الخرطوم: بحري: أمدرمان: خالد فتحي

فاجأت أمبدة، قوات الأمن والشرطة بموكب غير معلن وضج الموكب بالزغاريد والهتاف وتغنى المتظاهرون بأهزوجة شعبية تندد بـ(الكيزان) وتصرفاتهم وإرشادهم على منظمي التظاهرات داخل الأحياء لاعتقالهم.

ورفع المتظاهرون الذين خرجوا استجابة لنداء تجمع المهنيين السودانيين وقوى إعلان الحرية والتغيير بتنظيم موكب لأجل “العدالة وأمهات الشهداء والمعتقلين وشهداء الجنينة، واللاجئين والنازحين ومفصولي الخدمة المدنية ومتضرري السدود والعمال والمزارعين” اليوم الخميس؛ شعارات تطالب بسقوط النظام كتبت باللغتين العربية والإنجليزية.

وفي أمدرمان فرضت قوات الأمن طوقا على ميدان البوستة أمدرمان خوفا من اندلاع شرارة التظاهرات هناك ووقف أفراد الأمن الذين أغلقوا المداخل بعرباتهم بتوجيه العربات الأخرى بالسير باتجاه محدد بحجة أن الطريق مغلق لـ”دواع أمنية”..!!!
وعلى نسق ما حدث يوم الأحد الماضي، التحمت مواكب المتظاهرين في بيت المال وابوروف وودوناوي وود البنا وتحولت الى تظاهر حاشدة وهتفوا “تسقط بس”.. “الشعب يريد إسقاط النظام”.. “أي كوز ندوسوا دوس.. ما بنخاف ما بنخاف”.. وغيرها من شعارات الحرية والعدالة..

واقتحمت ما لا يقل عن (40) عربة “تاتشر” و”بوكسي” تابعة للأمن والشرطة تلك الأحياء لضرب وتفريق المتظاهرين الذين سببوا صداعا مستديما لقوات النظام منذ ديسمبر الماضي. وبث تجمع المهنيين نداء عاجلا بصفحته على الفيسبوك لفك الحصار عن أبوروف ومناطق أخرى وقال :”تتعرض منطقة أبوروف ومناطق أخرى لحصار شديد من قبل جهاز أمن النظام ومليشياته.

ندعو الثوار في كل الأحياء والفرقان بالعاصمة والأقاليم للخروج للشوارع ومواصلة التظاهر لفك حصار المناطق المشتعلة وتسجيل الحضور في هذه الأوقات التي ستخلد نفسها تاريخاً لسودان حر وشعب قاهر للظلم والاستبداد”.

وفي بحري خرج المتظاهرون في أحياء المزاد والمغتربين والشعبية وردت قوات الأمن والشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، وتحولت التظاهرة إلى عمليات كر وفر بين القوات الأمنية والمتظاهرين في الشوارع الداخلية للأحياء؛ وأظهر المحتجون صمودا وبسالة رائعة في مواجهة توغل عربات الأمن والشرطة.

وفي الدروشاب شمال وصلت طلائع الموكب إلى منزل الشهيدة سارة عبدالباقي وهم يرددون “لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله”.. وهتف معهم والد الشهيدة سارة :”تسقط حكومة المجرمين”..” تسقط حكومة المنافقين”..

وفي تحد جديد للترسانة الأمنية خرجت تظاهرات حاشدة في بري وأضرم المتظاهرون النار في إطارات العربات في نقاط عديدة بالشارع الرئيس، تدخلت قوات الأمن والشرطة لضرب وتفريق المتظاهرين بعنف شديد وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع بغزارة؛ مما أسفر عن إصابة عدد من المواطنين؛ نقلوا إلى مستشفى رويال كير لتلقي العلاج.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد مؤثرة لتحليق بالونات في سماء بري إحدى قلاع الثورة السودانية الصامدة، تحمل صورا لبعض الشهداء والمعتقلين وعلى رأسهم الدكتور محمد ناجي الأصم عضو سكرتارية تجمع المهنيين الذي لا يزال رهن الاعتقال منذ الرابع من يناير الماضي.

وحظيت صورة الأصم بتداول عال على مواقع التواصل الاجتماعي وتحولت صورة(البالون) لـ(بالون اختبار) لشعبية الأصم الجارفة وسط مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان والمهتمين بالحراك الشعبي على نحو خاص.. وكتب أبوبكر عبدالرازق على صفحته بالفيسبوك:” اليوم يا محمد ناجي الأصم حلقت صورتك وصوّر بقية رفاقك في سماء برّي، حلقت في مجاز للحرية كحمائم السلام، حلقت عاليًا عاليًا ولم تهبط، موذنة بقرب انكسار قيودكم، ودنو أجل النظام”..

وبات قطاع واسع ينظر إلى الأصم ورفاقه في تجمع المهنيين السودانيين بأنهم قادة المستقبل الذين يمكنهم العبور بالوطن إلى بر الأمان؛ لتحويل السودان إلى واحة تنعم بالحرية والعدالة والسلام والديمقراطية والعيش الكريم بعد أن رزح طويلا تحت وطأة الحروب والنزاعات والظلم وشظف العيش.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي كذلك مقطعا بثه أحد “جنود الثورة الأوفياء” يوثق فيه لحالة اعتقال أفراد تابعين للشرطة الأمنية لصبيين صغيرين في بري والانهيال عليهما ضربا بالعصي والخراطيش أثناء الاعتقال.

وفيما يشبه سيناريو موكب أحياء امدرمان القديمة التحمت تظاهرات الصحافة وجبرة والعشرة في مواكب حاشدة وردد المتظاهرون شعارات تطالب بالحرية والديمقراطية، كما ترنم أحد المتظاهرين بأنشودة شاعر الشعب الراحل “محجوب شريف” الخالدة :
ديل انحنا القالوا فتنا
وقالوا متنا
وقالوا للناس انتهينا

وأغلق المتظاهرون شارع جبرة الرئيسي من محطة بلال حتى محطه العالمية بصورة شبه كاملة لفترات متقطعة..
وأطلقت قوات الأمن والشرطة قنابل غاز بعبوات ملونة في بري وجبرة ومناطق أخرى بكثافة شديدة . و تستخدم قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع “البمبان” كسلاح فتاك ضد المتظاهرين، نتجت عنه حالات قتل وإصابات عديدة منذ تفجر الحراك الشعبي في ديسمبر الماضي.

وخرجت تظاهرة حاشدة بشارع الستين و تظاهرات في اجزاء واسعة بالعاصمة بينها الجريف غرب والمعمورة والكلاكلة والشجرة الحماداب والديم بالخرطوم والحلفايا والدناقلة وشمبات وشارع الازهري في الخرطوم بحري وحي العمدة والاسكان في امدرمان.

وفي شمال كردفان قال حزب الأمة القومي إن جهاز الأمن في الأبيض اعتقل صباح اليوم رئيس الحزب بالولاية منصور ميرغني حسين وعضو المكتب السياسي بالولاية الزاكي جمعة، وسكرتير الحزب بمحلية شيكان عبد الباقي ابو حامد، ورئيس الحزب الأبيض قادم إبراهيم، وذلك قبل ساعات قليلة من انطلاق موكب الأبيض الذي دعا إليه تجمع المهنيين السودانيين بالتزامن مع مدن أخرى بالسودان.

لكن خطة الأمن فشلت في عرقلة الموكب وخرج موكب حاشد بالأبيض، اضافة لمواكب أخرى في ولايات سنار والقضارف وكسلا واربجي وحي المدنيين بالجزيرة.