شعب لا يحترم جيشه عليه أن يستعد لـ (لعق) أحذية الغزاة”..عبارة مملوءة بالغضب قالها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان خلال حفل تخريج طلاب حربيين، ومناسبة العبارة بالضرورة هي سلسلة أحداث وقعت منذ أول يوم في اعتصام القيادة في السادس من أبريل حتى يومنا هذا.

أحداث متتالية شكلت صورة ذهنية سالبة للغاية عن الجيش بعد ما كاد أن يلتحم مع شعبه لولا قياداته التي أرادت له أن يكون في وضع مثل هذا..

الحديث عن العلاقة بين القوات المسلحة والشعب صعيب ويستدعي مآسي لا أول ولا آخر لها، لكن الخلاصة التي يتفق حولها الجميع أن مؤسسة الجيش واحدة من المؤسسات السيادية المهمة التي نالت من عبث الإنقاذ نصيبا وافرا، والحاجة للإصلاح الجذري داخلها مُلحة مثلها مثل القضاء والأمن وغيرها من المؤسسات الرئيسية.

 

غير أن البرهان وفي غمرة غضبه الذي يجسد تماماً المثل السوداني “ضربني بكى وسبقني اشتكى” تجاوز تماما ما حدث قبل أشهر بسيطة..المجزرة الغادرة التي حصدت ما حصدت من الأرواح التي كانت تحتمي بالجيش ظناً منها أن شعارات الثورة البراقة “الجيش جيش السودان” و “الجيش جيشنا” قد أثمرت وأتى أكلها.

دع عنك سلسلة من الأحداث التي خلقت فجوة كبيرة بين الشعب والجيش، دع عنك التاريخ القريب أو البعيد. مجزرة القيادة العامة التي أكملت أربعينها لم تهدم فقط الصورة التي تشكلت أيام الاعتصام، هذه المجزرة الغادرة سوف تظل حافرة في ذاكرة الشعب ليس لأن الجيش ارتكب إبادة جماعية في محيطه فحسب بل لشيء واحد فقط هو الغدر.

هل أدرك البرهان وصحبه في مجلس السيادة معنى أن تغدر بمن يحتمي بك؟ الغدر أكثر إيلاماً من القتل آلاف المرات.

جيش يرتكب الفظاعات ويغدر بشعبه فهل يُقابل بالورود؟ المعتصمون يقدرون الجيش جيداً في شخص النقيب حامد والملازم محمد صديق وغيرهم من الذين قالوا “لا”.

 

الشعب الذي دفع ثمناً باهظاً للتغيير؛ ولا يزال يدفع لن “يلعق” أحذية غزاة..لا غزاة داخل ولا غزاة خارج، وإن كانت نخبتها ولغت في لعق أحذية الغزاة فهذه الثورة العظيمة تفجرت لذات الأسباب التي جعلت قادة الشعب يلعقون أحذية الغزاة.

وأن أبرز مطالب التغيير بناء مؤسسات قومية وعلى رأسها مؤسسة جيش وطنية منضبطة لا ترخي لغازي ولا قائد مليشيا