعات كقطاع النقل الجوي والبري والبحرى والبنى
التحتية.

وفي قطاع المال والاقتصاد
قال سعود مأمون البرير وهو رجل اعمال شهير ويرأس اتحاد اصحاب العمل، إن القرار ياتي
في صالح القطاع الخاص وسيكون له آثار إيجابية واضحة ومباشرة على مسيرة وأداء الاقتصاد
الكلي، وعلى قطاعات الأعمال بصورة مباشرة؛ الى جانب الأثر الإيجابي فى التجارة الخارجية؛
بانتفاء كثير من تفاصيل التعقيدات التي صاحبت أداء الأعمال طوال العشرين عاما الماضية .

وأبان البرير: أن الآثار الإيجابية
التي يتيحها القرار تتمثل في استئناف نشاط المراسلين الخارجيين للمصارف وسهولة التعامل
مع مؤسسات وصناديق التمويل الإقليمية والعالمية
عالميا اثار القرار غضب الجماعات المدافعة عن حقوق الانسان والتي تري في
حكومة الرئيس عمر البشير اكبر منتهك لحقوق الانسان، وقالت أندريا براسو نائبة مدير
مكتب واشنطن في منظمة هيومن رايتس ووتش ”رفع هذه العقوبات بشكل دائم يبعث برسالة خاطئة
خاصة مع إحراز السودان تقدما ضئيلا للغاية في مجال حقوق الإنسان“.
ونقلا عن رويتر قال النائب الديمقراطي
بمجلس النواب جيم ماكجفرن إن قرار رفع العقوبات ”يضفي الشرعية على أعمال القتل التي
ارتكبتها حكومة السودان“ وحذر من أن ”أي نكوص سيدفع الكونجرس على الأرجح إلى إعادة
فرض العقوبات“.
ويشمل قرار رفع العقوبات في جانب منه إنهاء تجميد أصول حكومية سودانية، في وقت
يعاني فيه اقتصاد السودان، منذ انفصال جنوب السودان عنه، عام 2011، حيث استحوذت الدولة
الوليدة على ثلاثة أرباع حقول النفط.

ولم يتضمن القرار الأمريكي رفع السودان من قائمة الدول التي تعتبرها وزارة الخارجية
“راعية للإرهاب، ويعني بقاء السودان في هذه القائمة استمرار فرض قيود عليه،
منها حظر تلقيه المساعدات الأجنبية، أو بيع السلاح إليه.  

من جهتها رحبت جامعة الدول العربية
بقرار الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، وجاء في بيان للجامعة:
“رحب الوزير المفوض محمود عفيفي، بقرار إلغاء العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة
على السودان في عامي 1997 و2006، وذلك في إطار اعتراف الحكومة الأمريكية بالإجراءات
الإيجابية والمستمرة التي اتخذتها حكومة جمهورية السودان للحفاظ على وقف الأعمال العدائية
في جميع مناطق النزاع بالسودان، وتحسين وصول المساعدات الإنسانية، والتعاون مع الولايات
المتحدة في معالجة النزاعات الإقليمية ومواجهة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.”

وقال عفيفي إن القرار
“يلبي المطالب المتكررة لجامعة الدول العربية برفع جميع أشكال العقوبات ضد السودان،
سواء من خلال قراراتها الدورية في هذا الصدد، أو من خلال تحركها المشترك مع منظمة التعاون
الإسلامي والاتحاد الإفريقي، وذلك بهدف تمكين السودان من استكمال مسيرة تعزيز السلام
والتنمية”.