من على بعد كيلو متر من مدخل مدينة “نرتتي” تظهر متاريس اعتصام أهالي المنطقة التي تقع على الطريق القومي الذي يربط بين ولايتي جنوب ووسط دارفور، وبحكم موقع المدينة التي يحتضنها جبل مرة في سفحه الغربي فإن المتاريس عبارة عن كتل من الحجارة، تحرسها مجموعات من الشباب الثوار الذين أوكلت لهم مهام تأمين المعتصمين، ويقول المسئول الأول عن التأمين ان بفضل اجراءاتهم التأمينية- للآن- لم يصب أحد المعتصمين على الرغم من دخول الاعتصام يومه السابع.

ومع غروب شمس اليوم السبت السادس للاعتصام ينتظر المعتصمون دون مبالاة- على يبدو من زخم الهتافات- وصول وفد الحكومة الانتقالية الذي اعلن عن ارساله رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، فالمعتصمون لا زالوا يهتفون “وصلت الحكومة الانتقالية ما وصلت صابنها” وهم يجددون تمسكهم بمطالبهم التي دفعتهم للاعتصام وفي مقدمتها الجوانب الأمنية، ويقول أحد الشباب المنظمين للاعتصام “أبوبكر حامد” ان المطالب التي تم تسريبها لوسائل الاعلام خلال الايام الماضية تعد جزء قليل من جملة المطالب التي سيتم تسليمها لوفد الحكومة الانتقالية الذي سيصل غد الأحد، وذكر ان المطالب تتعدى اقالة المدير التنفيذي للمحلية واعضاء لجنة أمن المحلية الى اقالة والي الولاية، ونزع سلاح المليشيات التي ظلت تمارس القتل والنهب والاغتصاب وترويع المواطنين ومنعهم من نظافة مزارعهم استعداداً لموسم الخريف، والاسراع في احلال السلام بالبلاد.

ونبه ابوبكر الى ان ما اجبرهم على الاعتصام مجموعة جرائم القتل والاغتصاب التي شهدتها محلية غرب جبل مرة في الاسبوع الذي سبق اعلان الاعتصام، بالاضافة الى غياب الحريات التي توفرت لبعض السودانيين بفضل ثورة ديسمبر المجيدة، وابان ان سكان مدينة نيرتتي فتحوا عشرات البلاغات لدى شرطة المحلية لكنها للاسف لم تعر الأمر اهتمام، بل تعرض بعض المواطنين الذين ياتون لفتح البلاغات الى استفزازات من قبل رجال الشرطة-على حد قوله-

وذكر ابوبكر ان السلام الذي يسعى لتحقيق الشعب السوداني لا يمكن ان يتم الا في ظل وجود اجواء يسودها الأمن والاستقرار، فضلاً عن ان الوضع الإقتصادي الذي تعانيه البلاد لا يمكن ان تتم معالجته الا في ظل ظروف أمنية مواتية تتيح الفرص لجميع الشعب السوداني بالانتاج كل في مجاله، واردف “بيد ان ما تعيشه دارفور الآن لا يسمح بممارسة الانتاج وبالتالي ستتفاقم الأوضاع الإقتصادية اذا استمرت الأمور على ما هي عليه الآن لذلك لابد من التغيير” وأكد ان عدد من سكان المنطقة فقدوا اراضيهم الزراعية بسبب استيلاء بعض المجموعات السكانية عليها.

واعلنت الحكومة الانتقالية تضامنها مع المعتصمين بمدينة نرتتي، ووصف رئيس مجلس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك مطالب المعتصمين بالمشروعة، واعلن حمدوك عن ارسال وفد من مجلس الوزراء سيصل يوم غد الأحد للوقوف على مطالب السودان، وذكر الناطق باسم مجلس الوزراء فيصل محمد صالح ان الوفد سيحمل معه حلولاً فورية لمطالب المعتصمين.

وقالت الناشطة في قضايا المرأة بمحلية نرتتي “ام الناس داؤود” ان على الوفد المركز ان يضع في حسبانه ان رفع الاعتصام مرهون بتلبية مطالب اهل المنطقة، وذكرت المرأة بولاية وسط دارفور تتعرض بشكل مستمر لانتهاكات، واضافت انهن كناشاطات جلسن مع سلطات الولاية لايقاف الانتهاكات ضد المرأة بالولاية لكن الحكومة لم تستجب لمطالبهن، وكشفت “ام الناس” عن اغتصاب عشرات الفتيات بالمحلية خلال الأشهر الماضية، واضافت “عندما تأتي اسرة الضحية لفتح بلاغ يرد عليها مدير الشرطة بأن فتح بلاغ في هكذا جريمة عار، بينما يرد عليهم المدير التنفيذي بأنه لا يستطيع ان يسمح لهم بفتح بلاغ اغتصاب، وفي الوقت ذاته يرد عليهم قائد الجيش بأنه غير مسئول عن حمايهم في حال خروجهن الى الزراعة او الاحتطاب” وقطعت بأن اعتصام نرتتي سيستمر الى حين تلبية جميع المطالب التي رفعها المعتصمون، وقالت ان أكثر ما يؤرق سكان المحلية انتشار السلاح بأيدي الملشيات، بالاضافة الى الدراجات النارية التي يطالب المعتصمون بمنع استخدامها في المحلية.

ووجد اعتصام نرتتي تضامناً كبيراً من قبل المجتمع السوداني واصبح الهاشتاق الرئيسي في وسائل التواصل الاجتماعي بين السودانيين، بينما تدافع سكان ولايات دارفور الخمس الى مدينة نرتتي حيث استقبلت ساحة الاعتصام الناشطين من ولايات جنوب وشمال وبقية محليات وقرى ولاية وسط دارفور.