على الرغم من اقالة المدير العام لهيئة مياه الشرب بجنوب دارفور المهندس ادريس دبكة التي مضى عليها اسبوعان الا ان ازمة مياه مدينة نيالا عاصمة الولاية لم تراوح مكانها، رغم التحسن الطفيف الذي طرأ على الامداد خلال العشرة ايام المنصرمة، فتفاقم ازمة مياه الشرب بمدينة نيالا هذه الايام جعلتها القضية الاولى بالولاية والتي يسعى الجميع حكومة وشعباً لايجاد الحلول لها بعد ان عجز النظام السابق لأكثر من “15” عام من تنفيذ المشروع الحيوي الذي يعول عليه سكان المدينة في وضع حلٍ لهذه المعضلة التي تطل برأسها سنوياً مع بداية فصل الصيف، وهو مشروع مياه نيالا من حوض البقارة في منطقة قريضة “84” كيلو متر جنوبي مدينة نيالا والذي بحسب الدراسات يوفر نحو “40%” من حاجة المدينة للمياه.

وتدخل المدينة في دوامة من المعاناة في سبيل الحصول على مياه الشرب، التي ينخفض منسوبها في شهور “مارس وابريل ومايو” الى أقل من “10%” من حاجة المدينة من الامتار المكعبة من المياه، في وقت تحتاج فيه المدينة الى أكثر من “100” ألف متر مكعب بحسب المسئولين بهيئة مياه المدن بالولاية. هذا الوضع اخرج الكثير من سكان المدينة من منازلهم لايصال شكواهم ومعاناتهم الى المسئولين بهيئة المياه وحكومة الولاية، ونظم المواطنون مسيرات الى هيئة المياه احتجاجاً على انقطاع الامداد المائي من الشبكة بعدد كبير من احياء المدينة المليونية، في المقابل ارتفعت اسعار مياه “الفناطيس” التي تحملها عربات الكارو من “6” الى “15” جينه لجركانتي الماء، بينما ارتفع سعر برميل الماء من عربات “التنكر” من “25” الى “50” جنيه، في الوقت ذاته تحصل الاسر على  المياه من هذه الوسائط بعد معاناة كبيرة وقضاء اوقات النهار في عملية بحث مضني في الطرقات.

وكانت ابرز هذه المسيرات والوقفات الاحتجاجية وقفة سكان احياء الوادي بنيالا التي يقع بالقرب منها مقر هيئة مياه الشرب بالولاية والتي طالبوا خلالها ادارة الهيئة بوضع حد لمعاناتهم التي طالت مع قطوعات المياه عنهم، وامهل المحتجون الهيئة 72 ساعة لحل المشكلة التي تسببت فيها عمليات توسعة الشبكة الجديدة التي اوقفت المياه عن الحي، كما طالبوا بإعادة النظر في الفاتورة الجديدة للمياه التي اجازها المجلس التشريعي المحلول والتي بلغت 210 جنيه شهرياً، وتم تكوين لجنة من المحتجين لمتابعة القضية مع ادارات الهيئة، لكن انقضت مهلة ال”72″ ساعة ولم تحل المشكلة، فعادت اللجنة مجدداً وجلست مع ادارة الهيئة في اجتماع عاصف طالبت فيه اللجنة المدير العام المهندس بشير مختار- الذي عين مؤخراً- بإقالة مديري الادارات المسئولة عن وضع حد لمعاناتهم، وكشفت اللجنة عن تجاوزات ورشاوى ارتكبها بعض موظفي هيئة المياه لأجل اجراء توصيلات خفية لبعض المواطنين من الخط الرئيسى لشبكة المياه التي تمد احياء الوادي دون علم ادارة الهيئة الامر الذي اضعف مستوى الامداد.

وقال احد اعضاء اللجنة “خليل الجلابي” ان سكان احياء الوادي فوضوهم لمقابلة ادارة الهيئة والبحث عن ايجاد حلول لمعاناتهم وفي حال عدم وضع الحل فأن المواطنين عازمون على اقتحام الهيئة والاستيلاء عليها والاعتصام فيها ومنع اي موظف الدخول اليها، وذكر انهم يطالبون باقالة بعض الموظفين لجهة ان ازمتهم طال امدها لأربعة اشهر، ولا احد وقف عليها من هؤلاء الموظفين، من بينهم مسئول التوزيع والبلوفة ومدير الشئون المالية والادارية الذي اتهموه بالتلاعب بالمال العام لجهة انه يحصل منهم فاتورة المياه طيلة الاربعة اشهر الماضية وليس هناك امداد مائي، وامهلت اللجنة ادارة الهيئة “72” ساعة لإقالتهم، وطلبت اللجنة  توضيحاً من ادارة الهيئة عن تبعية “اكشاك المياه” المعاملة بالمدينة وكيفية عملها، وذكروا ان هذه الاكشاك استثمارات شخصية ويتم امدادها من الشبكة العامة وتعمل على مدار العام ولا تقطع منها المياه وفى نفس الوقت تقطع عن الخطوط التي تمد المواطنين.

وخلص الاجتماع بين اللجنة وادارة الهيئة الى قرارات ابرزها ازالة كل المخالفات في التوصيلات والتى قادت الى اضعاف الامداد المائي بالاحياء, وتحسين الخط الناقل لمياه احىاء الوادى, وقفل “الاكشاك” التي يتم مدها بالمياه من أحياء الوادى لمدة 72ساعة لمعرفة مدى اثرها على الامداد، واتفق الطرفان على الجلوس في اجتماع يوم السبت القادم لتقييم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه

في السياق والي جنوب دارفور المكلف اللواء خالد هاشم ابدى قلقاً واضحاً ايزاء هذه الازمة واعلن ان معالجتها اضحت على رأس اولياته خلال هذه الفترة، وسارع الوالي الى ابرام عقدٍ مع احدى الشركات لحفر عدد من الآبار بمنطقة بليل شرقي المدينة كحل اسعافي للازمة بتوفير “15” ألف متر مكعب، اضافة الى ذلك بحث الوالي مع المسئولين عن مشروع مياه نيالا من حوض البقارة بوزارة الموارد المائية الاتحادية والوزارة الولائية الاسباب التي اعاقت العمل في المشروع التي بدأ العمل فيه في العام “2004” بواسطة شركة صينية وتوقف 2008 ثم جاءت شركة “هولندية” وبعدها شركتين سودانيتين شركة “المنتجات الشيكية” لانشاء الخط الناقل للمياه، وشركة “قولدن استايل” لحفر الابار والاعمال المدنية والكهربائية، واوضح ان الشركتين الاخيرتين عقداهما ينصان على اكمال المشروع في العام 2017م، بيد ان هاتين الشركين توقفتا بسبب تعنتهما- على حد قوله، وطلب الوالي من الشركات المنفذه للمشروع الحضور الى مكتبه يوم امس الثلاثاء بغرض التوصل الى رؤية واضحة لمعالجة المشكلات التي اعاقت المشروع طيلة الفترات السابقة، وهدد الوالي اي شركة لم تأتي باسباب مقنعة عن توقفها عن العمل بفتح بلاغ في مواجهتها في نيابة الفساد لجهة انه الحكومة اوفت بما يليها في العقد المبرم لانشاء المشروع، لكن الاجتماع لم يعقد أمس واوضح مدير مشروع مياه نيالا من حوض البقارة بالولاية المهندس هرون نوية لدارفور24 ان الاجتماع تم تأجيله لوقت لاحق بعد اتصال اجراه الوالي مع مدير وحدة مياه الشرب بوزارة الموارد المائية الاتحادية والذي اطلعه بأن هناك ترتيبات يجريها مع هذه الشركات بغرض استئناف العمل في المشروع.