الجنينة- دارفور24
كشف شيخ مشايخ معسكر السلطان بمدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور أحمد سليمان أحمد إسماعيل، عن هدوء نسبي داخل معسكرات “السلطان، كريندنق1، وكريندنق2″، إلا أنه استدرك قائلاُ: «لكن لا يوجد إطمئنان كامل.. هنالك حالة من الخوف وعدم الأمان، ولا توجد قرارات واضحة جرى اتخاذها بخصوص المتورطين في مجزرة الجنينة».
وأعلن مجلس الوزراء، أمس “الأربعاء”، أنه سيتم رفع الحصانة عن أفراد القوات النظامية المتورطين في تلك الأحداث الدامية التي خلّفت 165 قتيلاً و189 جريحاً، وأن ذلك سيكون هو الأسلوب الذي سيتبع في معالجة مثل هذه النزاعات.
وتحدث قذافي، لـدارفور24″ من داخل إحدى مراكز المشردين، بأن بعض الموجودين داخل تلك المعكسرات لا يمتلكون كروتاً ولم يتم تسجيلهم بعد، مبيناً أن أصحاب الكروت سابقاً في معسكر السلطان يبلغ عددهم (10227) فرد، وكريندنق 2 (12000)، وكريندنق 1 (30000)، وأشار إلى أنه تم نهب وحرق البيوت الأخرى غير العربية، في حي كريندنق الواقع بعد المعسكر، وأن سكان الحي يتواجدون حالياً داخل المركز، لافتاً إلى أن حي كريندنق ودار النعيم، وام دوين، ودروبي، ومربعات أخرى أصبحوا نازحين ويتواجدون الآن معهُم داخل مراكز المشردين.
وقال قذافي، وهو أحد النازحين والملقب بـ “قذافي”، إنه يتفق تماماً مع ما ذهب إليه النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي»، الذي زار الجنينة ومكث فيها 5 أيام يرافقه وفد اللجنة العليا لمجلسي السيادة والوزراء، بأن حكومة ولاية غرب دارفور، تتحمل مسؤولية تفاقم الأحداث، بسبب تحركها المتأخر لمعالجة المشكلة، الأمر الذى أدى إلى انفلات أمني وتأزم في الموقف.
وأكّد قذافي، أن المشكلة ليست مشكلة قبيلة أو مسالة اتفاق بين قبيلتين على الاطلاق، كما أكّد أنه لا توجد لديهم مشكلة مع العرب، مستشهداً بنزوحهم في الأعوام (97 و99 و2003) والذي قال إنه يتكرر حالياً (النزوح)، مطالباُ الحكومة المركزية بالمُضي في الإجراءات الجنائية وتقديم المتورطين في مجزرة الجنينة إلى محاكمة عادلة وليس كما كان يفعل النظام البائد بعدم محاسبة المجرمين، مع ضرورة تأمين كامل للمعسكرات، وإرجاع جميع ما تم نهبه من (عربات وبوابير) وغيرها من ممتلكات إلى أصحابها والتي قال إنه تم إدخالها إلى بعض الأحياء بعد حرقهم للمعسكرات.
* المجرم لا قبيلة له
بدوره رأى الكاتب والمحلل السياسي عبدالله آدم خاطر، أن دارفور خرجت من دائرة أن الحرب ستحقق أي مصلحة سواءً كانت عامة أو خاصة، كما أن القبائل والمجموعات السكانية بدأت منذ فترة تبحث عن وسائل لتقريب وجهات النظر والعودة الى التعايش، والعمل المشترك، وحدث إعلان بالإقليم وتأكد أكثر في غرب دارفور بأن (المجرم لا قبيلة له)، وهي مسالة في غاية الأهمية تُبيّن أن الجميع ضد انتهاك حقوق الانسان، والتغول على المكتسبات والموروثات والعادات وهي جميعاً في اطار القانون ولكنها محترمة.
وأكّد أن هذه المسائل تكشف أن نسبة تطور الأحداث مجدداً في غرب دارفور تكاد تكون معدومة أو محدودة، وعموماً فإن الاجراءات القانونية يجب أن تعالج في إطار التغيير والثورة والنظرة الى المستقبل، والتي تأخرت كثيراً بسبب التفاوض الدائر حالياً بجوبا، رُغم أن التفاوض الجاري حالياً بعاصمة دولة جنوب السودان يحمل أهمية قصوى في إنهاء الأزمة على مستوى السودان عامةً وليس دارفور فقط.
* التفاؤل بإعمال القانون
ودفع خاطر، في حديث خصّ به “دارفور24” بإشارات تحمل تفاؤلاً بنجاح الجهود الجارية حالياً، والتي منها تواصل الحكومة المدنية مع المواطنين في مجموعاتهم المختلفة لإنهاء النزاع والإدماج الكلي في ظل التغيير الثوري الحالي، وهو ضامن أساسي، حيث يجب ان تكون هنالك ضمانة حكومية، ومضى قائلاً: «لكن الضمانة الطبيعية هي الضمانة المجتمعية التي تفاوض وتحاور المواطنين حولها، بأن “المجرم لا قبيلة له” وهو المفتاح الأساسي المجتمعي لضمان عدم تطور أي مشكلة بين طرفين إلى أزمة اجتماعية.
وتمسّك خاطر، بانتهاج مبدأ الاحتكام للقانون بشأن طي الصراعات والتي آخرها مجرزة الجنينة، مشيراً إلى أنه عندما يُقال “المجرم لا قبيلة له”، تعني أنه يجب حسمه عن طريق القانون وفقاً للمعايير الدولية والمحلية التي تحفظ حقوق الأفراد والجماعات، وهذا لا مناص منه، طالما أن هذه الثورة هي ثورة سيادة القانون وشرعية الثورة شرعية قانونية وليست ثورية، وبالتالي يُصبح القانون هو الأساس في كل العلاقات المستقبلية في الولايات او الاقاليم او المستوى القومي.
* تفعيل قانون التفكيك بالولايات
ورفض خاطر، الذي تحدث إلينا وهو في طريقه إلى دارفور، المقارنة بين نهج حكومة الإنقاذ البائدة في معالجة مثل هذه الأزمات، بالسياسة التي تنتهجها حكومة الثورة حالياً، قائلاً: بكل أسف النظام القديم لا يزال موجود في شكل إدارة الخدمة المدنية والعسكرية، ونحتاج إلى ضرورة تفعيل قانون تفكيك النظام في الاقاليم مثلما يحدث حالياً في العاصمة الخرطوم، وهو أمر لابد منه ويجب أن يبدأ الآن بالتزامن مع جميع الاجراءات التي تتم في المركز».
وأضاف: «تأكيد النائب الأول لرئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، على ضرورة فرض هيبة الدولة بتطبيق القانون عبر القوات النظامية بإعطائها صلاحيات أوسع، على أن يصاحب كل القوات المتحركة وكلاء نيابة، يأتي في إطار هيبة الدولة وفقاً للقانون على العكس تماماً من سياسة نظام المخلوع عمر البشير البائد، فهنالك فرق كبير جداً بين حديث حكومة الثورة، والمخلوع، الذي تحدث عن هيبة الدولة بأنه لا يريد أسير أو جريح وأنه يُريد أرض دارفور خالية من السكان، وبالتالي فإن المؤكد مما قاله حميدتي، وحمدوك، حديث يتسق مع قوانين الدولة وحقوق الإنسان والقوانين الدولية التي تحفظ المواطنين من أي إنتهاكات من الدولة، والآن على القوات المسلحة أن تحافظ على أرواح المواطنين وحقوقهم وتحمي مساراتهم الاجتماعية والاقتصادية».
وتابع : «هيبة الدولة عملية يمكن ان تُبنى بناءً مستمراً وأن يعمل الجميع لأجل أن تتحقق، حيث لا يمكن بناء هيبة الدولة خلال شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين، فهي اتجاه عقلي وروحي وفي نفس الوقت سلوك لابد أن يُبنى بوسائل الإعلام والتعليم والحراك الاجتماعي والتثقيف المستمر وإحياء السُنن التي كانت ذات قيمة في حفظ العلاقات بين الأطراف المختلفة».
* رسالة السلطان بحر الدين
وتعمّد خاطر إرسال رسالة قديمة جديدة إلى الشعب السوداني عامة وإنسان دارفور خاصة، قائلاً: «رسالتي أصلاً موجودة لكن لابُد من إحياء هذا الرسالة وهي الرسالة التي وضعها السلطان بحرالدين، عندما قال “الجنينة دار هندوكة” باستيعابها لكل الإثنيات والقبائل والمجموعات الموجودة فيها والمنتمية لها وتنطلق في مصالحها من حماية الدولة والسلطنة في ذلك الوقت، والآن أصبحت سلطة الدولة السودانية، ولذلك هذه الرسالة يجب أن تؤخذ في الاعتبار في كل الوطن وليس الجنينة ودار المساليت والعرب فقط، باعتبارها رسالة اليوم وإن كانت قد قِيلت في العام (1910م)».
* المثقفين من أبناء دارفور
وتوقع خاطر، أن يكون إنسان دارفور قد تجاوز الشعور بأن الحرب يُمكن ان تحل قضية، ورأى أن هذه هو الوقت الذي يجب فيه على أبناء الإقليم المستنيرين الإسهام مساهمة حقيقية في إعادة ترتيب الأوضاع، مؤكداً أن الطريق مفتوح أمامهم والدولة أصبحت دولتهم، والحكومة هي حكومة التغيير والحرية، وبالتالي لايوجد عذر لأحد أبداً.
وعاد خاطر، للتذكير بأن دارفور تمتلك الموارد والمستقبل وكل الظروف المواتية إلا أنها ما زالت مهملة إهمال كبير من المثقفين وأجهزة الدولة، ومضى قائلةً: «دارفور مهملة مهملة مهملة.. هنالك تطلع لتغيير وضع المعسكرات لوضع أفضل، ولذلك فإن الجميع ينظر إلى عملية السلام في جوبا بنظرة جديدة باعتبارها مدخل لحل المشاكل التي حرمت المواطنين من أن يكونوا جزءً من أرضهم وثرواتهم وتقاليدهم وعاداتهم ومشاركتهم في بناء بلدهم الكبير السودان».