التقرير:دارفور24
  على الرغم من التباطؤ الذي مر به الاقتصاد
العالمي مؤخرا وضعف الأداء الاقتصادي لأفريقيا، وما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة
للإدماج والاستدامة، إلّا أن توقعات النمو في أفريقيا على المدى الطويل لا تزال
تبشر بالخير.
هذا ما خلص إليه التقرير
الاقتصادي لأفريقيا لعام 2017، الذي صدر الخميس الماضي في العاصمة الرواندية
كيغالي. إذ يؤكد التقرير أن الأسس طويلة الأجل للقارة لا تزال قوية، حيث ستستفيد
وتيرة النمو من العائد الديمغرافي وجدول أعمال التصنيع والتحول الهيكلي.
وبحسب التقرير، الذي تلقته
“دارفور24” تعد أفريقيا ثاني أسرع المناطق الحضرية نموا بعد آسيا، حيث
سيعيش غالبيتها في المناطق الحضرية في غضون 20 عاما. وبالتالي، فإن التوسع الحضري
هو اتجاه محدد للقارة. 
ويشدد التقرير الذي اعدته
اللجنة الاقتصادية التابعة للامم المتحدة والمعنية بتقيم وضع الاقتصاد في العالم، على
أن البلدان الأفريقية، من خلال أطر السياسات الصحيحة الراسخة في التخطيط الإنمائي
الوطني، يمكن أن تستفيد من زخم التحضر للتعجيل بالتصنيع من أجل مستقبل أكثر
ازدهارا وإنصافا.
وكشف التقرير ان افريقيا سجلت
نموا اقتصاديا متواضعا (1,7%) في عام 2016، لم تشهده منذ بداية الألفية، و أنخفض
معدل النمو الاقتصادي من 3,7% في عام 2015 لأسباب خارجية وداخلية،  تمثلت الأسباب الخارجية في أستمرار إنخفاض اسعار
السلع الأولية منذ عام 2014 والتي تمثل الجزء الأكبر من الصادرات الإفريقية، حيث
يشكل البترول ومشتقاته 55% من إجمالي الصادرات بينما تمثل السلع المصنعة حوالي
18%، فأرتفع العجز في الميزان الجاري إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي. كذلك
تأثرث افريقيا وبشدة بتباطؤ الاقتصاد الصيني فتراجعت الصادرات الافريقية للصين من
أعلى مستوياتها في 2013 (116 مليار دولار) ألى 68 مليار دولار. كذلك تأثر النمو
الاقتصادي للقارة بارتفاع معدل سعر الفائدة العالمي، والذي أثر سلبا على قدرة
الدول الإفريقية على الأقتراض الخارجي .
واشار التقرير انة أنعكست
الظروف المناخية السيئة سلبا على الإنتاج الزراعي لبعض الدول مثل المغرب والجزائر
ومالاوي، وتأثر الأداء الاقتصادي لدول وسط افريقيا بعدم الأستقرار السياسي والأمني
التي تمر بها بعض الدول مثل افريقيا الوسطى.ويعكس الأداء الاقتصادي لافريقيا ضعف أداء
الاقتصادات الكبرى بالقارة حيث أنكمش الاقتصاد النيجيرى بحوالي 1,6%، بينما نما
الاقتصاد الجنوب افريقي ب 0,6%، والمصري بحوالي 3,4%.
بينما أختلف الأداء
الاقتصادي بين المناطق الخمس، فأستمرت منطقة شرق افريقيا في تحقيق معدلات اقتصادية
مرتفعة (5,5%) أعتمادا على زيادة الاستثمار في البنى التحتية وزيادة الإنفاق الخاص
على الإستهلاك ونمو السوق المحلي. وأنخفض النمو الاقتصادي بشدة في منطقة غرب
افريقيا من 4,4% لإلى1.5% متأثرا بإنكماش الاقتصاد النيجري. وخالفت كل من السنغال
وساحل العاج هذا الأتجاه وسجلتا معدلات نمو مرتفعة محققة 6,3% و 8% على التوالي.
وأنخفض معدل النمو الاقتصادي في منطقة الجنوب من 2,5% إلى 1% متأثرا بالأداء
الضعيف لجنوب افريقيا وأنجولا، بينما حققت موريشس وموزمبيق معدلات نمو جيدة (3,6%
، 4,2%). وشهدت منطقة شمال افريقيا نموا بلغ 2,6% متأثرا بإنخفاض عائدات البترول
في الجزائر، وضعف القطاع السياحي في مصر، وأنخفاض الأنفاق الحكومي والخاص في
المغرب. وفي منطقة وسط افريقيا أنخفض معدل النمو الاقتصادي إلى 2,4%.
كما أنعكس الأداء الاقتصادي
الضعيف للقارة على كافة المؤشرات الاقتصادية الكلية، فأرتفعت أسعار الفائدة ،
وأنخفضت قيم العملة الوطنية في العديد من الدول، وأرتفع معدل التضخم من 7,5% إلى
10%.
ومن المتوقع أن ينمو
الاقتصاد القاري لافريقيا بحوالي 2,6% في عام 2017، والذي يعد معدلا ضعيفا وبعيدا
عن معدل 7% المطلوب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقدم التقرير مجموعة من
التوصيات العملية لصانعي السياسات الاقتصادية، أهمها سرعة تنفيذ عملية التحول
الهيكلي نحو التصنيع، وسرعة الأندماج الأقليمي من خلال أتفاقية التجارة الحرة
القارية والمتوقع الإنتهاء من مفاوضتها بنهاية 2017.
تمثل أفريقيا، بالإضافة إلى
آسيا، مركز التحضر العالمي. ذلك أنها تمر بمرحلة انتقال حضري سريع، وهي مهيئة لأن
تكون أسرع منطقة في التحضر خلال العقود المقبلة. ففي عام 1990 لم يكن يعيش في
المناطق الحضرية الأفريقية سوى ثلث سكانها (31 في المائة)، أما بحلول عام 2035،
فمن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 49 في المائة.
واضاف التقرير  أن الطبقة الوسطى والاستهلاك الحضري في أفريقيا
آخذين في الزيادة، ومع تغير أنماط الاستهلاك، فإن الطلب على السلع المصنعة
والمعالجة يرتفع بدوره، مما يتيح فرصة كبيرة لتحقيق التصنيع. ويسلط التقرير الضوء
على صناعة السيارات، التي هي مجال يثبت قدرة السياسات الصناعية الأفريقية على
اختيار القطاعات ذات النمو المرتفع وتقديم الدعم لها. ويزداد الطلب الحضري كذلك
على الغذاء وتتغير أنماطه، مع تزايد عدد سكان الحضر الذين بدأوا في شراء حاجاتهم
الغذائية من سلاسل المحلات التجارية الكبرى. وعلاوة على ذلك، تواجه المدن
الأفريقية مشاكل كبيرة في تلبية احتياجاتها من المساكن الحضرية مما قد يتيح أيضاً
فرصاً أفضل لتحسين ظروف المعيشة الحضرية وتوفير فرص العمل في قطاعات البناء
والخدمات. وينجم عن التنمية الحضرية أيضاً طلبُ على الهياكل الأساسية العامة، حيث
يمكن الاستفادة من ذلك من خلال اتباع سياسات المشتريات ودعم الشركات المحلية
العاملة في صناعة البناء. كما يمكن للجماعات الاقتصادية الإقليمية في أفريقيا أن
تساهم في تعزيز المزايا الجغرافية الإقليمية وكذلك الأمر بالنسبة لمنطقة التجارة
الحرة القارية الجديدة.
الي ذلك اوضح التقرير ان
السياسات الصناعية  تسعي إلى الإجابة على
سؤالين إثنين هما: ما هي طبيعة المنتجات المطلوبة؟ وأين مكان إنتاجها؟ وكلاهما له
أبعاد مكانية. وينبغي أن توضع الاستراتيجيات وفقا للاحتياجات المكانية للقطاعات
والشركات المستهدَفة، وأن يجري تطوير أنواع مختلفة من المدن لتتناسب مع الاحتياجات
المختلفة للصناعات. ذلك أن الاستهداف المكاني هو الذي يحدد نوعية الصناعات التي
توجد في مكان معين، وكذلك تحديد المدن والمناطق الحضرية التي ينبغي أن تحظى
بالأولوية عند القيام باستثمارات معينة في مجال الهياكل الأساسية.
ولما كانت سلاسل الإنتاج
الصناعي قائمة وتعمل على خلفية جغرافية، فإن المدن والروابط القائمة بينها يجب أن
تكون موضوع التخطيط. وتحتاج البلدان إلى اعتماد الاستهداف المكاني من خلال توجيه
الاستثمارات وتحديد أولوياتها بطريقة استراتيجية للاستفادة من المزايا الحضرية
للتنمية الصناعية والتوفير في الموارد الشحيحة. ويجب أن يجري هذا الاستهداف
تقييماً لفوائد الاستثمار وتكاليفه في مختلف المدن لمقارنة عوائد الاستثمارات في
مواقع مختلفة، ولكن يجب عدم إهمال المدن المركزية القائمة لأنها ستظل محورية في
التنويع والنمو الاقتصاديين.