باريس- دارفور24

* بداية استاذ عبد الواحد ما رأيكم في اتفاق الحكومة الإنتقالية الجبهة الثورية علي تسليم المطلوبين الأربعة وعلي رأسهم المخلوع عمر البشير إلي المحكمة الدولية.. وأنت تدعم مسبقاً هذا الخط..؟

يجب تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية بل ويجب علي القائمين علي السلطة والحكومة الحالية القيام بذلك، لأن هذه مسألة قانونية ومسألة حقوق، وهذا يؤكد علي الإستعداد للتسامح وتقبل الآخر،  ولتحقيق العدالة يجب عدم الترميز السياسي لأن العدالة هي حق للضحايا وهي حق خاص وليست حق عام، هؤلاء الضحايا لازال في مخيلتهم كل هذه الآلام والمآسي والقهر،  فلابد أن يحسوا أن الدولة التي مارست الإبادة، وعلي رأسها البشير الذي إستمرأ جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي والإغتصاب الآن يواجهون العدالة، والعدالة يجب الا تكون مجرد لعب بالكلمات.

* هناك من ينادي بمحاكمة البشير واعوانه الذي ارتكبوا الجرائم في دارفور وبعض مناطق السودان الأخرى داخل السودان…؟

يجب تسليم البشير وكل المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية ببساطة لأنه إذا كان السودان دولة سيادة القانون ما كان لينتهك فيها القانون، وحين عجز السودان عن ذلك، إرتقي الأمر إلي المرحلة الأعلي، وهو القانون الدولي العام، والذي بموجبه حول مجلس الأمن الدولي- كأعلي سلطة موجودة- الجريمة إلي محكمة الجنايات الدولية، التي بدورها تحرت ووجهت هذه الإتهامات بطريقة علمية، وذلك لقدرة المحكمة الدولية علي إدارة هذه القضايا، فقد أدارتها من قبل في “رواندا، والبوسنا والهيرسك، وكرواتيا، وليبيريا، وسيراليون، وفي دول البلقان وغيرها من الدول” إذاً هذه المحكمة لديها المقدرة والمعرفة، بينما القضاء السوداني ليس لديه التجربة، ولا الإمكانية، ولا يوجد به قانون للإبادة، لذلك يجب عدم تسييس مثل هذه القضايا، ويجب تسليم المجرمين من غير أي قيد او شرط وهذا حق وليس منحة.

* أستاذ عبد الواحد حملتم السلاح في وجه النظام السابق في ظروف متباينة من النزاعات السياسية والصرعات والحروبات الأهلية، الآن برأيك ماهي الحلول الجذرية لإحلال السلام الشامل والمستدام بالبلاد…؟

أولاً نحن لم نخرج في ظل حروبات أهلية، نحن خرجنا في ظل حروب الدولة لأن النزاعات القبلية هذه مجودة في السودان منذ العام 1956م وقبل ذلك، وليست جديدة، ولكن الطابع الجديد في هذه الحروبات هو ان الدولة نفسها قامت بتسييس الصراعات، ونحن تمردنا ضد النظام لكي نغيره، لكن الحكومة هاجمت حواضننا الإجتماعية بطريقة عرقية، وسلحت بعض القبائل، كي تمارس الإبادة والتطهير ،الأمر الذي أضر بالنسيج الإجتماعي، ونحن كحركة ظللنا نقول أن المجرمين ليس هم الأشخاص الذين تم استخدامهم إنما المجرمين هم العقل الذي فكر في تقسيم الشعب السوداني الي مجموعات عرقية “عرب وزُرقة” بينما هم شعب واحد سواء كانوا في دارفور أو غيرها، عاشوا كلهم تحت ظلم الأنظمة الصفوية منذ العام 1956م إلي اليوم، وكانوا يعيشون في وئام إجتماعي وسلام، وكانت بينهم علاقات إجتماعية ومصاهرة ومصالح سياسية وإقتصادية، مثلهم مثل كل مجتمعات العالم التي تعيش في سلام وإستقرار دائم، إلي ان اتت حكومة الانقاذ وإرتكبت هذه الجرائم.

* طيب يا استاذ الآن الحكومة التي ارتكبت هذه الجرائم ذهبت، وتركت الكثير من المشاكل التي يئن بها الوطن ما الحل لهذه المشاكل من وجهة نظركم في الحركة..؟

نحن نعتقد أن الحل الجذري هو عقد مؤتمر شامل للسلام بحيث أن لا يكون سلام محاصصات او سلام مناطقيات مثل ما يقال هذه الايام من مسارات “دارفور، وجبال النوبة، والنيل الأزرق، وكردفان والشرق، والجزيرة..وهكذا” الحل في رؤيتنا نحن كحركة لابد ان نجلس ونطرح قضايا السودان في حزمة واحدة، وعندنا مبادرة في هذا الصدد سترى النور قريباً،  لأن مشكلة جبال النوبة هي مشكلة دارفور وهي مشكلة النيل الأزرق والشرق، و النظر نحو دولة المواطنة المتساوية ودولة المؤسسات غير الموجودة.

* أستاذ عبد الواحد، المراقب للمشهد السياسي السوداني بشأن التطبيع مع إسرائيل انقسم الشعب بين مؤيد ومعارض.. اين تقف الحركة من هذين التيارين؟

نحن كحركة تحرير السودان لم نعتاد النفاق علي المواطن السوداني ظللنا نواجه الأمور كما هي بعيد عن الغش، وبحسب تجربتنا مع الحكومة التي مارست الإبادة والتطهير العرقي وجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية فقد ذهب معظم السودانيين إلي إسرائيل هروباً من الموت، ومنحتهم إسرائيل حق اللجوء.

فإذا أنتي تتحدثي عن التطبيع فإن التطبيع  الإجتماعي قد حدث فعلاً مع إسرائيل سواءً بالتصاهر والتزاوج أو العمل أو غيره، وأبناؤنا هناك كثر، ويعيشون في سلام أكثر مما هو في دولتهم، ونحن كحركة سياستنا مفتوحة مع كل دول العالم التي بها ضحايا وذهبنا إليهم أينما وجدوا لنؤكد تضامننا معهم، بينما تحاول الحكومة تجريم وشيطنة كل من ذهب إلي إسرائيل، ولكنا نري أن إسرائيل لها الشكر لأنها إستقبلتهم واستخدمتهم، كما نري أن المجرمين هم الذين أجبروا هؤلاء وقهروهم ودفعوا بهم للتفرق في كل انحاء العالم.

* وماذا عن التطبيع السياسي الذي يوجد اتجاه داخل الحكومة الانتقالية للاقبال عليه من واقع لقاء “البرهان- نتنياهو” ..؟

فيما يختص بالتطبيع السياسي نحن كحركة تحرير السودان موقفنا فيه واضح وقلنا هذا منذ العام 2007م، ان التطبيع لابد ان يتم بين دولتي السودان وإسرائيل وفق المصالح.

أما فيما يختص بالقضية الفلسطينية فمثلما ناضلنا من أجل الحقوق فإن موقفنا في غاية الوضوح هو أننا نريد الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني أن يعيشوا في دولتين متجاورتين بالإتفاق للعيش في سلام.

* هل يعني هذا اذا اصبحتم في سدة الحكم ستكون هناك علاقات السودان واسرائيل..؟

نحن كحركة اذا وصلنا إلي السلطة سوف نفتح للاسرائيليين سفارات في الخرطوم وقنصليات في الأقاليم، وهم بدورهم سوف يفتحوا لنا السفارات والقنصليات وفق مصلحة الشعبين سواء الإسرائيلي أو الفلسطيني مع السوداني، هذا موقفنا وليس فيه جديد.

* لكن هناك تيار وسط الشعب السوداني يعارض هذا الاتجاه..؟

نعم كون أن الشعب السوداني بين مؤيد ومعارض فهذا أمر طبيعي، ونحن ظللنا نناضل لأجل مصلحة المواطن السوداني، والمواطن هو الذي يقرر، وفي تقديري أن الأغلبية الساحقة من الشعب السوداني الآن قد تحررت من “التابوهات” وصارت تنظر إلي قضية مصلحة الوطن بعيداً عن المسلمات التي صنعها الآخرون.