تعرض النازح عيسى جبريل صالح، البالغ من العمر 32 عاما ويعمل كبائع متجول لخسائر كبيرة شلت حركته التجارية البسيطة جراء حملات شرطة النظام العام بمحلية نيالا عاصمة جنوب دارفور، مما اضطر إلى العمل ككمساري في المواصلات العامة ليعول أفراد أسرته القاطنين بمعسكر “سكلي” في ضاحية “تكساس” جنوب مدينة نيالا.

هلاك رأس المال

يقول جبريل لـ “دارفور24” إنه تعرض لأكثر من ثلاث مرات لحملات الكشة التي تنظمها بلدية نيالا بواسطة شرطة النظام العام في السوق حيث تم القبض عليه وتقديمه لمحكمة النظام العام.

وأوضح أن المحكمة غرمته ثلاث مرات في محاكمات منفصلة كلفته مبلغ 7500 جنيه حيث استنفذت الغرامات رأسماله المتواضع تماماً، مشيراً إلى أن العقوبة البديلة هي السجن بما يزيد عن الشهرين.

وذكر جبريل أنه كغيره من الباعة المتجولين يعول أسرة تتكون سبعة أفرادفي ظروف غاية التعقيد بعد وفاة والده قبل عشرة سنوات في اعقاب هجوم نفذته مليشيات مسلحة على قريتهم “سنيطة” التابعة لمحلية كاس، بجنوب دارفور.

وأشار إلى أنهم كنازحين فضلوا السكن بالقرب من المدينة لايجاد سبل الرزق، مبيناً انه اضطر إلى العمل ككمساري للحصول على مبلغ 100 جنيه في اليوم وهو مبلغ لا يغطي نصف نفقات الحياة في اليوم الواحد.

عمالة الأطفال

وبخلاف جبريل فهنالك العديد من الباعة الجائلين خصوصاً في سن الأطفال أجبروا على الأعمال البسيطة الهامشية في الأسواق لإعالة أسر غاب عنها رب البيت بسبب الحرب في دارفور، ويمتهن هؤلاء الصبية أعمال مثل “الورنيش، وعمالة الدرداقات اليدوية، وبيع الأكياس”.

ومع ذلك ظلت سلطات البلدية تلاحقهم خلال حملات تنفذها شرطة النظام العام لتنتهي بهم امام المحاكم الايجازية بها قضاة لا يترددون في ايقاع عقوبة الغرامات المالية.

وشهدت محكمة النظام العام بنيالا خلال الثلاث شهور الماضية محاكمة المئات من المواطنين بمخالفة قوانين النظام خاصة المتعلقة بالأسواق بعد كسر محلات تجارية بالسوق الشعبي وموقف الجنينة.

محاكم ايرادية

وأكد مصدر في المحكمة لـ “دارفور 24” أن محكمة النظام العام بنيالا أصبحت محكمة ايرادية أكثر من انها محكمة لتطبيق القانون، موضحاً أن الأحكام الخاصة بالسجن هي الأنسب بالنسبة لمتعاطئ المخدرات والخمور لكن المحكمة مالت إلى الجانب التغريمي لزيادات ايرادات المحكمة.

وذكر أن أكثر من 7 ألف بلاغ تقريباً تم الفصل فيها امام محاكم النظام العام بالولاية خلال العام 2018، موضحاً أن 90% من هذه المحاكمات انتهت بالغرامة.

وأضاف “هذه الغرامات أصبحت مصدر ايراد أساسي وان تخصيص نسبة 20% لقاضي المحكمة كحافز له جعل القضاة يركزون على الغرامات”.

يذكر أن محاكم النظام العام هي محاكم ايجازية تنفيذ أحكام القانون وغالباً لا تتيح الفرصة للمتهم حتى يقدم لنفسه حق الدفاع كتمثيل المحامي، كما تكون أحكامها ما بين السجن والجلد والغرامة وفورية التنفيذ.