أطرق الضابط في الجيش السوداني السمع لهتافات أكلت أحشائه وهي تأتيه من خارج عربته التي توقفت فجاءة وسط حشود من المتظاهرين الغاضبين على مقتل العشرات من رفاقهم برصاص مجموعات مسلحة داهمت مقر الاعتصام خ وزارة الدفاع بالخرطوم وفضته بالقوة.

كان المحتجون الذين أحاطوا بمدرعة الجيش يرددون على مسامع الجنود “أملنا فيكم انتوا يا قوات شعبنا وصغار الضباط، لقد باعنا قادة الجيش وسيبيعونكم ويتبعونكم لمليشيا الجنجويد أن لم تتحركوا”.

إزاء ذلك لم يجد ضابط الجيش الذي يجلس في مقعد قرب سائق العربة شيئا يفعله سوى اطباق أسنانه على شفته السفلى وهز رأسه ثم دفنه بين كفتيه بعد أن احناه إلى الأمام.

فهمَ المحتجون الجواب من رد فعل الضابط، لقد علموا أن ما يطلبونه من هؤلاء الضباط والجنود أمرا عصياً على التحقيق في هذا الوقت.

فهذا الضباط يتفهم كل ما يقوله المحتجون ويعلم أن واجبه حمايتهم قبل أن يطلبوا هم ذلك ولكن هو الآن مكبل بقيود قد يخسر حياته أن حاول الفكاك منها.

فالقيادة العامة للجيش هي الآن ثكنة لقوات الدعم السريع بعد أن تم إخراج أصحابها منها ونقل بعضهم إلى ثكنات بعيدة عن وسط الخرطوم، وآخرين تركوا في مواقع قريبة بعد تجريدهم من السلاح.

وبات من المألوف أن تشاهد جنود الدعم السريع يتجولون في شوارع العاصمة الخرطوم وهم مدججون بالأسلحة أن كانوا يسيرون راجلين ام على سياراتهم المدرعة، وفي المقابل تشاهد جنود الجيش السوداني يسيرون بزيهم المعروف وهم مجردون من السلاح.

لقد أبلغ “دارفور 24” أحد جنود وحدة الاستخبارات العسكرية، بأنه قد تم ابعادهم من داخل مباني القيادة العامة للجيش إلى مبنى متواضع قرب مستشفى المعلم، وأضاف “حاولوا ابعادنا من هناك أيضا ولكننا رفضنا بشدة فتم تجريدنا من السلاح كما أحضرت سيارتين للدعم السريع عليها جنود مدججون بالسلاح ورابطت بالقرب منا”.

في صبيحة يوم 3 يونيو داهمت قوة مشتركة من الجيش والأمن والشرطة والدعم السريع شكلها المجلس العسكري الانتقالي مقر الاعتصام خارج القيادة العامة وفضت المحتجين بالقوة المفرطة مما أوقع قتلى تجاوز عددهم 118، ومئات الجرحى وعشرات المفقودين.

اشتباكات مسلحة

وبحسب روايات شهود عيان فإن اشتباكات وقعت في اك اليوم بين قوات مسلحة تأكد أن قوات الدعم السريع طرفاً فيها، لكن من غير المؤكد أن كان الطرف الآخر يتبع للجيش ام لقوات أخرى.

وكانت منطقة الاشتباكات في المساحة المحصورة بين القيادة العامة للجيش والقصر الرئاسي، وقد ظل دوي الرصاص المتبادل يسمع طوال نهار يوم التاسع والعشرون من رمضان الثالث من يونيو، وقد قضى سكان تلك المنطقة نهارهم ممدديين على الأرض خشية الإصابة برصاص طائش.

وأكد شهود عيان آخرين أن مستشفى السلاح الطبي التابع للقوات المسلحة استقبل قتلى وجرحى من جنود كان أغلبهم يرتدي زي “الدعم السريع”.

وقال شاهد عيان لـ “دارفور 24” إنه ذهب في اليوم الثاني لفض الاعتصام إلى مستشفى السلاح الطبي حيث وجد عشرات الجنود ممدين على الأرض وفي النقالات داخل غرفة الحوادث بالمستشفى والدماء تنزف من أجسادهم.

وأضاف “ذهبت إلى المستشفى حوالي الخامسة صباحاً مسعفا إثنين من أفراد شرطة الدفاع المدني انقلبت بهم سيارتهم التي كانت تسير أمامي، وجدت المستشفى يعج بحركة الجنود وسياراتهم، كنت استفسرهم عن الوجهة التي اوصل إليها المصابان فلم يعرن احد اهتماماً، وأخيراً وجدت من اوصلني لغرفة الحوادث وهناك وجدت جنوداً بزي الدعم السريع يملاؤون الغرفة وعليهم إصابات بالغة والدماء تنزف من أجسادهم”.