نيالا- دارفور24

تصاعدت في الآونة الأخيرة احداث الاعتداءات على الاطباء بعدد من المستشفيات بالعاصمة الخرطوم وبعض الولايات، رغم التحذيرات ورسائل التضامن مع الاطباء التي تبثها الحكومة والتي وصفتهم فيها بالجيش الأبيض الذي يقف في خط الدفاع الأول عن البلاد لمجابهة جائحة “كورونا”

ووصف رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك ظاهرة الاعتداء على الاطباء والكوادر الطبية في المستسفيات بالعمل المخزي والمشين، وقال في تغريدة له على حساباته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي “ان الاعتداءات التي يتعرض لها الأطباء والكوادر الطبية في المستشفيات ومواقع عملهم الأخرى هي عمل مخزي ومشين ومرفوض تماماً في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد”

واشاد حمدوك بالكوادر الطبية باعتبارهم الأبطال الذين يقفون في خط الدفاع الأول للبلاد في مواجهة الخطر العالمي لانتشار فيروس “كورونا” وذلك بالاضافة الي دورهم البارز والمؤثر خلال ثورة ديسمبر المجيدة.

وأكد بأن الحكومة لن تتهاون في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة بما فيها التعامل القانوني الحاسم لحماية الكوادر الصحية والمحافظة على أمنهم وسلامتهم في مواقع عملهم.

وفي الاسبوعين الماضيين وقعت عدد من حالات الاعتداء على الأطباء آخرها مساء الخميس التي كان مسرحها مستشفى نيالا التعليمي، حيث تعرض أحد الاطباء للاعتداء بالضرب من أحد المرافقين لمريضة توفيت اثناء تلقيها العلاج بالمستشفى، وبحسب المدير العام لمستشفى نيالا التعليمي دكتور عبد الرحيم ان المريضة تم تحويلها من مستشفى رهيد البردي واثبتت الفحوصات الأولية حاجتها الى اجراء عملية جراحية عاجلة لاستخراج كميات من المياه كانت في صدرها، سببت لها ضيق في التنفس، وذكر انه اثناء اجراء العملية توفيت المريضة وعندما خرج الطبيب لإخبارهم بالوفاة، استشاط احد مرافقيها غضباً وانهال ضرباً على الطبيب، ورفض اهالي المتوفية استلام الجثة وطالبوا بتشريحها، وابان ان ادارة المستشفى تدخلت لتهدئة الوضع، واوضحت لهم ان تشريح الجثة يتطلب دعوة اخصائي طب شرعي من الخرطوم، لكن حضوره الى نيالا مستحيل في هذه الايام بسبب توقف السفريات بالبلاد، واضاف “في ظل مطالبة اهالي المتوفية بتشريح الجثة تم الاتفاق بينهم وادارة المستشفى على نقل الجثة الى مستشفى نيالا السوداني التركي لوجود امكانيات طبية لحفظ الجثة”

واوضح عبد الرحيم ان ادارة المستشفى فتحت بلاغاً بالحادثة في مواجهة المعتدي، بعد ان تم القبض عليه بواسطة القوات المكلفة بحماية العاملين في المستشفى وتم وضعه الحراسة لعدة ايام.

بينما عدت اسرة الضحية ما جرى جريمةً قتل ارتكبها 3 اطباء بحوادث النساء والتوليد، عندما اجروا لها جراحة دون علم زويها ودون الاجراءات الرسمية المعمول بها لاجراء العمليات الجراحية، ويقول زوج الضحية التي تبلغ من العمر 22 عام “محمد زين منزل ضواي” ان ادارة المستشفى اخطرتهم بأن حالة زوجته تحتاج اجراء عملية جراحية، لكن قبل اكتمال اجراءات العملية تفاجأوا بدخول الاطباء للعنبر وقاموا بجرح المريضة في الصدر ما ادى الى وفاتها، وذكر انه كزوج وولي أمر للضحية لم يوقع على اقرار بموافقته على اجراء العملية، بالاضافة الى ان هؤلاء الاطباء ارتكبوا جريمتهم داخل العنبر وليس في الغرفة المخصصة العمليات الجراحية، وتابع “بل كانت زوجتي ترتدي ملابسها التي جاءت بها وليست ملابس العملية الجراحية المعروفة” وقال عندما دخل الاطباء الى العنبر الذي ترقد فيه زوجتي طلبوا مني الانتظار خارج العنبر، وبعد مضى دقائق سمعت زوجتي تستغيث، وعندما اقتحمت العنبر وجدتها تغرق في دمائها، واستغل الاطباء انشغالي بحالتها وهي تفارق الحياة وانسحبوا، واوضح ان بعد وفاة زوجته قام احد اقربائه بالاعتداء على الطبيب المتابع للحالة، فتم فتح بلاغ في مواجهته ووضعه الحراسة.

لكن أسرة الضحية قالت انها تعزم مقاضاة ادارة مستشفى نيالا، وتتهم الاطباء بارتكاب جريمة قتل عمد، من واقع ان الاسرة ليس لها علم باجراء العملية.

وقبيل وقوع هذه الحادثة بساعات اصدر والي جنوب دارفور المكلف اللواء هاشم خالد توجيهات للقوات الحكومية المنفذة لإجراءات الطوارئ الصحية أن تتعامل بالمرونة مع منسوبي المهن الطبية، بوصفهم “الجيش الابيض” وخط الدفاع الأولى لمجابهة جائحة كورونا، وعدم منعهم من التحرك اثناء ساعات حظر التجوال لأجل اداء واجباتهم، وذكر الوالي في توجيهاته التي اطلعت عليها دارفور24 ان لجنة امن الولاية تعلن بأنها تقف صفاً واحداً وسداً منيعاً ضد استهداف الاطباء، ولن تسمح بالاعتداء عليهم او التقليل من شأنهم، وأكد ان لجنة امن الولاية ستلتزم بايقاع اقصى العقوبات على منتسبي القوات النظامية حيال الاعتداء على الاطباء.

وشهد مستشفى نيالا التخصصي قبل اسبوعين حالة اعتداء على عدد من الكوادر الطبية، بواسطة مجموعة من مرافقي احد المرضى وتم القبض على أحد المعتدين الذي كشفت التحريات الاولية بانه جندي يتبع لقوات الدعم السريع، وتجري معه التحريات للادلاء بالمعلومات تقود الى بقية الجناة الذين علمت دارفور24 بسفرهم الى الخرطوم، وبسبب حادثة الاعتداء على الكوادر الطبية بمستشفى نيالا التخصصي دخل الاطباء بمدينة نيالا في اضراب عن العمل استمر عدة ايام.

وفي هذا الاسبوع شغل اطباء مستشفى الضعين بولاية شرق دارفور الرأي العام بعد حادثة اعتداء ضباط من قوات الدعم السريع على طبيب نائب اخصائي بالمستشفى، بعد وفاة طفلة بسبب تأخر اسعافها لنحو 6 ساعات داخل المستشفى بعد ان تعرضت لحادث مروري.

وارتفعت حدة التوتر بين الاطباء وحكومة الولاية بسبب هذه القضية بعد ان اصدرت حكومة الولاية بياناً لم ينل رضاء الاطباء، فقرروا مغادرة الولاية، ورغم ان البيان استجاب لعدد من مطالب الاطباء الا انهم اعتبروا اشارته للتحقيق في الحادثة- لمعرفة ما اذا كان هناك تقصيرٌ او اهمالٌ من الاطباء ادى الى وفاة الطفلة- بمثابة ادانة للطبيب المعتدى عليه.

ووجد قرار مغادرة الاطباء لولاية شرق دارفور انتقادات واسعة من قبل ناشطين لجهة ان المتضرر من هذا القرار ليست حكومة الولاية ولا الضابط الذي اعتدى على الطبيب وانما جميع مواطني الولاية، واعتبروا ان معاقبة مجتمع كامل بجريرة شخص واحد أمرٌ لا يشبه اخلاق الاطباء.

كما شهدت مستشفيات العاصمة الخرطوم عدد من حالات الاعتداء على الاطباء، الأمر الذي يفتح باباً واسعاً للتساؤل لماذا تقع الاعتداءات على الاطباء دون غيرهم من سائر ممتهني المهن..؟

واجمع عدد من المواطنين بمدينة نيالا استطلعتهم دارفور24 على ان سلبية الاطباء في التعامل مع الحالات المرضية الجرحة هي التي تدفع مرافقي المرضى الى الاعتداء عليهم، فيما يرى موظف بوزارة الصحة- فضل حجب اسمه- ان الاطباء حديثي الخدمة هم الأكثر عرضة للاعتداء من قبل مرافقي المرضى، وذكر ان الاطباء القدامي اكثر تجاوباً وتفهماً للحالات النفسية لمرافقي المرضى.

وفي ظل هذا الوضع داخل مستشفيات السودان تعكف وزارة الصحة الاتحادية في اعداد مسودة قانون لحماية الكوادر الطبية من الاعتداءات بالمستشفيات في السودان، وقال وزير الصحة السوداني أكرم التوم الاسبوع الماضي ان مشروع القانون سيتم عرضه على مؤسسات الحكومة الانتقالية لإجازته وبدء العمل به لحماية الاطباء والكوادر الطبية.