لم تختلف وجهات النظر حول تقييم اداء اللواء هاشم خالد محمود الوالي المكلف لجنوب دارفور، والذي تم تكليفه ضمن قادة الفرق العسكرية بإدارة شئون الولايات عشية سقوط نظام البشير، فالفترة التي قضاها والي جنوب دارفور المكلف لا تخلو من الاخفاقات، التي طغت على اراء من استطلعتهم بمناسبة مرور تسعة أشهر على تولي الحكام العسكريين دفة شئون الولايات، وتزايد ارتفاع الاصوات المنادية بإعفاء الولاة العسكريين وتعيين مدنيين بدلاً عنهم.

فقد اجمعت الآراء التي استطلعتها (دارفور 24) بأن الوالي افقد الولاية الاحساس بالتغيير الذي احدثته ثورة ديسمبر المجيدة، فالولاية لا زالت تدار بذات الاشخاص الذين كانوا في عهد النظام البائد ولم ير الناس هنا أي من فاسدي النظام البائد تطاله يد العدالة بل جميعهم احرار يمشون بين الناس يمتطون الفارهات التي حصلوا عليها من مال الشعب، وفي سبتمبر الماضي بلغ امتعاض مواطني الولاية من نهج الوالي ذروته حيث خرجوا في مظاهرات استمرت 3ايام يطالبون بإقالته من منصبه.

ويقول الشاب السماني عباس- من سكان بنيالا- إن الوالي فشل في ادارة الشأن الامني على الرغم من خلفيته العسكرية التي اتت به للمنصب، وذكر أن في عهده عادت الانفلاتات الأمنية لمدينة نيالا عاصمة الولاية.

وأضاف “على سبيل المثال في حي الوادي شرق هناك”4″ مسلحين يجوبون طرقات الحي من بعد صلاة المغرب وهم يحملون اسلحتهم ويهددون المواطنين وينهبون ممتلكاتهم، وليس هناك أي جهة تتصدى لهم رغم البلاغات التي تقدم بها المواطنون مرات عدة”.

وأشار الى أن جنوب دارفور لا زالت تحكم بعناصر النظام السابق، حيث لا زالت ادارات المؤسسات الحكومية تابعة للنظام، وبعضها عينها الوالي الاسبق آدم الفكي، كما فشل الوالي- بحسب السماني- في ادارة ملف محاربة الفساد وتحقيق اهداف ثورة ديسمبر.

وأضاف “للآن لم تتم محاكمة أي مفسد من عناصر النظام السابق رغم وضوح الجرائم والقضايا”، وقال السماني انه لوقت شعر بأن الولاية ليست بها حكومة وليس هناك والي، خاصة عندما وقعت جريمة الاعتداء على مقر بعثة الاتحاد الافريقي والامم المتحدة بدارفور “سوبركامب نيالا” ويزيد السماني “الوالي فشل فشلاً زريعاً في الحفاظ على مقر اليوناميد”.

تقاعس

فيما وصفه الصحفي خالد جبريل بأفشل والي يمر على الولاية، واتهمه بالتقاعس عن اداء واجبه، واستدل خالد بما جرى لمقر بعثة اليوناميد من دمار وتخريب تحت مسئوليته، وقال ان الوالي من اولى واجباته ان يحافظ على ارواح وممتلكات مواطني الولاية، لكن في عهد الوالي هاشم خالد تم تدمير مقر اليوناميد وازهقت ارواح في عدد من حوادث النهب المسلح في طريق نيالا برام في وادي “قرقش” وعجز الوالي وهو قائد للجيش عن توفير قوة لتأمين الطريق، فاضطر المواطنون الى وضع التدابير لحماية انفسهم.

وذكر بأنه بسبب الخلافات بين الوالي والحرية والتغيير بالولاية وعدم انسجامهم لا زالت المؤسسات تدار بواسطة عناصر وقيادات المؤتمر الوطني المحلول، وكأن جنوب دارفور لم تغشاها الثورة، وطالب خالد جبريل المجلس السيادي بتحمل مسئوليته كاملة وتعيين والي مدني للولاية، بغض النظر عن- ما وصفها- بجعجعة الجبهة الثورية.

ونبه الى ان الوالي لا زال يسير الولاية وفقاً للقرارات والاوامر الجائرة التي صدرت في عهد الوالي ادم الفكي، الامر الذي تسبب في ارتفاع للأسعار بصورة جنونية، واوضح ان من ابرز هذه القرارات ان عواصم ولايات دارفور دون غيرها من مدن السودان توجد بها “بورصة سلعية” تجبي اموالاً ضخمة من السلع الواردة للولاية، وتابع “في كل المدن تشحن الدقيق او السكر او أي سلعة من الخرطوم الى مخزنك في المدينة المعينة لكن هنا في نيالا لابد ان تمر بالبورصة وتدفع اموالاً طائلة قبل الوصول الى المخزن”

وفيما يتعلق بملف الفساد قال خالد جبريل ان الوالي لم يحرك ساكناً رغم ان هناك ملفات وقضايا تتطلب منه ان يتحرك فيها مثل “قضايا الاراضي، والعقيدة والدعوة، ومشروع مركز المال والاعمال “مول نيالا” لكن قوى الحرية والتغيير بالولاية تقول انها التمست من خلال تعاملها مع الوالي منذ توليه ادارة شئون الولاية انه يفضل ان “يمشي تحت الحيطة” ولا يرغب في أي مواجهة بينه وعناصر النظام البائد.

وقال عضو تنسيقية الحرية والتغيير بالولاية محمود اسماعيل إن الوالي لم يستطع المحافظة على أمن واستقرار الولاية، حيث وقعت في عهده اختلالات امنية ابزرها احداث فض اعتصام الثوار بنيالا، والتي راح ضحيتها طفل وجرح عدد من المعتصمين امام مقر امانة الحكومة وقيادة الجيش بنيالا.

وذكر أن الوالي أبدى لهم عدم شفافية في تعاطيه مع قضايا الولاية، إضافة الى انه شكل لجنة لتقصي الحقائق حول الحادثة، وسلمته قوى الحرية والتغيير اسماء الاشخاص المتسببين في المشكلة التي ادت الى حادثة فض الاعتصام، لكنه للآن لم يعلن نتيجة التحقيق على الرغم من مرور “ثمانية” اشهر عليها.

وأكد محمود أن الحرية والتغيير بالولاية التمست تعاطفاً للوالي مع عناصر النظام السابق، علاوة على ضعفه في التعامل مع ملفات الثورة، وأشار إلى انه بموجب قانون الطوارئ ألقت الأجهزة الأمنية القبض على قيادات من النظام البائد، لكنه أطلق سراحهم بحجة انه لا يريد ان يتورط في مواجهات مع القبائل على الرغم ان بعض هؤلاء القيادات متورطون في قضايا فساد.

وأوضح أن الوالي تسلم عدداً من ملفات فساد العهد البائد، لكنه لم يستطع تحريكها، وقال إن الوالي يفضل المشي تحت الحيطة، الى ان يسلم هذه الملفات إلى والي مدني.

وتقول الحرية والتغيير- شريك السلطة وفقاً للوثيقة الدستورية- انها لم تستطع ان تخلق تناغماً مع الوالي، وظلت كل قرارات الوالي وتصرفاته امنية وتحركاته وتواصله مع قيادات النظام السابق “المديرين العامين للوزارات، والمديرين التنفيذيين للمحليات، ومفوض العون الانساني بالاضافة الى احتفاظه بمدير مكتب الوالي الذي عينه الوالي السابق ادم الفكي” وقال اسماعيل ان الوالي غير راغب في التعاون مع الحرية والتغيير، ويفضل الابقاء على عناصر النظام السابق لقيادة المؤسسات الحكومية،

وانتقد “اسماعيل” اداء الوالي حتى في الجوانب الامنية وقال ان استشعار لجنة امن الولاية للقضايا الامنية ضعيف جداً بدليل الاحداث التي وقعت في مناطق “مرشينج، وقريضة، وسرقيلا وتمباسي” في غضون ثلاثة ايام متتالية في سبتمبر الماضي، والتي راح ضحيتها ما يقارب 20 شخص وعدد من الجرحى من المدنيين والعسكريين.

وذكر ان سلبيات الوالي هاشم خالد تلخصت في حادثة تدمير مقر بعثة اليوناميد “سوبركامب” في ديسمبر المنصرم، وبيّن ان تشكيل الوالي للجان الخاصة باستلام وتسليم مقر البعثة كان مخلاً، بالاضافة الى توزيعه لبعض “الكونتينات” صاحبته العشوائية، وقال اتضح لنا جليا ان الوالي غير مؤهل أمنياً ولا سياسياً لإدارة الولاية.