وضعت قضية تعيين حكام الولايات مفاوضات السلام السودانية بجوبا في منعطف إستثنائي، في ظل تمسك الحركات المسلحة المنضوية تحت تحالف “الجبهة الثورية” برفضها الخطوة قبل توقيع اتفاق السلام، بينما اتفقت الحكومة وقوى الحرية والتغيير على تكليف ولاة مؤقتين لحين إكتمال ملف السلام، بحسب مصدر تحدث لـ “دارفور 24”.

وقبل يومين أعلنت الحكومة عن اتجاهها لتعيين حكام مدنيين بالتكليف لحين التوصل لاتفاق سلام مع الحركات المسلحة، بحسب تصريحات للمتحدث باسم وفد التفاوض، محمد حسن التعايشي. قائلاً “إن الحجة التي تبني عليها الحكومة رؤيتها هي أن أمر تكليف ولاة مدنيين لا يتعارض مع السير في المفاوضات إلى النهايات المنطقية وفي نفس الوقت يخدم إستقرار الفترة الإنتقالية”.

لكن قيادات بالجبهة الثورية تحدثوا لـ (دارفور 24) أعلنوا تمسكهم بالموقف الرافض لتعيين حكام الولايات قبل التوصل لاتفاق سلام شامل، معتبرين اي اتجاه لذلك تنصلاً عن اتفاق اعلان جوبا بين الحكومة والحركات المسلحة.

وقبل اسبوعين اتفقت الحكومة السودانية والجبهة الثورية، على تمديد إعلان جوبا الخاص ببدء إجراءات التفاوض وبناء الثقة، لثلاثة أسابيع، خصص الأسبوع الأول لمناقشة أمر تعيين حكام مدنيين للولايات لكن انقضى دون التوصل لتفاهمات.

يقول القيادي بالجبهة الثورية، نمر عبد الرحمن، لـ (دارفور 24) إنهم طلبوا من الوفد الحكومي ضرورة الالتزام بميثاق “إعلان جوبا” الذي ينص على إرجاء تعيين الولاة لحين التوصل لاتفاق سلام شامل، على ان تتركز الجهود حالياً على المضي قدماً في المفاوضات لانجاحها.

وكشف أن الجبهة الثورية تقدمت بطلب يقضي بإعادة النظر في جميع مؤسسات السلطة الانتقالية “المجلس السيادي ومجلس الوزراء وصولاً للمجلس التشريعي”، والاتفاق مجدداً بشكل يضمن تمثيل كل السودانيين في هياكل السلطة.

ويرى نمر أن لا مبرر منطقي للاستعجال في تعيين الولاة قبل الاتفاق على السلام، مضيفاً “بدل ما نستعجل لتعيين الولاة أفضل نستعجل لتحقيق السلام عبر المفاوضات ومن ثم يتم تشكيل هياكل الحكومة كلهال فترة انتقالية كاملة”.

وأوضح أن المبررات التي قدمتها قوى الحرية والتغيير لتشكيل حكام الولايات التي تتعلق بتحسين الأوضاع المعيشية والأمنية، ليست مقنعة.

وأضاف “نحن جلسنا في اجتماعات عديدة بجوبا لإعادة العلاقات بين الحرية والتغيير والجبهة الثورة، وشكلنا لجنة مشتركة لكن حتى الآن لم تصل اللجنة إلى نتائج متقدمة.. كما ان هنالك لجنة مشتركة بشأن تعيين الولاة لكننا تمسكنا بموقفنا الرافض للتعيين، وجلسنا مع عضوي مجلس السيادة “التعايشي وكباشي” وحذرناهم من خطورة الاستعجال في تعيين الولاة وأكدنا ان السلام أكثر أهمية من الولاة”.

تفلتات أمنية

وتشهد مناطق متعددة في دارفور تفلتات أمنية تتمثل في اعتداءات يقوم بها مسلحين ضد المواطنين العزل، وسط اتهامات تلاحق الحكام العسكريين بأنهم متواطئون مع تلك التفلتات بعد ملاحقة المتفلتين ونزع السلاح من أيديهم، ويرى البعض ضرورة عزل الحكام العسكريين لإنهاء تلك التفلتات.

لكن نمر عبد الرحمن يقلل من تلك الرؤية قائلاً إن التفلتات الأمنية بدارفور تنتهي من خلال التوقيع على اتفاق سلام شامل عادل، وليس تعيين حكام مدنيين قبل الاتفاق.

وقال إن جيش الجبهة الثورية بعد توقيع الاتفاق سيساهم في ضبط هذه التفلتات الأمنية وإعادة الاستقرار في دارفور، مضيفاً “بعد تحقيق السلام ووقف العدئيات وتشكيل آليات مراقبة دورية سيكون جيش الجبهة مساهماً في تحقيق الاستقرار وعودة النازحين واللاجئين لقراهم بعد تأمينها”.

الطاهر حجر يتوسط ياسر عرمان وجبريل إبراهيم

وحسب مصدر بقوى الحرية والتغيير تحدث لـ (دارفور 24) فإن الحكومة والتحالف السياسي الحاكم اتفقا على تكليف حكام مدنيين للولايات لحين حسم ملف السلام.

كما ان التعايشي في تصريح له قال إن تكليف الولاة لا يفرض واقع سياسي لا يمكن تغييره لأن الحكومة قد وصلت إلى إتفاق مع قوى الكفاح المسلح بأن إتفاق السلام الذي يتم التوصل إليه سيسود على الواقع السياسي القائم.

يقول نور الدين شمو، المتحدث باسم تجمع قوى تحرير السودان، ـ أحد مكونات الجبهة الثورية ـ إن التجمع متمسكاً بالموقف الثابت من أمر تعيين الولاة وأعضاء المجلس التشريعي كما نص عليه إعلان جوبا القاضي بان يتم التعيين بعد الوصول لاتفاق السلام باعتبار ان السلام هو المدخل الحقيقي لحل جميع إشكالات الدولة السودانية، مما يتطلب التسريع بالوصول لاتفاق السلام من خلال اعطائه الأولوية.

وأشار في قوله لـ (دارفور 24) أن التفاوض في منبر جوبا يسير بخطى حثيثة وتسوده الأجواء الودية بين الطرفين، مضيفاً “حتى الآن هناك الكثير من الانجازات تتمثل في الاتفاق الكامل حول ملف العدالة والحقيقة والمصالحة وملف الأرض والحواكير، وهناك تقدم كبير في ملف السلطة”.

وأكد أن التفلتات الأمنية والانتهاكات التي تشهدها مناطق في دارفور تعتبر ارهاصات وآثار الحرب مما يجعل من الضروري إعطاء الأولوية القصوى لإيقاف الحرب وإحلال السلام.

وأضاف “في تقديرنا مسؤولية حماية المواطنين في كل انحاء البلاد تقع على عاتق الحكومة الانتقالية التي تتكون من مدنيين وعسكرين، ينبغي على الحكومة الانتقالية ان تقوم بواجباتها في حماية الشعب السوداني لا سيما سكان مناطق الصرعات خاصة النازحين حتى يتحقق السلام الشامل الذي يخاطب جذور الأزمة في السودان”.