قبل عامين اصطحب الحاج (ادريس عبد الرحمن) ابنه (حبيب) – عشر عاماً- من محلية رهيد البردي الى احدى خلاوي تحفيظ القرآن الكريم بعاصمة جنوب دارفور نيالا وهو يأمل ان يعود إليه بعد سنوات حافظاً لكتاب الله، لكن ذهبت رياح الاقدار على غير ما هوت سفينة الحاج ادريس حيث خرج الحبيب من الخلوة هرباً لينضم الى ثلة من الاطفال الذين قذفت بهم اسباب أخرى اضافة لازمة دارفور الى عوالم التشرد، حتى فاقت اعدادهم (2974) بحسب احصائية حكومية اجريت في العام (2011)م، وبعد تجوال على مدن الجنينة عاصمة غرب دارفور وسرف عمرة بشمال دارفور عاد الى مدينة نيالا، في وقت شرعت فيه الجمعية الافريقية لرعاية الامومة والطفولة بجنوب دارفور قبل ستة اشهر في اجراء دراسة لحالات الاطفال المشردين بطرقات مدينة نيالا بغرض تجميعهم ولم شملهم مع ذويهم،

فكان (حبيب) ضمن (26) طفلاً تم ايوائهم في مقر الجمعية لمدة ستة اشهر توطئة للاحتفال بتسليمهم الى اسرهم والذي تم اليوم الثلاثاء، وهو احتفال درجت الجمعية على تنظيمه بصورة دورية ، واشار مدير مركز نيالا لتنمية قدرات الاطفال المشردين التابع للجمعية ان عدد الاطفال المشردين الذين تم لم شملهم مع اسرهم خلال الستة اشهر الماضية بلغ (107) طفل من ولايات دارفور ودول الجوار، وابان ان المركز يعمل وفق تنسيق مع وزارة الشئون الاجتماعية ومنظمة اليونيسيف ووحدة حماية الاسرة والطفل بالولاية عبر محوري التشرد الجزئي والكلي للأطفال، مشيراً الى ان المركز تمكن حتى الآن من لم شمل (8) دفعة من الاطفال المشردين، بجانب تدريب (169) منهم في المجالات الحرفية (الحدادة، النجارة، والحياكة، والكهرباء وغيرها)  وذكر ان الاطفال الذين يتم تسليمهم الى ذويهم تلقوا جرعات في مجال الدعم النفسي والاجتماعي واكاديمي عبر المنهج الدراسي المضغوط لليافعين، واوضح ان الدراسة الاجتماعية للمشردين وفرت لهم معلومات كافية عن اسرهم بولايات دارفور الاخرى ودول ودولتي افريقيا الوسطى وتشاد، منوهاً الى انه سيتم ترحيل هؤلاء الاطفال برفقة المرشدين الاجتماعيين بدعم من منظمة اليونيسيف ليشهدوا عملية لم الشمل، ونبه سنين الى انه بالإضافة الى التشرد الذي تتسبب فيه النزاعات هناك نسبة كبيرة من الاطفال يتشردون من خلاوي تحفيظ القرآن الكريم، ودعا الى ضرورة معالجة هذا الخلل الذي يوجد بالخلاوي.

فيما قال مدير الجمعية الافريقية لرعاية الامومة والطفولة الهادي سعيد الى قضية الاطفال فاقدي الرعاية الابوية تحتاج الى تضافر جهود كل المجتمع المحلي، منوهاً الى ان الجمعية استضافت هؤلاء الاطفال بتمويل من رئاستها في الخرطوم دون ان يوجد أي دور للمؤسسات الولائية، ما عدا المساهمة التي يقدمها ديوان الزكاة من وقت لآخر، وتابع (سنبدأ الان التحضير لاستقبال مجموعة اخرى من المشردين بغرض تأهيلهم واعدادهم للم شملهم مع ذويهم.

الى ذلك قالت مدير مشروع الحماية بمنظمة اليونيسيف (نجلاء الصويم) ان المنظمة تهتم بكيفية منع انفصال الاطفال عن ذويهم، وتعمل مع المجتمع المحلي لأن تكون للأسر آلية قوية لمنع خروج تشرد الاطفال، مشيرة الى انه بحسب ما توصلت إليه المنظمة فإن انفصال الاطفال عن اسرتهم وتشردهم له علاقة بالفقر.

واجتمع الحاج ادريس مع ابنه حبيب بجانب سيدة من جنوب السودان لديها طفلان وسط مشاعر فرح ودموع الحاضرين في الاحتفال، ووقعا على وثيقة اعدتها الجمعية الافريقية لرعاية الامومة والطفولة يتعهد فيها ولي امر الطفل برعاية اطفل وعدم التفريط فيه مرة اخرى.