جة التغيير في أفريقيا لن تسمح بعودة ديكتاتوريات التسعينيات والثمانينات.

فبعد سقوط  ديكتاتور زيمبابوي روبرت موغابي جنوبي القارة، قبل سنتين، لم يعد لحلفائه السابقين في الجيش وحزبه الكثير من الوقت للسيطرة على البلاد.

نتيجة لطرد نائبه السابق من منصبه، الرئيس الحالي، ايمرسون منانغاوا، استخدم قائد الجيش اوغستين شينجوا، تكتيكات الانقلابات الحديثة، موعزاً للشعب بالخروج للشوارع وإسقاط حكم موغابي، بإدعاء أن موغابي فاسد، رغم أنهم جزء من منظومة الفساد هذه، وسرعان ما أجريت انتخابات بعد نحو عام على الإطاحة بموغابي، أظهرت النتائج الأولية فيها فوز منافسهم المحامي والقسيس الشاب، نلسون تشاميسا إلا أن دولاً غربية وآسيوية، تغاضت عن فوز المحامي بحجة أن ما تم هو الانتقال الديموقراطي المطلوب.

حلفاء موغابي السابقين، حصلوا على أصواتهم على قلتها من مناطق فقيرة، فيما اكتسح القسيس المدن الرئيسية بما فيها العاصمة زيمبابوي، في بلد نسبة المتعلمين فيه كبيرة جداً.

من المرجح أن تنتهي حقبة الحكام العسكريين، ما بعد الاستقلال، لوجود مجتمع مدني قوي في زيمبابوي، ومعارضة مدنية شرسة مع احتمالية غياب رجل الجيش القوي عن المشهد، حيث يكافح منذ عدة أشهر سرطان الجلد.

القرن الأفريقي بدوره، يشهد موجة من التغيير، ابتدأت بصعود أبي أحمد للسلطة في إثيوبيا، مع انتقال متدرج في الصومال، لم يعد بوسع الحاكم القوي في إرتريا أسياس أفورقي، الكثير ليفعله، فمع غيابه من المشهد، سيكون ذلك إيذاناً بانطلاق قطار التغيير هناك.

غرب أفريقيا تشهد وجود أكبر ديكتاتوريي افريقيا عمراً ومكوثاً في السلطة، حيث يحكم الرئيس الكاميروني، بول بيا، قبضته على السلطة هناك منذ 39 عاماً، ويستمد مشروعيته السياسية، من شنه لحملات عسكرية عنيفة ودموية ضد الاقلية الانجلوفونية، جنوبي البلاد، رغم تعقيد المشهد هناك، إلا أن الأمل في استمرار الحكم الحديدي في الكاميرون، بات يتناقص يوماً بعد يوم.

الكنغو الديموقراطية، استطاعت أن تمضي خطوة للأمام بعد إجبار جوزيف كابيلا الإبن، على عدم الترشح في انتاخابات 2018، ورغم بقائه كدولة عميقة مسنوداً بالمال والسلاح في بلد تجتاحه الأوبئة وتفتك بشعبه قوات الأمن، لكن خططه في العودة إلى السلطة بعد سنوات، قد لا تكون مفروشة بالورود للرجل الخمسيني، وربما تصبح في عداد المستحيل.

الإطاحة بالبشير، أحد اسوأ الديكتاتورين الأفارقة، وضعت السودان المثقل بإرث الحروب الأهلية، في الواجهة كبلد أفريقي، لم يعد أمام قادته الكثير من الحيل والألاعيب، للهروب من استحقاقات التغيير الجذري في البلد الثالث من حيث المساحة في أفريقيا.

بقاء السودان موحداً وتحقيقه الانتقال الديموقراطي، سيكون نذير الشؤم لعتاة الديكتاتوريين جواره، يوري موسفيني، سلفا كير ميارديت، إدريس ديبي وأسياس أفورقي، بما يعني سقوط دولهم البوليسية وتحقيق الموجة الأولى من الانتقال في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا ووسطها وغربها.

مستقبل الحكم العسكري الحالي في السودان، بدون مستقبل حرفياً، مع اتقاد جذوة الثورة السودانية واندلاع التغيير الاجتماعي العنيف، الذي لن يسمح بالعودة إلى الوراء مطلقاً، فملايين الشبان السودانيين، سيكونون حائط صد راديكالي، ضد أي تلاعب من قبل الجنرالات وحتى المدنيين بدرجة ما.

_عمر الفاروق نور الدائم