الخرطوم- دارفور24

رجّحت كفة التأييد لدعوة رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك إلى الأمم المتحدة بتخصيص بعثة تحت الفصل السادس لدعم السلام في البلاد على كفّة الرفض، مع رسائل لم تخلو من المُناصحة في بريد حمدوك، حيث دافع خبراء وسفراء استنطقتهم “دارفور24” عن الدعوة، باعتبارها وحسب رؤيتهم تخدم السودان حال تمّ استيعابها وإيصال للرأي العام المحلي بتفاصيلها الحقيقية دون غرضٍ كما يُسوّق البعض لذلك لِخدمة أجندةٍ ما أو عن جهلٍ.

وبعث حمدوك نهاية يناير المنصرم خطاباً إلى الأمين العام للأمم المتحدة طالباً من الأمم المتحدة أن تسعى إلى الحصول على ولاية من مجلس الأمن لإنشاء عملية لدعم السلام بموجب الفصل السادس في أقرب وقت ممكن، في شكل بعثة سياسية خاصة تضم عنصراً قوياً لبناء السلام، وأن تشمل ولاية البعثة المرتقبة كامل أراضي السودان، وذلك لمواجهة التحديات التي أجملها رئيس وزراء حكومة ثورة ديسمبر المجيدة في استحقاقات السلام والأزمة الاقتصادية ووجود السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب.

* حق مشروع

وقال السفير والقيادي في حزب الأمة القومي نجيب الخير عبد الوهاب، لـ «دارفور 24»، إن رؤيته تتفق وتؤيد رؤية حزبه الذي يتزعمه الصادق المهدي، والمتمثلة في أربعة نقاط تتلخّص في تأمينه على الحق المشروع الكامل لرئيس مجلس الوزراء بطلب عون ومساعدة الأمم المتحدة لتحقيق السلام والاستقرار وتأمين الاحتياجات ذات الصلة، كما نقل تأكيدات الحزب بأن تحقيق السلام يستوجب في المقام الأول إلى توافق الحكومة الانتقالية وأطراف النزاع وشركاء السلام والأسرة الدولية، وأن تحقيق السلام يتحقق عبر توافق القوى المدنية الحاملة للسلاح والقوى المدنية الموجودة في مناطق النزاع باعتبار أن لها وزن مساوٍ للقوى الحاملة للسلاح، مع التأكيد على ضرورة أن السلام المُستدام في السودان يحتاج في المقام الأول إلى قيام الحكومة الانتقالية بالتشاور الواسع مع أطراف النزاع وشركاء السلام الوطنيين وغير الوطنيين.

وتحفظ السفير نجيب والذي شغل منصب وزير الدولة للخارجية السودانية سابقاً، ورئيس هيئة الدبلوماسيين السودانيين، عن الخوض في حدوث إنقسام وسط الشارع السوداني من عدمه حيال الخطوة، باعتبار أن البعض أيّد توجه حمدوك، تحاشيا لانتكاس الفترة الانتقالية، والبعض الآخر رفضها خوفاً من انتهاك السيادة الوطنية.

* مساعدات لا احتلال

وأكّد الخبير في شؤون المراسم والمدير الأسبق لمراسم الدولة السفير سيد شريف أحمد، أن الفصل السادس يختلف عن الفصل السابع، ومضى قائلاً: «نحنُ أصلاً غرقانين في الفصل السابع في إقليم دارفور من “اليوناميد” ونجلس عليه ولم يتحول علينا شيء، وجالسين في أبيي بالفصل السابع، ولذلك لا جديد علينا إذا جاءنا الفصل السادس، زد على ذلك أن الفصل السادس لا علاقة لهُ بالسابع».

وأضاف: «في الفصل السادس مساعدات للمفاوضات، والتنمية المُستدامة، والنازحين والمشردين، وعودة اللاجئين من الدول، وللذين سيعملون على إقامة التفاوض بالنسبة لعودتهم إلى مناطقهم التي احتلها غيرهُم، وبالتالي الفصل السادس للمساعدات والتمويل وليس احتلال».

ودعا السفير شريف، إلى أخذ الحذر مِمن أسماهُم «أصحاب الأغراض السياسية»، ناصحاً في الوقت ذاته أصحاب تلك الأغراض بأن يفهموا أولاً ويقوموا بقراءة ما المقصود بالفصل السادس بدون الدخول في كلام فارغ ـ على حد تعبيره ـ، ومضى قائلاً: «عليكم أن تتعلموا.. متى تُريدون أن تتعلموا؟»، ولا «تنطو» كل حين لتحدثونا عن الحرية والعدالة وأنكم خُبراء سياسيين وأنكم أسياد السياسة، وأنصحكم بالجلوس في «مواعينكم».

ودافع السفير شريف، في تصريح لـ«دارفور24»، عن حمدوك، قائلاً: «حمدوك أتت به الدولة وسياسة التغيير، وذلك بقناعة تامة أنه شخص مؤهل لذلك، فاليوم نرى رئيس مجلس الوزراء في الأمم المتحدة وألمانيا ويقابل رؤساء دول وقيادات مؤثرة عالمياً، والسؤال من كان يذهب في الماضي؟، ولذلك طالما وجدنا شخص يجلس مع رؤساء دول ويحاورهم ويُقنعهُم لمساعدتك فإن على الأصوات الشاذة الجلوس على الأرض والصبر، فلا يُمكن أن تًحلّ مشكلة ثلاثين عاماً خلال ثلاثة أشهر، وأنت كُنت صامتاً وجالساً طِيلة ثلاثة عقود، كما أن قضية دارفور ليست بجديدة، فقد قتل نظام الإنقاذ إنسان دارفور باعتراف المخلوع عمر البشير.

وأعاد السفير شريف لذاكرة البعض مدى أهلية حمدوك لقيادة البلاد، حين دلل بجلوس رئيس الوزراء مع الرئيس السابق للولايات المُتحدة الأمريكية باراك أوباما لحل مشاكل الاقتصاد الأمريكي، وعلى تلك الأصوات المُثبطة للهِمم معرفة ملكات حمدوك وخطوة قراره مستقبلاً.

* استعمار جديد

وتخوّف الدبلوماسي السابق بالخارجية السودانية السفير الرشيد أبو شامة من أن يشكل طلب حمدوك، مدخلا لما يسميه “الاستعمار الجديد”، باعتبار أن الاستعمار القديم بالجيوش انتهى، إلا أن هنالك استعمار جديد عبر المنظمات الدولية التي يمكن أن تضم عناصر استخباراتية يدخلون أي بلد بأجهزة متطورة لا يمكن السيطرة عليها.

وأبلغ الدبلوماسي أبو شامة، «الجزيرة نت»، أنه رغم ثقته في حمدوك، وخبرته في العلاقات الدولية إلا أن الحذر واجباً، ورأى أن بالإمكان الاكتفاء بإجراء مماثل للتجربة التي أعقبت توقيع اتفاقية السلام الشامل عام 2005، عندما تمت الاستعانة بخبراء دوليين للإشراف على عملية إعادة دمج وتسريح القوات، وذلك بدلا من وضع البلد تحت البند السادس.

ونصح الرشيد في حال قبول الأمم المتحدة، بأن يكون هنالك تدقيقاً في التوصيات الخاصة بالبعثة الأممية وإجازتها من قبل الهيئة التشريعية حال تكوينها، أو من قبل الغرفة المشتركة لمجلسي السيادة والوزراء، لوضع شروط تلزم البعثة المقترحة بعدم الانحياز.