عشرون عاماً ومواطنو شرق الجزيرة يعانون الأمراض ولدغات العقارب والثعابين جراء مشروع زراعي لم يلتزم ملاكه بشروط التأسيس، مما جعل المواطنيين يدفعون الثمن وقد فشلت كل مساعيهم في ايقاف المشروع.

يقع مشروع “زايد الخير” في محلية شرق الجزيرة، يقوم المشروع بزراعة “الردوس والأرز” التي تحتاج لغمرها بالمياه مما تسبب في توالد البعوض وجلب الثعابين والعقاراب التي تداهم منازل السكان مع مغيب الشمس، بحسب شهادات بعضهم لـ “دارفور 24”.

تعود ملكيته المشروع “زايد الخير” إلى مستثمر اماراتي يسمى منصور، وهو الاسم الذي يحفظه الأهالي، لكن هنالك حقيقة ظهرت في أعقاب ثورة ديسمبر المجيدة حيث ظهر للمشروع شريك سوداني تمثله شركة “الاتجاهات المتعددة” والتي تعود ملكيتها للتصنيع الحربي.

بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر حسن البشير، وتحويل لجان المقاومة إلى سلطة محلية بحسب قرار وزير الحكم الاتحادي القاضي بتحويلها إلى لجان “الخدمات والتغيير” قامت هذه اللجان بتسير موكب احتجاجي طالبت خلاله بإزالة مشروع زايد الخير.

وقال سكرتير لجنة الخدمات والتغيير، ياسر محمود، لـ “دارفور 24” إنهم جلسوا مع شركة الاتجاهات المتعددة التابعة للتصنيع الحربي، وأبلغهم متحدث بأسم الشركة حديثاً متضارباً حيث قال لهم “الاتجاهات المتعددة” قامت بشراء المشروع من المستثمر السابق، ومرة أخرى قال إن الشركة وضعت يدها على المشروع بعد سقوط النظام البائد.

وتابع ياسر “بغض النظر عن الاسماء فهي بالنسبة لنا غير شرعية لأنها ورثة المشروع من جسم غير شرعي اغتصب الأراضي بواسطة قادة المؤتمر الوطني في المنطقة، بعد وجودهم حماية من قيادات عليا في عهد النظام البائد”.

وأكد أن مطلبهم الأساسي هو إيقاف المشروع ومنع تدفق المياه في أرض المشروع، موضحا أن كل العقود بين زايد الخير وما تبعها من شركات لاغية لأنها كانت باطلة ومفروضة بقوة وجبروت نظام الإنقاذ.

وقال ياسر إن أدراة شركة الأتجاهات المتعددة استجابت لطلب إيقاف العمل بالمشروع، وأكدت لهم إن العمل سوف يستئناف في المشروع إذا وافق الأهالي والملاك على الأستثمار سوف يكون ذلك وفقاً لعقود جديدة وبواسطة لجان المقاومة بالقرى المتضررة وأستشاريون قانونيين.

وأكد أن لجان الخدمات ستقوم بتكوين لجان متابعة لتنفيذ هذه البنود ومتابعة توقف المياه والعمل واتخاذ قرار معا بالاحتفاظ بالارض للملاك.

أصل الحكاية

يقول رئيس لجنة الملاك، يوسف التاي، إن الموقع الحالي للمشروع ليس هو الموقع المتفق عليه لقيام المشروع، حسب الخارطة الجغرافية والمسح الجوي الذي على أساسه قام المشروع وأن العقود التي تم أبرامها بين المستثمر وملاك الأراضي والجهات المسؤالة كانت معيبة وصاحبها أخطأ منذ البداية.

وأوضح أن الأرض التي عليها المشروع غير مسجلة في مصلحة الأراضي وتعتبر حيازات للمواطنيين منذ مئات السنين وأن المواطنين تفاجأوا في أوقات سابقة بدخول عدد من الآليات إلى أراضيهم مما شكل رد فعل وغضب تجاه المشروع الحالي.

وبعد وعود وافق المواطنيين على قيام المشروع بشروط يلتزم بها المستثمر وهي ان لا يتم زراعة غير محاصيل “الذرة الشامية وعباد الشمس وغيرها من المحاصيل التي لا تسبب ضررا للمواطن”.

بيد ان المستثمر لم يلتزم بالشروط حيث تم تبديل الدورة الزراعية بمحاصيل أخرى مثل “الأرز والزيفون والرودس” نتج عنها توالد للبعوض والفئرات والثعابين والكثير من الآفات والحشرات التي أصبحت تشكل هاجساً مفزعاً للمواطنين بالمنطقة لما تحتاجه تلك المحاصيل للمياه كثيف وللفترات طويلة، مما أصاب الناس بالأمراض والأوبئة.

وأضاف التي “منذ العام 2000م وحتى 2005م لا زال الناس في خطوة واحدة برغم التسويات التي حدثت ،في عهد الوالي الأسبق عبد الرحمن سر الختم حيث طالب المستثمر بأن يدفع للمواطنين وأصحاب الأرض 1750 مليون جنيه لجلب طرمبات حتى تتم سقاية المساحة المخصصة للأهالي والتي تبلغ 10 آلاف فدان، ولكن لم يتم التنفيذ”.

نهج خاطئ

وطالب بيان من لجنة الأهالي بمراجعة الأتفاقيات والعقود من ناحية قانونية، على ان تلتزم إدارة المشروع بزراعة محاصيل محددة وان ترفض زراعة اي محصول غير موجود ضمن الاتفاق.

كما دعا البيان إلى تشغيل أبناء المنطقة في المشروع كعاملين وموظفيين، وأن تلتزم إدارة المشروع بتكاليف زراعة مساحة 40 ألف فدان منها 75% للمشروع و25% لأهالي المنطقة، كما تنشئي إدارة المشروع وحدة لمكافحة الآثار المترتبة والناجمة عن المشروع والمبيدات، وتلتزم بالمسؤولية الاجتماعية من مشاريع صحية وتعليمية وخدمات طرق حسب الأولوية.

من جانبه قال سليمان أحمد، أحد مواطني منطقة ودعشيب في حديثه لـ (دارفور24) إن منازلهم أصبحت مستباحة بواسطة جيوش البعوض مع مغيب الشمس، كما أن الفئران تغزوا المطابخ والمخازن في إي وقت، والثعابين تهدد حياتهم.

وأضاف “نلتزم النواميس مع مغيب الشمس وإذا انقطع الكهرباء لا نستطيع الجلوس خارج الناموسية لدقيقة، ورغم كل هذه المعاناة فأننا لا نستفيذ من المشروع شئاً، لأنه سلب أرضنا وأثر على صحتنا ولم تستطيع الحكومة أن تفعل شيئا لصالح المواطنين”.

وتابع “رغم اعتراف الحكومة الولائية والمركزية بالأضرار التي أصابتنا إلا أنها لم تقدم سوى وعود زايفة وتخدير لصالح “زايد الخير”.

من جانبه قال المواطن القاسم عثمان لـ (دارفور24) إن قيام المشروع من الأساس تم على نهج خاطئ، مؤكداً على أنها قامت في أرض غير مخصصة للمشروع والأرض التي بها المشروع هي أرضي المواطنيين.

وأوضح أنهم رغم ذلك أبدوا موافقته من أجل مصلحة الوطن والمواطن، مضيفاً “لكن لم يستفيد مننا أحد ولم يجلب لنا مشروع زايد الخير إلا الشر من بعوض وثعابين”.

وأوضح أن أجرة الأرض في ثلاث سنوات لا تتجاوز (300) جنيه، قائلاً إنهم لم يستفيدوا حتى في أن يوفر لهم المشروع عملاً، موضحاً أن كل العاملين بالمشروع من خارج المنطقة.

وأكد أنهم يبحثون عن حل خوفا على صحتهم وصحة أبنائهم أكثر من أسترجاع أرضيهم، مؤكداً فشل الحكومة السابقة في إيجاد حل للأزمة. مضيفاً “اتمنى ان تجد حكومة الثورة الحل الذي يحقق مصلحة الوطن والمواطن”.