تعتزم مجموعة من التنظيمات الأسلامية تنظيم مسيرة مليونية الأثنين المقبل أمام القصر الرئاسي بالخرطوم باسم “نصرة الشريعة الاسلامية”، تقودها شخصيات دينية عرفت بالتشدد أمثال عبد الحي يوسف، ومحمد عبد الكريم، ومحمد علي الجزولي.

وأعتبر علماء ومراقبون ان ما يجري الترتيب له باسم نصرة الشريعة هي محاولات تقوم بها الدولة العميقة للنظام السابق ويحاول أن يلتف على الثورة السودانية مستخدماً العاطفة الدينية التي أستطاع بها البقاء في السلطة ثلاث عقود من عمر الزمن، ويرى آخرين أن الوقت لم يحن لتحديد ماهية الدولة وماهو دستور الحكم البلاد، قائلين إن مثل هذه الدعوات يراد منها زرع الفتنة.

وتقول المجموعة التي تعتزم تسيير المسيرة إن الهدف من المسيرة مناهضة دعوى قوى إعلان الحرية والتغيير لعلمانية الدولة السودانية، ومناهضة توجه قوى الحرية والتغيير بأعتبارهم التيار الأوحد الذي يعبر عن السودانيين ودعم حق الجميع في المشاركة لتحديد مستقبل البلاد دون أقصاء أو وصايا.

وعرف كل من عبد الحي يوسف ومحمد علي الجزولي ومحمد عبد الكريم بالمواقف الدينية المتشددة حيث ينتمي جميعهم إلى تيار السلفية الجهادية، وان “الجزولي” سبق وأعلن تأييده لتنظيم “داعش” بينما تورط “محمد عبد الكريم” فيما عرف بـ “خلية الدندر”.

ثورة مضادة

وقال أستاذ العلوم السياسية، محمد أحمد شقيلة، في حديثه لـ (دارفور24) إن مسيرة نصرة الشريعة الأسلامية التي دعت لها بعض التنظيمات تدخل في أطار محاولات قيادات الثورة المضادة الذين نال منهم المجلس العسكري وتضررت مصالحهم مع زوال النظام مما أصاب دعاة الثورة المضادة في مقتل عظيم.

وأضاف شقلية قائلا “كان هولاء في محاولاتهم لأعادة النظام البائد بعد خروجه من الباب ليعود عبر النافذة، وهؤلاء قاموا بعدد من المناورات بالفعل السياسي في مقدمتها أثارة الصراع الإيدولوجي الديني بين الدولة الدينية والمدنية أو العلمانية رغم أن هذا صراع ليس هذا وقته ولا توجد ضرورة ملحة له الآن، يجب أرجاء الحديث عنه حتى وضع الدستور الدائم للبلاد وحينها يمكن مناقشة العلاقة بين  الدين والدولة”.

وأوضح شقيلة أن هذه المسيرة قد تفشل على الأقل في تحقيق هدفها، مردفاً “الذي يستخدم مسيرة كأداة لاعادة للنظام البائدة، قد يذهب هو نفسه ليلحق بذلك النظام”.

إثارة للفتنة

وتوقع أن تمنع السلطات قيام هذه المسيرة وتعتبرها أثارة للفتنة والعنف، أو يتخلى عنها من يدعونا إليها من تلقاء أنفسهم، أو أن يقوم بها وسط حضور قليل، مضيفاً “وبذلك يقعون في موقف محرج على الأقل مقارنة بعدد تلك الجماهير التي تضيق بها الشوارع والساحات في محيط القيادة العامة”.

وأكد أن أقامة هذه المسيرة المسماة (نصرة الشريعة) ستكون خصما على من يقوم بها وستظهر الحجم الحقيقي الذي لا يتناسب كليا مع صوتهم العالي الذي روجوا به لها، مؤكداً أن من كان يمول الحشود لمثل هذه المسيرات ويقوم بالتعبئة لها هو حزب المؤتمر الوطني ونظام حكمه اللذان ذهبا إلى مزبلة التاريخ، حسب قوله.

دعوة لعدم المشاركة

من جانبه دعا نائب الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار، التابعة لحزب الأمة القومي، أدم أحمد يوسف، المواطنيين إلي عدم المشاركة في هذه المسيرة.

وقال في حديثه لـ (دارفور24) إن من يخرجون في مثل هذه المسيرات اما أنهم أصحاب مصالح ضاعت منهم مع ضياع النظام ويسعون لأستردادها أو أنهم “همج رعاع” ينعقون مع كل ناقع.

ولفت إلى أن العلماء الذين طبلوا وهللوا لنظام الأنقاذ البائد لاعلاقة لهم بالشريعة لأنهم شجعوا السلطان الجائر وزينوا له مصادرة الحريات للناس المساكين البسطاء خلال ثلاث عقود من الزمان.

وشدد آدم على أن الدين هو الحرية بنص الأية الكريمة (لاأكراه في الدين) والأية الكريمة (لست عليهم بمسيطر) وتابع يوسف “أي نظام يتحدث عن الشريعة ويغفل الحديث عن الحرية لا أساس له من الدين والدين منه براء”. وأشار إلى أن نظام الأنقاذ لا علاقة له بالشريعة.

فيما قال الخبير في الشؤون القانونية نبيل أديب، في حديثه لـ (دارفور24) إن الوقت لم يحن بعد للحديث عن الدستور الذي من شأنه أن يحسم هذه النقطة، حيث يتم  مناقشة ذلك في مؤتمر دستوري أو جمعية دستورية.

وأضاف نبيل “يحدث ذلك خلال الفترة الأنتقالية ليس الآن فننتظر تكوين الحكومة الأنتقالية حتى تضع في فترتها الدستور الدائم”. ومضى أديب قائلا “أما المطالبة بأن تكون الدولة إسلامية فهذه المطالب لا غبار عليها”.

افساد أجواء النصر

من جابه إعتبر مجدي أحمد الجاك ، في حديثه لـ (دارفور24) أن الدعوة للمسيرة هي مقدمة لسيناريو قادم من الصراع الديني بقصد إفساد أجواء النصر الذي يعيشه السودانيون الآن من قبل أعداء الثورة.

وأوضحٍ أن التخطيط لمشروع الصراع هذا بدأ بعد نجاح الثورة مباشرة حيث زرع أعداءها أحاديث بين العامة تتهم تجمع المهنيين وقوى إعلان الحرية والتغيير بعدم الإهتمام بالدين ثم العلمانية.

وتابع “كان شخص إنتحل صفة الصحفي وسأل ممثل تجمع المهنيين في آخر مؤتمر صحفي لقوى أعلان الحرية والتغيير حول موقفهم من الدين والدولة، فرد عليه سكرتير الحزب الشيوعي السوداني محمد مختار الخطيب بقوله “دعنا نسقط النظام أولا ثم نبحث مفهوم الدين والدولة”.

وحذر الجاك من أن منسوبي النظام المخلوع سيعملون على إستمالة وإستثارة المشاعر الدينية للمواطنين بهدف النيل من ثورة الشرفاء.