وضع مشروعو الحكومة قانون الطواريء لمعاقبة عتاد المجرمين الذين تدور حولهم اتهامات من شأنها ان تهدد أمن البلاد، ليس امام المحاكم وإنما بواسطة السلطة التنفيذية، لجهة ان قانون الطوارئ يسحب بعض الصلاحيات من السلطات التشريعية والقضائية وإسنادها إلى السلطة التنفيذية.

لكن الشاهد أن الحكومة السودانية خصوصاً في دارفور لجأت لاستخدام قانون الطورائ، ضد مخالفيها في الرأي من السياسيين ورجال الدين والإعلاميين والنشطاء الشباب، فكلما شعرت الحكومة بنشاط من أحدهم لا يتماشى مع سياساتها أصدرت أوامر بحبس صاحب النشاط وفقاً قانون الطوارئ.

رجال دين في السجن

ترصد هيئة محامي دارفور في تقرير مفصل حالات الاحتجاز والحبس لمواطنيين بولايات دارفور المختلفة وفقاً لقانون الطوارئ، بطريقة تعتبرها منتهكة لحقوق المحتجزين في الحرية والتعبير.

في ولاية غرب دارفور وتحديداً مدينة الجنينة، بدأ الشيخ يوسف عبدالله أبكر، خطيب إحدى مساجد المدينة يتناول في خطبه قضايا المجتمع واحتياجاته، وفي ذات الوقت يتجاهل توجيهات إدارة الشئون الدينية بوزارة الرعاية والشئون الاجتماعية ـ هي جهة حكومية مسؤولة عن توجيه خطب المساجد ـ لتفادى النقد الوعظي عنبر منبر الجمعة.

إزاء ذلك أصدرت لجنة أمن الولاية قراراً بسجن الشيخ يوسف وتحويله الى سجن بورتسودان، وبعد ان مكث في السجن أكثر من سنة، وافقت الحكومة على إطلاق سراحه بشرط ان لا يعود الى مدينة الجنينة، بحسب التقرير.

كما تعرض الشيخ الضرير مطر يونس، بولاية وسط دارفور الى المنع من امامة المصليين في جامع مدينة زالنجي قبل ان تحاكمه السلطات بالسجن بقانون الطوارئي وترحله الى كوبر بالخرطوم، قبل ان تطلق سراحه بعد حوالي 3 شهور بشرط منعه من إمامة الصلاة.

ويرى البعض ان سجن الحكومة للفقهاء وأئمة المساجد، يفضح مشروعها الديني الذي سعت لمخاطبة عقول البسطاء به منذ أول وهلة بقولها إنها جاءت من أجل تمكين الدين.

أطفال في السجن

ويشير التقرير إلى أن أجهزة الأمن بمدينة الفاشر بشمال دارفور قامت في يناير الماضي باعتقال نحو 10 أطفال وتقديمهم للسلطة التنفيذية لتصدر أوامر بحبسهم 3 شهور وفقاً لقانون الطوارئ، على خلفية مظاهرات لتلاميذ المدارس احتجاجاً على انعدام الخبز وارتفاع الأسعار، وبعد مضي أكثر اسبوعين وافقت الحكومة على إطلاق سراح الأطفال.

وكذلك الصحفيون

في مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور يقول تقرير هيئة محامي دارفور إن السلطات الأمنية اعتقلت عدد من النشطاء الشباب من بينهم الصحفي آدم مهدي حسب الله، وعاقبتهم بالسجن لمدة ثلاثة أشهر، قبل ان تستجيب والي الولاية لمطالبات أسر المعتقليين بالافراج عنهم بعد أن مكث بعضهم أكثر من 20 يوماً في سجن كوبر بنيالا.

وتعرض بمدينة الضعين حاضرة ولاية شرق دارفور أكثر من 10 شاب للمحاكمة بقانون الطوارئ بأوامر صادرة من لجنة أمن الولاية برئاسة الوالي أنس عمر من بينهم محاميين وسياسيين وإعلاميين بحجة التورط في الاحتجاجات الشعبية أو التخوف من تأجيجها.

وجهة نظر قانونية.

وصفت هيئة محامي دارفور استخدام قانون الطوارئ الطوارئي بالمعيب، لجهة أن القانون شُرِع من أجل محاكمة كبار المجرمين وليس ضد النشطاء السياسيين أو المخالفين للحكومة، وجاء في بيان للهيئة “إن إستخدام الحكام وولاة الولايات قانون الطوارئي هو انتهاك لحقوق الخاصة والعامة وإفساد للحياة السياسية”.

وأضاف البيان أن أحكام قانون الطوارئي أحكام غير دستورية ومخالفة قانونية، مشيراً إلى أن المحكمة الدستورية ألغت حكماً ضد أحد الأشخاص وهو “ضيف الله قلقات النمر” الذي عاقبه والي شرق دارفور بالحبس وفقاً لقانون الطوارئ، لكن الدستورية أمرت بإطلاق سراحه في الحال.