تحقيق: دارفور24. شهدت مدن اقليم دارفور منذ عامين تدفقاً يشبه الفيضان الزاحف لسيارات من
أنواع مختلفة الى دارفور من دول الجوار – ليبيا وتشاد
وأفريقيا الوسطى وجنوب
السودان – بطرق غير رسمية. اذ لا ليس بجوزة مستوردو تلك السيارات أية مستندات
تدعم ملكيتهم او شرائهم لها ,

بوكو حرام

وقد أطلق عليها السكان في دارفور اسم بوكو حرام نسبة لمقدم هذه السيارات في البدء من أفريقيا
الوسطى وتشاد الدولتان التان تنشط فيهما جماعة بوكو حرام المصنفة من قبل دول عديدة بالارهابية
الى جانب دول اخرى؛ بعيد مشاركة
مليشليات حكومية سودانية في الاطاحة بحكومة الرئيس بوزازي في بانقي وما صاحب تلك
الفوضي من عمليات نهب وسلب كبيرة طالت المواطنين والشركات والحكومة في العام 2014 .

أعداد السيارات

 يقدر
المتعاملون في تسويق سيارات البوكوحرام  اعداد السيارات – وبعضها تم تقنينه وترخيصه – بنحو 60 ألفاً وآخرين يقدرون عددها ب 100 ألف . لكن نائب الرئيس
السوداني حسبو عبدالرحمن قال في مطلع أغسطس من العام الجاري ان السيارات محل رغبة
الحكومة تقنين وضعيتها تقدر ب 60 ألف سيارة .

تضارب الأرقام

ولا زالت تتضارب المعلومات حول اعداد السيارات التي دخلت الى دارفور خلال
العامين الماضيين، ففي الوقت الذي تقدرها السلطات الرسمية بنحو (60) ألف سيارة يشير مراقبون الى ان اعدادها تفوق ال(100) الف، ومرت اجراءات
تقنين هذه السيارات بعدة مراحل، ففي منتصف العام (2016) نفذت حكومات ولايات دارفور
حملة لتقنين السيارات تمكنت من تسجيل وجمركة وترخيص أكثر من (15) ألف سيارة
بولايات جنوب وشمال وغرب دارفور، وبحسب افادات العقيد
شرطة عاصم عبد العزيز مدير الجمارك بشمال دارفور وقتها تم تسجيل وجمركة وترخيص
أكثر من (12) ألف سيارة في الحملة الثانية في شهري اكتوبر ونوفمبر من العام
الماضي، فيما اشار مدير ادارة المرور بشرطة الولاية العقيد عبد الله علي ابراهيم
الى انه تم رفع البيانات الخاصة بالمركبات الى اللجنة
العليا بالخرطوم وتمت مراجعتها عبر الدائرة الفنية بادارة المرور، وشعبة مكافحة
سرقة المركبات بادارة المباحث الجنائية، وشعبة مكافحة التهريب بادارة الجمارك،
فضلا عن شرطة الانتربول للمركبات الخاصة بالمنظمات الدولية، مضيفاً انه بناءءً على تقرير اللجنة تم نشر كشوفات المركبات التي ليست لها
اي مشاكل ومن ثم اكملت اجراءات تقنينها.

مخاطر أمنية

وتزامن دخول هذه السيارات الى ولايات دارفور مع فترة انفلات امني شهدها
الاقليم الأمر الذي جعل منها اداة لارتكاب الكثير من جرائم القتل والنهب والخطف
لجهة انها سيارات لا تحمل لوحات مرورية، وليست هناك اي علامات
تفيد على التعرف عليها او على من ارتكب بها الجريمة، وخلق هذا الوضع ضغطاً كبيراً
على حكومات الولايات في ظل مطالبات السكان بوضع حد للجرائم التي ترتكب بهذه
السيارات، اضطرت الحكومة على اثرها لاتخاذ اجراءات لتقنين وضعية سيارات
(بوكوحرام)  بفتح نوافذ الجمارك والترخيص بكل
الولايات، واصدار توجيهات بمنع دخولها الى دارفور بحسب قول والي جنوب
دارفور آدم الفكي الطيب في مؤتمر صحفي في الواحد وعشرين من أغسطس 2017 .

خطوات حكومية لتقنين
السيارات

في ابريل من العام (2016) اصدر الرئيس السوداني عمر البشير قرارا حمل الرقم
(255) قضى بتقنين هذه السيارات، تمهيداً لحسم ظاهرة الانفلات الامني التي ارتبطت
بها، وبناءً على ذلك تم تكوين لجنة لتقنين وحصر
السيارات غير المرخصة بدارفور وتضم في عضويتها كافة الوحدات الأمنية منها الشرطة
والاستخبارات والأمن الاقتصادي ووزارة المالية والجمارك والمكافحة، وتتلخص طبيعة
عمل اللجنة في حصر وتقنين العربات المخالفة للقانون بدارفور، بما فيها سيارات
اللاندكروزر التي يطلق عليها محلياً (س، ح) وهي سيارات
يمتلكونها جنوداً من قوات (حرس الحدود) التي تصنف ضمن مليشيات نظام الخرطوم.

أمراً جديداً من الرئيس

في يناير من العام (2017) اصدر الرئيس السوداني عمر البشير قرارا لحظر دخول
السيارات بالطرق غير
الرسمية للبلاد، ووجه بتوفيق اوضاع السيارات الموجودة
بالداخل ومصادرة اي عربة يتم ضبطها في الحدود، وبعد مضي
نحو (7) اشهر دشن نائب الرئيس السوداني حسبو محمد عبد الرحمن الذي اوكلت له رئاسة
لجنة جمع السلاح وتقنين السيارات التي لا تحمل مستندات دشن في اغسطس الماضي
المرحلة الثالثة لتقنين سيارات (بوكوحرام) وابدى حسبو خلال جولة على ولايات دارفور صرامة في التعامل مع هذا الملف، وقال ان هذه
السيارات التي دخلت دارفور ارتكبت ببعضها جرائم في دول اوروبية، وهي مسجلة لدى
البوليس الدولي الانتربول وقال (ان السودان دولة موقعة على اتفاقيات دولية
وتحترمها لا يمكن ان تكون مكباً للجرائم معبراً لها)
وقال حسبو ان هذه الحملة فقط معنية باكمال اجراءات السيارات التي بدأت اجراءات
تقنينها في المرحلة الثانية، لكنه تراجع عن ذلك بعد اسبوع من عودته الى الخرطوم
وفتح الباب أمام تقنين كل السيارات المتواجدة في اقليم دارفور، ووجه بتسهيل
اجراءات السداد لملاك السيارات في حال عجزهم عن الايفاء
برسوم التسجيل والجمارك والترخيص، وشدد في الوقت ذاته باغلاق معابر الحدود مع دول
الجوار وعدم السماح لدخول أية سيارات جديدة، واشار تجاني علي احمد احد الشباب
الذين يعملون في تجارة السيارات غير المقننة بسوق نيالا ان السلطات في جنوب دارفور شرعت في اكمال اجراءات السيارات التي المسجلة والمحصورة
في المرحلة الثانية من عمليات التقنين بينما هناك سيارات غير مسجلة لازال ملاكها
ينظرون فتح باب التقنين- علي حد قوله-

مثالب ومناقب

رغم ان الحكومة اشارت الى حجم السلبيات التي خلفها انتشار سيارات
(البوكوحرام) الا ان السكان هنا في دارفور يشيرون الى
الكثير من الايجابيات التي حققتها هذه السيارات ابرزها انها مكنت أكبر عدد من
السكان على امتلاك سيارات بفضل اسعارها الزهيدة والتي لا يتجاوز سعر السيارة (30%)
مقارنة بسعرها في الخرطوم، علاوة على ذلك انها اتاحت فرصاً لأكبر عدد من الشباب للعمل في تجارتها وآخرون يعملون في قيادة هذه
السيارات من الحدود التي دخلت عبرها الى مدن دارفور مقابل مبالغ مالية مقدرة، وفوق
علي ذلك يقول الصحفي حسن حامد ان سيارات (البوكوحرام) رغم سلبيات على الاقتصاد
القومي الا انها وفرت فرص عمل لمئات الشباب بدارفور
وبفضلها انتقلت اسر من خانة الفقر والعوز الى اسر منتجة ذات دخل اقتصادي، واشار
حسن حتمد الى انها سهلت المواصلات بين مدن دارفور خاصة تلك التي تربطها طرق اسفلت،
واضاف ( الآن بفضل حافلات (استايريكس) اصبحت خطي مدن نيالا- كاس، ونيالا- عد
الفرسان كأنها مواصلات داخلية متوفرة في اي وقت وبتعرفة
مناسبة).

فوائد ومضار اقتصادية

في الاثناء تتحدث الحكومة عن جملة من الاضرار التي ألحقتها سيارات
(البوكوحرام) على الاقتصاد القومي للبلاد وزعم نائب الرئيس السوداني حسبو محمد عبد
الرحمن انها وراء انخفاض سعر العملة المحلية (الجنيه السوداني) مقابل الدولار الامريكي، بجانب عدم دخولها بالقنوات الرسمية افقد الدولة
الكثير من الاموال التي تفرضها الحكومة كرسوم وجبايات وجمارك على الواردات، فضلا
عن انها استخدمت كوسيلة لارتكاب جرائم القتل والنهب والخطف، علاوة على ان اغلب
حوادث المرور الي ترتكبها هذه السيارات يهرب سائقوها
ولن تكون هناك وسيلة للقبض عليه لجهة انها سيارات لا تحمل لوحات مرورية يصعب
التعرف عليها بجانب ان بعضها ارتكب بها جرائم في دول أخرى ومطاردة بواسطة شرطة
الانتربول- على حد قول نائب الرئيس السوداني-
وسادت في الوقت ذاته المخاوف الكثيرين عندما اعلنت الحكومة في اغسطس الماضي مصادرة السيارات التي لم تكمل اجراءاتها
الرسمية قبل ان تتراجع الحكومة عن قرارها وتعلن عن تسهيل الاجراءات وسداد الرسوم
بالاقساط، وجاءت مخاوف المواطنين لجهة ان هناك من رهن عقاراتهم للبنوك من اجل شراء
سيارة، وقال موظف في احد البنوك بنيالا- (لدارفور24)
فضل حجب اسمه- ان البنوك بنيالا شهدت في الفترة الاخيرة اكبر موجة لرهن المنازل
مشيراً الى ان اغلب هذه الرهانات ذات صلة بشراء وتقنين سيارات (بوكوحرام) وذكر ان
قرار مصادرة السيارات غير المقننة كان سيتسبب في آثار اقتصادية كارثية بولايات
دارفور لا تقل فظاعة عن آثار (سوق المواسير) المشهور
الذي ظهر في عاصمة شمال دارفور الفاشر قبل سبعة سنوات.
لكن الكثير من تحدثت معهم دارفور24 يرون ان الحكومة لم
تقدم على منع دخول سيارات (بوكوحرام)  الا بعد تعرضها لضغوط خارجية بالاضافة
الى شكاوى اصحاب معارض السيارات في الخرطوم، الذين
تسببت لهم في ركود في حركة شراء السيارات، في وقت لجأت فيه بعض المعارض الى شراء
كميات كبيرة من السيارات من مدن دارفور ونقلها لمعارضهم بالخرطوم.