الخرطوم ـ دارفور 24
يترقب الشعب السوداني عامة، وإنسان إقليم دارفور بصفة خاصة، تاريخ «28 أغسطس 2020» وهو الموعد المضروب للتوقيع على اتفاقية السلام الشامل بالأحرف الأولى بين الحكومة السودانية وتحالف الجبهة الثورية، إيذاناً بٍطي ملف الترتيبات الأمنية كآخر ملفات التفاوض التي ظلّت عائقاً أمام السلام، وشكّلت هاجساً للحكومة الإنتقالية برئاسة رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، التي بدأت في 21 أغسطس 2019، وتستمر 39 شهرًا تنتهي بإجراء انتخابات.
أصل الإتفاق
ويكمُن الغرض النهائي من هذه الاتفاقية أن تكون القوات المسلحة السودانية بعقيدتها العسكرية الجديدة التي تحمي الوطن والمواطن والدستور، الجيش المهني الوطني الوحيد ودمج كافة القوات الاخرى المتواجدة في الأراضي السودانية في جيش وطني مهني موحد.
ويُعتبر بروتوكول الترتيبات الامنية جزء من ستة بروتوكولات تتمثّل في تقاسم السلطة وتقاسم الثروة والعدالة وعودة اللاجئين والنازحين وبروتوكول إعلان المبادئ.
وتبقى حسب الموعد المضروب للتوقيع حوالي 10 أيام، وهي الفترة التي يتوقع أن يتم خلالها حسم قضايا متعلقة بالدمج وآجاله وآلية الدمج وقضايا تشكيل القوة المشتركة، والتي يرى البعض أنها تحتاج لقرار سياسي وسيادي وتنازلات من أطراف التفاوض.
الطريق سالك
ومهّد توقيع الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة مالك عقار، أمس «الإثنين»، على الاتفاق الأمني الذي قضى بدمج مقاتلي «الحركة» في الجيش السوداني، كآخر الملفات المتفاوض عليها مع «الحركة”، الطريق للسلام، وهو ما عضده رئيس الوفد الحكومي المفاوض، نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو، حين كان حضوراً بجوبا، وأكد أن الحكومة تمضي بذات العزم والهمة التي بدأتها في محادثات السلام وصولاً إلى اتفاق سلام دائم يُنهي معاناة الشعب ويحقق الأمن والاستقرار.
ونص الاتفاق على أن تتم عملية دمج مقاتلي الحركة الشعبية شمال ـ مالك عقار، عبر ثلاثة مراحل مدتها 39 شهراً.
وظلت «حركة عقار» تُقاتل الحكومة السودانية برئاسة المعزول عمر البشير في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق منذ عام 2011 بزعم تهميش المنطقتين سياسيا واقتصاديا.
وتأتي «حركة عقار» ضمن تحالف يضم ثلاث حركات أخرى تقاتل الحكومة في إقليم دارفور تحت مسمى “الجبهة الثورية ” يتفاوض مع الحكومة بينما لم تنخرط حركتان في المفاوضات بينهما حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور الموجودة في دارفور، والتي اشترطت سابقاً نقل المفاوضات إلى الخرطوم للانخراط في العملية السلمية، فيما بدأت المفاوضات مع فصيل الحركة الشعبية شمال ـ عبد العزيز الحلو، الذي يقاتل في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق.
حميدتي والوزير
ويرى البعض أن حضور حميدتي، وعضو مجلس السيادة الفريق أول ركن شمس الدين الكباشي، ووفد من قوى الحرية والتغيير، إلى جوبا، وإشارات وزير الدفاع السوداني اللواء يس ابراهيم يس، الذي جاء تعيينه خلفاً للراحل الفريق أول جمال عمر، كانتا إيجابية تجاه الطرف الآخر «الجبهة الثورية»، حيثُ أكد الوزير يس، أمس «الإثنين»، أن انضمام الأخوة بالجيش الشعبي شمال ـ الجبهة الثورية سيجعل القوات المسلحة أكثر تماسكا وأكثر قوة وجاهزية لمواجهة كل مهددات الأمن الوطني السوداني، متمنياً في الوقت ذاته أن يُشجّع الاتفاق فصائل أخرى متمردة على الانضمام إلى عملية السلام.
بدوره، رأى عضو لجنة الوساطة الجنوبية د. ضيو مطوك، أن وصول الوفد الرئاسي، أمس «الإثنين»، بقيادة حميدتي، مع وجود ومشاركة وفد ملف الترتيبات الأمنية برئاسة اللواء يس، ساهم بشكلٍ كبير في دفع وتسريع عملية التفاوض نحو غاياتها المنشودة، تمهيداً للتوقيع «الجمعة» بعد القادمة بعد إكتمال التفاوض حول كل الملفات السياسية.
تفاهمات سابقة
وسبق أن توصلت الحكومة السودانية و«الجبهة الثورية»، إلى اتفاق بتخصيص 3 مقاعد للجبهة الثورية في المجلس السيادي، و5 وزارات اتحادية و75 مقعداً في المجلس التشريعي، إضافة إلى 40% من أنصبة الحكم في اقليم دارفور للجبهة الثورية، و40% للحكومة، و20% لأصحاب المصلحة من أهالي الإقليم، كما يحق بموجب الاتفاق للجبهة الثورية أن تشارك بنسبة 10% في حكم بقية أقاليم السودان الشمالي والأوسط والشرقي.
بداية المفاوضات
وانطلقت مفاوضات السلام التي ترعاها دولة جنوب السودان، خلال ديسمبر الماضي بعد توقيع اتفاق إعلان مبادئ في سبتمبر الماضي، وهنالك مسارين للمفاوضات، الأول مع الجبهة الثورية، وهي تحالف يضم حركات مسلحة تقاتل في إقليم دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، أبرزها «العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي، والحركة الشعبية قطاع الشمال فصيل مالك عقار»، وأما المسار الثاني، فمنفصل تماماً عن المسار الأول، وفيه تتفاوض الحكومة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان فصيل عبد العزيز الحلو، والذي تمسّك حينها بمبدأ علمانية الدولة عبر فصل الدين عن الدولة، أو مناقشة تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، باستفتاء سكانهما ما بين الانفصال أو البقاء في الدولة السودانية.