منذ ديسمبر العام الماضي ظلت الأوضاع الاقتصادية في تدهور حتى أصبحت عاملاً من عوامل إسقاط النظام السابق، ورغم انتصار الثورة الشعبية إلا أن الأوضاع الاقتصادية لا زالت مأزومة، مما يجعلها تشكل أكبر التحديات امام الحكومة الانتقالية، وينتظر المواطن تحسين معيشته في ظل الوضع السياسي الجديد، ولكن كيف يتم تحسين الوضع المعيشي للمواطن، هل عبر رفع سقف الأجور للموظفين ام انتهاج إصلاحات اقتصادية تقود إلى خفض الأسعار في السوق.

تدني الأجور

وكان تجمع المهنيين السودانين أجرى في وقت سابق دارسة متخصصة عن أجور العاملين والمهنيين بالسودان، وحسب نتائج الدراسة فإن الحد الأدنى للأجور وصل إلى ما يعادل (8،9 دولار) في الشهر، وأن الأجر يغطي ما يعادل 2،8 % فقط من تكاليف المعيشة.

وأكدت الدراسة أيضا أن تكاليف المعيشة الشهرية لأسرة تتكون من خمسة أفراد تصل إلى (15218)الف جنية، ما يعادل  (320،4) دولار لا يشمل الحاجات الكمالية والطوارئ والمعاملات الاجتماعية.

وأوضحت الدراسة التي أعدها تجمع المهنيين السودانيين حول وضع الأجور أنه منذ العام 2013 ظل الحد الأدنى للأجور ثابت في مكانه لا يتزحزح عند 425 جنيه، وذكرت الدراسة أن الحد الأدنى للأجور ليست له واقعية وعدم ملاءمة القيمة الحالية.

خفض الأسعار

من هذه السياق قال الخبير الاقتصادي والقيادي في الحزب الشيوعي، كمال كرار، إنه أقتصادياً الأفضل خفض الأسعار عن طريق وسائل أقتصادية وليست زيارة الأجوار.

وتشمل الوسائل بحسب كرار الذي تحدث لـ “دارفور 24” دعم السلع الغذائية، وتقليل تكلفة الإنتاج عن طريق تخفيض الضرائب أو الجمارك على مدخلات الإنتاج، وأتباع سياسات نقدية ترفع العملة الوطنية من التدهور.

واضاف “بهذه الوسائل ستنخفض الأسعار بشكل كبير ويصاحب ذلك ضرورة الرغبات على الأسعار ونشأة هيئة لضبط الأسعار مع العمل على تشجيع قيام التعاونيات في أماكن العمل والسكن وهذا يخفض من الأسعار ويحسن من معاش الناس”.

وقال كرار إن هذه السياسية مطلوبة وضرورة الابتعاد من سياسية صندوق النقد الدولي أو ما يسمى بـ (تحرير الاقتصاد ) الذي أضر بالاقتصاد الوطني.

زيادة الأجور والتضخم

من جهته قال عضو القطاع لحزب المؤتمر السوداني  الاقتصادي، دكتور خالد عثمان، لـ “دارفور 24” إن زيادة الأجور تعني زيادة عرض النقود، وتعني بالتالي إقتصاد تضخمي مثلما حدث في فترة النظام المباد.

وتابع قائلا “الحسنة الوحيدة لزيادة عرض النقود هي تحريك الأسواق وزيادة الانتاج وعيبها هو التضخم الذي يمكن أن يؤدي للانهيار أقتصادي حتماً”.

وزاد “اما الأصلاح الاقتصادي إذا كان مقصوداً به هنا السياسات التقشفية الإنكماشية او ما يتعارف عليه بالإصلاح (صفر) فهو يحتاج الى صبر ووقت وتخطيط  ولا أظن ان المواطن مستعد لمثل هكذا برامج”. مردفاً “اذن نحن نحتاج الى حلول عبقرية غير متوفرة في الاقتصاد الغربي ورؤى تتماشى مع الوضع الراهن”.

اصلاحات اقتصادية

فيما قال المحلل السياسي دكتور حاج حمد محمد، لـ “دارفور 24” إن زيادة الأجور في صالح الفئات التجارية وليست في صالح المجتمع السوداني لأن زيادة الأجور يقابلها زيادة رفع الأسعار من قبل الفئات التجارية وستظل المشكلة قائمة.

وأضاف حاج حمد أن الحل يكمن في أصلاحات أقتصادية بالنظر للاقتصاد الكلي وليست السياسية النقدية التي أنتهت من الاقتصاد السوداني،  وتابع قائلا “الإصلاح يبدأ من بمراقبة أسعار السوق حيث أن أرباح السلع المستوردة لا تتجاوز 5% والمحلي 10% من أجل تشجيع المنتجات المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الاقتصاد وخروج من السياسية النقدية والنظر لها على أنها جزء من الاقتصاد الكلي.