في مظهر غير مألوف مرضى مصابون بالجزام، تظهر آثار المرض بصورة واضحة على أطرافهم، يستظلون تحت “رواكيب” بنيت بالمواد المحلية، يضعون داخلها وعلى الأرض مباشرة أدوية بشرية بكافة أنواعها ويقدمون الوصفات العلاجية للمرضى الذين يقصدونهم.

وكشفت جولة لـ (دارفور24) في سوق الجنينة عن وجود مرضى بالجزام يعملون في تجارة الأدوية يفترشون الأرض ويقدمون وصفات علاجية للمرضى، حيث يتخذ هؤلاء مكاناً لعرض تجارتهم يقع جنوب غرب مستشفى الجنينة قبالة دار حزب المؤتمر الوطني من الناحية الجنوبية.

ويقول العديد ممن يرتادون المكان إن هذه الفئية تتصف بالشراسة ولا يريدون التعامل او التحدث مع اي شخص سوى مرضاهم، واذا سألهم شخص ما عن أدويتهم ربما يجبرونه على شرائها.

وتجول مراسل (دارفور 24) داخل السوق وشاهد عشرات “الرواكيب” منتشرة بلا ترتيب عليها كل أصناف الأدوية مفروشة على البسيطة بطريقة عشوائية.

هنا ربما لا تجد الوصفات الطيبة التي تكتبها شركات الأدوية وتوجه فيها بحفظ الأدوية في مكان محدد بمواصفات معينة حتى لا تتأثر الأدوية بالطبيعة وتفقد صلايحيتها بالتلف.

بعض بائعي الأدوية تظهر عليهم آثار المرض بصورة واضحة خاصة على أطرافهم وآخرون انتقلت الآثار إلى عيونهم الأمر الذي تسبب في جحوظها بصورة بائنة.

أعمارهم تبدو متباينة، بعضهم في العقد الخامس وآخرون في الثلاثين من العمر، ورغم أن تُجار الأدوية والصيادلة في الغالب تدل مظاهرهم على أنهم من الطبقة الراقية إلا أن مظهر هؤلاء يدل على فقرهم وعوزهم فأوضاعهم بائسة وثيابهم رثة.

ومن خلال الجولة تبين أن بعضهم لا تظهر عليهم علامات مرض الجزام، وعقب الاستفسار أتضح أن بعض التجار غير مصابون بالمرض لكنهم يحتمون بالمصابون في عرض بضائعهم.

ولاحظت (دارفور24) أن كل “راكوبة” وهي بناية من القش، يستظل بها نحو إثنان او ثلاثة أشخاص اتضح فيما بعض أن بعضهم مهربين أدوية من خارج الحدود وبعضهم سماسرة.

وطبقاً للمعلومات التي تحصلنا عليها فإن هؤلاء فوق بيعهم للأدوية فإنهم ينشطون في تجارة الممنوعات خاصة المنشطات الجنسية وفي الغالب الأعم يتخذون لها أسماء متعارف عليها فيما بينهم مثل “ابو أسد، او النجمة”، فضلاً عن تجارة كريمات تفتيح البشرة.

وقالت مصادر إن أغلب زبائن هؤلاء “التجار المرضى” من وجهاء المدينة والموظفيين، ورصد المراسل ان بعض النسوة اللائي يشترين منهم يخفين ملامحهن بالثياب، كما ان أغلب الوصفات التي يقدمونها لا تمت بصلة للوصفات الطبية الحقيقية.

وكشفت مصادر تحدثت لـ (دارفور24) أن بعض الأدوية المفروشة يستوردونها من الخرطوم، وأخرى يشترونها من الوكالات الطبية لتجارة الأدوية، لكنهم يشتهرون بالأدوية الغربية التي تدخل عبر تشاد من ميناء “كتونو”.

ويعتقد كثير من سكان مدينة الجنينة أن أدوية المجزومين أصيلة وجيدة، وأضافت المصادر “في هذا السوق دوية حديثة للاجهاض ومخدرات الترامدول”.

وكانت السلطات في محلية الجنينة على عهد المعتمد الطاهر بحر الدين، قد أزالت السوق وقطعت الشجرة التي تعرف باسم “شجرة المجزمين” لأنهم يديرون تجارتهم من تحتها إلا أنهم عادوا إلى تجارتهم مرة أخرى بعد مغادرة المعتمد لمنصبه.

وقال صيدلي رفض ذكر اسمه لـ (دارفور 24) إن أغلب الأدوية التي يتاجر بها “المجزومين” غربية وتأتي من دول الرقابة فيها ضعيفة.

وأضاف “بعض الأدوية مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات كما أنهم لا يملكون الخبرة التي تؤهلهم الى تقديم الوصفة الطبية الصحيحة. مؤكداً وجود مشكلة في التخزين وطريقة العرض التي تجعلها عرضة لأشعة الشمش والتلف، مردفاً “قد تتفاعل مع درجة الحرارة وتنتج مواد سامة”.

وقال إن أغلب التجار لا يجيدون القراءة ولا الكتابة ويعتمدون في تقديم الوصفات واسماء الأدوية على ألوان الكراتين او الرسومات. وتابع “بذلك يتخذون اسماء محلية للأدوية يتداولونها فيما بينهم”.

وأشار إلى أن جهود الحكومة في مكافحتهم بدأت منذ زمن طويل لكنها لم تفلح في محاربتهم بشكل كبير رغم الخطورة في ما يعملون فيها.