سادت أجواء من الغبطة والسرور، ساحة إعتصام نيرتتي، أمام مقر محلية غرب جبل مرة بولاية وسط دارفور، بعد أن أعلن الوفد الاتحادي برئاسة عضو مجلس السيادة الانتقالى محمد حسن التعايشي، إستجابته لمطالب المعتصمين.

وتعالت زغاريد النساء، وهتافات «حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب»، وضجت بها كل جنبات ساحة الاعتصام، ورسم المعتصمون لوحة زاهية بلافتاتهم وبأعلام السودان التي رفعوها في ساحة الاعتصام وهم يرددون الأهازيج والأغنيات الوطنية، وأعادوا بهذا المشهد ذكرى إعتصام القيادة العامة في الخرطوم.

ويُعد اعتصام نرتتي السلمي المفتوح أمام مقر مباني المحلية، والذي دخل يومه التاسع، أول اعتصام مدني سلمي، بعد فض اعتصام الثوار أمام القيادة العامة للجيش في يونيو من العام الماضي بالخرطوم.

وتتلخّص مطالب الآلاف من المعتصمين أمام مقرّ الحكم المحلي في نيرتتي، بتوفير الأمن للمواطن، إجراء تعديلات في القيادات الرسمية المحلية، نزع سلاح المليشيات، تأمين الموسم الزراعي، القبض على مرتكبي الجرائم وتقديمهم للعدالة.

وتوصل الوفد الاتحادي برئاسة التعايشي، اليوم «الاثنين»، إلى توافق مع لجنة إعتصام نيرتتي بشأن المطالب التي رفعها المعتصمون، وإستجاب للكثير منها حيث تم الاتفاق على تكوين قوة مشتركة من الجيش والدعم السريع والشرطة لجمع السلاح وحسم التفلتات الأمنية وتأمين الموسم الزراعي، مع تنظيم التعدين الاهلي ليكون تحت إشراف الشركة السودانية للموارد المعدنية ودعم مبادرة التعايش السلمي بمحلية غرب جبل مرة.

وتوافق الطرفان على إنشاء محكمة عامة بنيرتتي خاصة وان هناك ٣ وكلاء نيابة في طريقهم للمحلية بهدف تعزيز سيادة حكم القانون.

وقدم التعايشي، تنويرا حول ما تم الاتفاق عليه في مفاوضات جوبا بشأن قضايا الأرض والحواكير، معلناً عن حُدوث توافق على انشاء مفوضية للأراضي في دارفور ومحاكمة خاصة بها، ومنع القطع الجائر للاشجار والحفاظ على البيئة وإصدار توجيهات صارمة للقوات النظامية بعدم العمل في هذا الصدد.

وبشأن تنفيذ مشروعات التنمية الكبرى بالمحلية، ذكر التعايشي، ان هذه المشروعات سيتم تنفيذها ضمن مشروع تنمية وإعادة اعمار دارفور الذي تم التوافق عليه خلال مفاوضات السلام بجوبا.

واعتذر التعايشي، للمعتصمين، لعدم حضوره أمس «الأحد» في الزمن المناسب لمخاطبة المعتصمين، مبيناً أن عدم مجيئه كان بسبب الإجتماعات المطولة التي عقدها مع لجنة أمن المحلية ومع أعيان المنطقة بهدف التعرّف على مشاكل المنطقة وإيجاد الحلول لها.

ومنع المعتصمين، أمس، الوفد الاتحادي، من دخول ساحة الاعتصام بحجة تأخره حتى مغيب الشمس، وهو ما إعتبره بعض المعتصمين استفزازاً لهم.

بدوره، قال وزير الثقافة والإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل محمد صالح، إن جماهير الشعب السوداني تنظر بعين الإعجاب والتقدير للنضال السلمي المدني الديمقراطي الذي إختطه أهالي نيرتتي، لتحقيق مطالبهم ونيل حقوقهم .

وأكد لدى مخاطبته المعتصمين، إن اللجوء لهذا النوع من النضال أرسته القيم النبيلة لثورة ديسمبر المجيدة، مؤكدا أن الحكومة الانتقالية عازمة على التأسيس لعهد جديد يقوم على الحرية والسلام والعدالة، مُشيداً بمستوى الوعي السياسي الذي يتمتع به انسان نيرتتي؟

وقال صالح، إن رسالة المعتصمين وصلت وأن مطالبهم واجبة التنفيذ، وأضاف: «ما وجدناه في ساحة اعتصام نيرتتي يجسد المدنية في أبهى صورها».

وأوضح ان التمسك بقيم ومفاهيم ثورة ديسمبر سيقطع الطريق أمام الديكتاتورية للأبد مضيفا ان أي حكومة لاتأتي بإرادة الشعب لن تبقى على سدة الحكم مهما فعلت.

ونقل وزير الثقافة والإعلام، تحيات الشعب السوداني ومجلس الوزراء برئاسة الدكتورعبدالله حمدوك، لكل المعتصمين في نيرتتي.

وقطع بأن توحد الجميع تحت راية واحدة من أجل تحقيق المطالب ونيل الحقوق يعكس مدى التغيير الذي أحدثته ثورة ديسمبر في اوساط المجتمع السوداني بمختلف تنوعه السياسي والاجتماعي والثقافي.