أعلنت لجنة النظر في قضايا المفصولين تعسفيا من الخدمة المدنية بالسودان منذُ العام 1989م، عن إعادة المفصولين، إلى مؤسساتهم التي كانوا يعمل بها دون سن المعاش، والذين يُقدّروا بحوالى 300 ألف، تم فصلهم إبان عهد حكومة الإنقاذ البائدة التي كان يرأسها الرئيس المخلوع عمر البشير، قبل الإطاحة بها عبر ثورة ديسمبر المجيدة.

واستبقت بعض الوزارات، بحسب وكيل وزراة الثقافة والإعلام الناطق الرسمي باسم «اللجنة» رشيد سعيد يعقوب، قرارات اللجنة وكوّنت مكاتب لاستقبال طلبات المفصولين من الخدمة للصالح العام بشكل تعسفي أو بإلغاء الوظيفة، في مقرها بدار حزب الأمة القومي بأم درمان، علماً بأن حكومة حزب المؤتمر ـ الحزب الحاكم قبل ثورة ديسمبرـ انتهجت سياسة (التمكين) في المؤسسات بإعفاء موظفين وتعيين آخرين مؤيدين لها دون التقيّد بمعيار الكفاءة.

وبشأن من تخطوا الـ ٦٥ عاما، وتمت تسوية معاشاتهم إبان عهد النظام البائد، أعلن رشيد، مراجعة تسوياتهم المعاشية التي تمت في عهد المخلوع عمر البشير، لتتحقق العدالة أسوة بزملائهم الموجودين في الخدمة ونزلوا المعاش خلال تلك الفترة ليكونوا على مستوى ذات الفائدة المعاشي، مع النظر في إمكانية دفع تعويضات حسب الحالات والملفات الشخصية. وفيما يتعلّق بحالات الوفاة، فستتم إعادتهم بصورة اعتبارية، بتسوية المعاشات التي تدفع لذويهم وفق الدرجات الوظيفية لزملائهم الموجودين بالخدمة حتى لحظة دخولهم الخدمة المعاشية.

إحصائيات مختلفة

دعا رشيد سعيد يعقوب، الوزارات والمؤسسات والهيئات، إلى ملء استمارات مفصوليها وتقديمها لـ«اللجنة»، والتي ستقوم وبمجّرد تعبئة الاستمارة بإرسال خطاب شخصي بإعادة المفصول في نفس الدرجة الوظيفية التي عليها زملائهم اليوم وبذات الامتيازات، مؤكداً عدم وجود إحصائية محددة لعدد المفصولين، مستشهداً بوجود إحصائيات مختلفة عند اللجنة ومجلس الوزراء والوزارات.

وكشف يعقوب، عن إختفاء ملفات التصفية في كثير من الوزارات مما يجعل من الصعوبة بمكان حصر عدد المفصولين، لافتاً إلى أن هنالك من يحصر مفصولي قرارات الصالح العام خلال الثلاثة سنوات الأولى لحكومة الإنقاذ، وهنالك من يحصر مفصولي الـ 28 عاماً بمن فيهم الخصخصة مثلاً، وهنالك من يرى أن الخصخصة غير داخلة في مسألة الصالح العام، لأنهم أخذوا حقوقهم، وبالتالي فإن الاعتماد حالياً على معلومات الاستمارة التي تمت إضافة رقم الموبايل، والسكن لها والتي على ضوءها سيتم اتخاذ القرار.

وحول قضايا التعيين المؤقت بما فيها دفعة وزارة الخارجية الذين اكملوا كل اجراءات التوظيف، وكانوا في انتظار خطابات التعيين وأداء القسم إلا أنه تم فصلهم، بجانب حالات خاصة أخرى، أكد يعقوب، أن اللجنة ستدرس حالاتهم بشكل فردي.

قضية شائكة

أقرّ رشيد، بأن قضية المفصولين شائكة، لكونها غير محصورة في إعادة وتعويض المفصول فقط، معلناً عن رفع رؤيتهم إلى رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، لإنصاف المفصولين. وبشأن المفصولين من الجنوبيين، قال إن قضيتهم معقدة، وتحتاج قراراً سياسياً لا فنياً، إلا أنه قطع بان اللجنة لن تظلمهم من أي حقوق باعتبار انفصالهم «لم نبلعه بعد» ـ على حد تعبيره ـ.

أوضاع مأساوية

أكد رئيس اللجنة القومية للمفصولين وعضو اللجنة العليا للنظر في قضايا المفصولين صلاح محمد عيسى، أنه من الصعب جداً تحديد احصائية محدد بعدد المفصولين، باعتبار أن الفصل أخذ مناحي كثيرة، مدللاً على ذلك بأنه حتى مدراء المصالح في الحكومة البائد كانوا يقومون بالفصل.

وتوقع عيسى، في تصريح لـ«دارفور 24»،أن يكون عد المفصولين المدنيين والعسكريين حوالى 300 ألف مفصول، كاشفاً عن موافقة رشيد سعيد يعقوب، على تخصيص طابق كامل خاص بالأمن في وزارة الثقافة والإعلام، ليصبح مقراً خاصاً للمفصولين، داعياً رئيس الوزراء، د. حمدوك، إلى إصدار توجيه باخلاء المقر، خاصةً وأنه قريب جداً من الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

وتحدث عيسى، عن أوضاع مالية ونفسية مأساوية وأضرار أسرية رهيبة جداً يعيشها المفصولين وأسرهم، مستشهداً بوجود أبناء مفصولين عبارة عن فاقد تربوي، مع حدوث تفكك أسري، وإصابة آخرين بالزهايمر وأمراض نفسية، وآخرون ـ وأنا منهم ـ يسكنون بالإيجار، وزملائنا اليوم يشيدون في الطابق الثالث ـ على حد تعبيره ـ.

ورأى عيسى، أن الأضرار التي وقعت على المفصولين لا تعوض، مؤكداً أن الفصل جريمة كبيرة ارتكبت في حق الوطن والأفراد، كما أن السودان ضُرب في مقتل، بضرب الخدمة المدنية والتعليم، وإتاحة الفرص لظهور من أسماها عيسى (الدولة اللصوصية).

وتوقع استيعاب أقل من 10% فقط من المفصولين في الخدمة المدنية والعسكرية، بحكم عامل السن، قائلاً: «أنا مفصول يناير 1990 وكان عمري حينها 35، والآن أكملته سن الـ 65، وبالتالي أصبحت خارج الخدمة».

قرار رد الاعتبار

قال عيسى، إنهم ينتظرون القرار السياسي من رئيس الوزراء د. حمدوك، لرد الاعتبار الأدبي قبل المادي للمفصولين، والذي قال إن صدوره سيرفع أسهم الحكومة.

واتفق رئيس اللجنة التنفيذية للمفصولين احمد محمد علي، مع عيسى، بتمسكهم بإصدار قرار سياسي يلغي جميع قرارات الفصل.

ودعا علي، إلى تكوين مفوضية للنظر في أربعة حالات تتمثّل في المتوفين، وذلك بأن تنال أسرهم من تاريخ الفصل حتى تاريخ وفاتهم، ومن وصلوا سن المعاش من تاريخ الفصل حتى بلغوا سن المعاش يتم إعطائهم حقوقهم كاملة بمعاش اليوم، وصغار السِن الذين لا يملكوناً معاشاً يتم إيصالهم سن المعاش وإعطائهم كامل حقوقهم بمعاش اليوم، مع إعادة صغار السن الذين يرغبون في العمل، وإعطائهم حقوقهم كاملةً والوظائف التي عليها زملائهم.

وأكد علي، في تصريح لـ«دارفور 24»، إمتلاكهم حالياً، أوراق حوالى 200 ألف مفصول من الخدمة المدنية، وأنهم جاهزين لتسليمها إلى «اللجنة».