“لا أحد يستطيع أن يجد للبشير مخرجاً من المثول امام محكمة الجنايات الدولية بتهم الجرائم التي ارتكبها في حق المدنيين بدارفور”، هكذا يقول أحمد عبد الرحمن، أحد أبناء دارفور اللاجئين في يوغندا، وهو يشدد على أن الضحايا وحدهم ممن يملكون الحق في التقرير بمصير الرئيس المخلوع عمر البشير مع المحكمة الجنائية.

واليوم الأربعاء امام جلسة لمجلس الأمن الدولي طالبت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، المجلس العسكري في السودان بالتعاون معها لتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير ورفاقه المطلوبين لديها. وأضافت “لا يمكنه أن يدعي حصانة رئيس دولة، ونطالب السودان بالتعاون معنا وفق القانون الدولي”.

وأبلغت بنسودا، أعضاء المجلس أنها ستفتح في القريب العاجل جدا حوارا مع السلطات القائمة في السودان، بشأن تسليم البشير، وآخرين متهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في إطار حملته لسحق تمرد في إقليم دارفور.

وأردفت قائلة “مع دعم من مجلس الأمن أعتزم فتح مناقشة في القريب العاجل جدا مع السلطات في السودان حول هذه الأمور.. وهناك التزامات قانونية على السودان أن يتعاون بشكل كامل وتام مع مكتبي في هذا الصدد”.

وانضم إلى المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية في المطالبة بتسليم البشير للعدالة الدولية كل مناديب كل من “المانيا وفرنسا والولايات المتحدة”، وذلك خلال الجلسة التي خصصت اليوم الأربعاء لمناقشة التقرير الدوري الذي تقدمه المدعية العامة للجنائية الدولية حول السودان.

وكان المجلس العسكري الانتقالي في السودان، أعلن في وقت سابق، أن قرار تسليم الرئيس المخلوع عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تريد محاكمته بتهمة الإبادة في دارفور، يعود إلى حكومة منتخبة.

وأكدت بنسودا على ضرورة فتح تحقيق في مزاعم العنف ضد المدنيين في السودان، ومزاعم استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين في السودان. وقالت “انضم إلى مجلس الأمن في إدانة العنف في السودان والذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 وتنفيذ اعتقالات تعسفية”.

وتلاحق محكمة الجنايات الدولية الرئيس المعزول عمر البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور بعد إطلاقه يد قواته الأمنية والمليشيات العربية المسلحة ضد القبائل الأفريقية التي تمرد بعض أبنائها على النظام.

وبحسب إحصائيات منظمات الأمم المتحدة في عام 2005 فإن قوات البشير ومليشياته قتلت نحو 300 ألف شخص في دارفور، لكن البشير أقر في خطاب جماهيري عام 2009 بأن الذين قتلوا في دارفور 10 آلاف فقط.

وأصدرت محكمة الجنايات في 4 مارس 2009 مذكرة باعتقال البشير بعد أن وجهت له 7 تهم، منها ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والترحيل القسري والتعذيب، إلا أن المحكمة لم توجه له تهمة ارتكاب أعمال إبادة جماعية لعدم وجود أدلة كافية على ذلك.

ولاحقاً أصدرت المحكمة الموجودة في لاهاي مذكرات اعتقال أيضاً ضد وزير الدفاع الأسبق في عهد البشير عبدالرحيم محمد حسين، ووزير الدولة بالداخلية الأسبق أحمد هارون، وعلي كوشيب الذي يتزعم مليشيا مسلحة في جنوب دارفور.

وقال أحمد عبد الرحمن الذي فرّ بسبب الحرب من منطقة طويلة بشمال دارفور في العام 2010 إلى يوعندا حيث يعيش حالياً لاجئياً هناك، إن محاكمة البشير امام محكمة الجنايات الدولية مطلب الضحايا وكل مناصري الانسانية.

وأكد لـ (دارفور 24) أن الجرائم التي ارتكبت ضد الأبرياء بدارفور لا تقبل التهاون في محاسبة مرتكبيها، وأضاف “لا أحد يستطيع أن يجد للبشير مخرجاً من المثول امام محكمة الجنايات الدولية بسبب الجرائم التي ارتكبها في حق المدنيين بدارفور”.

داخلياً لم يتم حتى الآن مناقشة موضوع اتهام البشير بقضايا الإنتهاكات الإنسانية على المستوى الرسمي، مع أن المجلس العسكري بدأ منذ وقت مبكر التحقيق مع البشير في قضايا تتعلق بمخالفات مالية.

ونُقل البشير الأحد الماضي من سجن كوبر إلى النيابة العامة المكلفة قضايا الفساد في الخرطوم، حيث ظهر للمرة الأولى أمام الرأي العام منذ إقالته، وحققت معه في تهم تتعلق بالفساد وحيازة النقد الأجنبي، بحسب ما أعلنه النائب العام الوليد سيد أحمد.

وكان عددا من الناشطين السياسيين والحقوقيين من أبناء دارفور، أطلقوا خلال أيام الاعتصام امام قيادة الجيش، مبادرة للتعريف بحجم الجرائم التي ارتكبت في بحق المدنيين في دارفور، وتشدد على ضرورة عدم افلات المتهمين من العقاب.

وقالت عضو المبادرة ميمونة عبدالله فضل، لـ (دارفور 24)، إن أحد أهم مطالب المبادرة تسليم الرئيس المخلوع عمر البشير إلى محكمة الجنائية الدولية، لمحاسبته على الجرائم التي ارتكبها ضد الأبرياء في دارفور، كما تطالب بإطلاق سراح أسرى الحرب الذين لا يزالون في السجون رغم سقوط النظام.

وشددت على أن مطلب تسليم البشير للجنائية لا تراجع عنه ولا تهاون فيه، لأن المجازر التي ارتكبها في دارفور لا يمكن التساهل فيها، مضيفاً “لقد قتل وأحرق وشرد الأبرياء وهذه جرائم لا تغتفر”.

وتابعت “بلدتي تسمى كورنوي” بشمال دارفور، وقعت فيها مجازر إبادة لسكانها والقرى المجاورة بعد حرقها، حتى آبار المياه ردمت بجثث الحيوانات بينما هرب الأحياء سيراً على الأقدام لمدة 7 أيام حتى وصلوا إلى دولة تشاد”. وأكدت ميمونة أن تسليم البشير للجنائية ومحاكمته بسبب التهم التي وجهت له تجعله عظة وعبرة لمن يخلفه على الحكم، بينما التساهل معه يجعل إراقة دماء الأبرياء بواسطة الحكام أمراً وارداً في مستقبل السودان.