الخلافات داخل أحزاب المعارضة ليست حديثة عهد، بل ظلت ملازمة للحالة السياسية، وإن كانت هذه الخلافات ناتجة جميعها عن التقديرات السياسية لكل طرف انطلاقاً من توجهاته أحياناً وأحياناً أخرى لا تنطلق من أي منطلق، هي خلافات والسلام.

رغم ذلك ظلت بعض الأحزاب متمسكة بتحالفات سياسياً لم تقدم بل كثيراً ما وقفت هذه التحالفات عقبة، فما أن تصطدم بأحداث كبيرة سرعان ما تبدأ الحرب الكلامية بين مكونات التحالف، ثم ينتهي الأمر إلى اتهامات متبادلة والنتيجة أن كل حزب يذهب لحال سبيله وكل طرف يحمّل الآخر مسؤولية الفشل في تحقيق إنجاز سياسي.

أكبر عائق في العملية السياسية في السودان هذه التحالفات الهشة التي تبدأ بصوت عالي ثم سرعان ما يتبخر كل شيء، وظلت على الدوام معرقلة للعملية السياسية، الأمر الذي يطرح سؤالاً جوهرياً؛ لماذا التحالف أصلا؟ طالما أن أدنى درجات التوافق غير متوفرة.

يوم أمس كان نموذجاً لعرض هذه الحالة الخلافية المستمرة والتي عبّرت بشكل أو بآخر عن درجة من الفوضى السياسية.

قوى الحرية والتغيير أصدرت بياناً أعلنت فيه الإضراب الشامل يومي الثلاثاء والأربعاء. بعد ساعات حزب الأمة القومي يصدر بياناً يرفض فيه الإضراب، وحزب الأمة هو جزء أصيل داخل قوى الحرية والتغيير.

ثم يلتحق حزب المؤتمر السوداني ببيان يعلن فيه دعمه الكامل للإضراب، والمؤتمر السوداني وحزب الأمة هما حليفين تمثلهما كتلة “نداء السودان” داخل قوى الحرية والتغيير.

السؤال الطبيعي، أين كان حزب الأمة حينما أعلنت قوى الحرية والتغيير بيان الإضراب وهو جزء من هذه القوى؟ أم أن البيان صدر عن حزب أو حزبين داخل الحرية والتغيير دون موافقة البقية؟ أم أن حزب الأمة قرر الرفض لاحقاً.

هذه الأسئلة تبدو بلا قيمة إذا ما نظرنا إلى طبيبعة الخلافات المستمرة التي لازمت القوى السياسية المتحالفة.

نتيجة كل ذلك المزيد من التعقيد السياسي والانقسامات في المواقف وبالتالي تلكؤ عملية التفاوض وبالتالي تعطيل مستمر لإعلان الحكومة الانتقالية ومن ثم استمرار حالة الفراغ السياسي ليتمدد من هو ليس أهل لذلك.

الشارع ينظر إلى هذا التشاكس باستياء قد يصل مرحلة لا ترغب الأحزاب الوصول إليها. هذا الشارع ظل على مدى سنوات طوال فاقد الثقة في الأحزاب وهي على الدوام تثبت له أنه على حق.

الخلافات شيء طبيعي لطالما أن كل قوى لديها توجهاتها وتقديراتها، لكن السؤال لماذا يصر المختلفون على التحالف، هل للمزيد من التعطيل؟

ادركوا هذا الشارع فقد تقدم عليكم.