أكّد القيادي في قوى إعلان الحرية والتغيير ساطع الحاج، أن لجان المقاومة هُم أصحاب المصلحة الحقيقية المعنيين بمراقبة تنفيذ برنامج ثورة ديسمبر، عاداً خروجهم في مواكب «جرد الحساب» بالأمر الجيّد.

وقال إن لجان المقاومة «خط أحمر»، وأن وضعها للمتاريس في الشوارع أمر طبيعي وليس تصعيداً في ظلّ ثورة لن تنتهي بإسقاط نظام المخلوع عمر البشير، مُنبهاً في الوقت ذاته إلى أن هنالك جهات تُريد تشويه تجربة تلك «اللجان».

وشهدت البلاد بعد تشكيل حكومة الثورة في السودان عدّة مواكب، آخرها موكب تنسيقيات لجان المقاومة بالخرطوم، «الإثنين» الماضي «17 أغسطس»، الذي سيّرته إلى مقر مجلس الوزراء، تحت مُسمى «جرد الحساب وإعلان التصعيد المفتوح»، متزامناً مع مرور عام على توقيع الوثيقة الدستورية بين قوى إعلان الحرية والتغيير، والمجلس العسكري.

وتُطالب تلك المواكب بهيكلة الأجهزة الأمنية ومحاكمة رموز النظام السابق، والمتورطين في فض الإعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، خلال يونيو 2019، وتكوين المجلس التشريعي، علماً بأن تلك «الوثيقة» حددت لتكوينه 3 أشهر من بدء المرحلة الانتقالية، إلا أنه لم يتشكّل بعد.

أصحاب المصلحة

وأحدث عدم مخاطبة رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، لتلك المواكب، حالة غُبن نتج عنهُ صِدامات بين المتظاهرين والقوات النظامية وإطلاق للغاز المسيل للدموع «البمبان» لتفريق المواكب، إلا أن عضو اللجنة القانونية في قوى الحرية والتغيير ساطع الحاج، أكّد أن حمدوك، لم يتجاهل المواكب مُدللاً بإرساله لكبير مساعديه لإستقبال الموكب وذلك لانشغاله الشخصي بمواعيد سابقة، وهو ما اعتبره ساطع، في حديث خصّ به «دارفور 24»، رسالة جيّدة بأن هنالك إحترام كامل لأصحاب المصلحة الذين تخدم فيهم الحكومة الآن.

ورأى أن لجان المقاومة هُم أصحاب المصلحة الحقيقية المعنيين بمراقبة تنفيذ برنامج «الثورة» المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية عبر «16» مهمة، وخروج تلك المواكب لا يُعد تصعيداً بل أمر جيّد طالما تميّز بالسِلمية والعقلانية، كما أن خروجهم في السنة الأولى للثورة وفي كل الثورات أمر طبيعي ولا يُمكن تجاهله أو القفز عليه.

ووصف المحامي ساطع، تعامل القوات النظامية مع مواكب «جرد الحساب» بـ«المعزول وغير المقبول»، مدللاً بإدانته من الجميع، مستبعداً في الوقت نفسه السماح لتلك الأجهزة بتكرار هذا التعامل.

وفي الوقت الذي إنتقد فيه البعض تتريس الشوارع، عدّ ساطع والذي يشغل منصب المسؤول السياسي للحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري ـ أحد مكونات الحكومة الإنتقالية ـ، الأمر بـ«الطبيعي»، واستشهد بالثورات إبتداءً من الثورة الفرنسية وإنتهاءاً بالسودانية، باعتبار أنه لا يُعقل أن تطلب من الشعب الهدوء الكامل، ومضى قائلاً: «الثورة بدأت بإسقاط نظام المخلوع عمر البشير، ولم تنتهي بإسقاطه، فنحن في العتبة الأولى وما يحدث الآن تاريخياً وعبر دراسة كل الثورات أمر طبيعي، وبالعكس يجب أن نتعامل معها بأُفق واسع، ويجب التعامل معها بطريقة حضارية تستوعب أصحاب المصلحة، ولا نستطيع أن نقول لشخص لا تُترّس، ولكن ستتلاشى «المتاريس» تدريجياً بتحقيق مهام الثورة».

تشويه التجربة

ودافع المحامي ساطع، عن إستمرار لجان المقاومة لحماية «الثورة»، في ظلّ وجود جهات قال إنها تحاول تشويه هذه التجربة الجديدة والفريدة في السودان منذُ ما قبل الإستقلال في 1956م، مُنبهاً إلى أن تطوير وتجذير الثقة في تجربة لجان المقاومة هو الذي سيعبر بالفترة الإنتقالية من أي منعطفات، وأن لجان المقاومة تظل «خط أحمر» ووجودها ضروري لحماية الثورة وتنفيذ المطالب.

وحول ما يُثار بأن تلك اللجان مخترقة، قال ساطع، إنه لا يستطيع أن يتحدث عن الآلاف من لجان المقاومة، إلا أنها محل إستهداف من الدولة العميقة، لكن لا يُمكن القول أن لجان المقاومة بشكل عام مخترقة أو تُعبّر عن الدولة العميقة، فهي تُعبّر عن الثورة والقواعد من ملايين الشعب.

ورأى مدير جامعة البحر الأحمر بروفيسور حسن بشير، أن دعوة حمدوك، للجان المقاومة، أمس «السبت»، بمناسبة مرور عام على الحكومة، إلى ضرورة التفكير الخلاق في مسار الثورة، واستثمار طاقاتها لمواجهة تحديات البناء والتعمير والصبر على الإختلاف والحكمة في إدارة الحوار نحو الأهداف التي تجمع مكونات الحكومة، خفّفت حالة الإحتقان وأحدثت تهدئة.

مطالب الواقع

ودافع حسن، على مطالب لجان المقاومة والتي قال إنها مطالب محددة وواضحة في بياناتهم ومرفوعة منذ تاريخ 30 يونيو الماضي، ومرتبطة بالثورة بدليل هتافاتهم، وهو ما جعله يُبرّر إغلاقهم لبعض الشوارع بأنه اسلوب لتنفيذ تلك المطالب، وأن عملية التصعيد أمر طبيعي ولفترة زمنية محددة، وقد تأخذ أكثر الطابع الرمزي، مُستشهداً بأنهم قالوا إنه في حالة تعرضت القوات النظامية للمواكب فإنها ستعلن الإغلاق التام للعاصمة بالمتاريس، باعتبار أن حرية التعبير والتظاهر حق مشروع لكل السودانيين بنص الوثيقة الدستورية، ورُغم ذلك رفضوا التصعيد والإغلاق.

وحمّل بروفيسور حسن، مسؤولية الصور التي تُظهر أطفالاً يغلقون شوارع لا توجد عليها حركة مركبات كثيرة، إبان مواكب «جرد الحساب»، إلى لجان الأحياء في تلك المواقع التي كان يجب عليها أن تعمل «كنترول»، كما قال إن التتريس لا ينبغي أن يكون «لعب أطفال» ـ على حد وصفه ـ.

واستبعد الأكاديمي حسن، في تصريح لـ”دارفور ٢٤”، إختراق لجان المقاومة، والذين قال إنهم ثوار حقيقيون ومن الصعب توظيفهم بواسطة عناصر النظام البائد، ودلّل على ذلك بإيقافهم للتصعيد تجنُّباً لأي تخريب وهو ما يُعضد بأنهم ليسوا بتلك البساطة لتُحرّكهم جهةً ما.

رسالة للحكومة

ونصح حسن، الحكومة بإجراء حوار مع اللجان لكونهم ينتمون إلى فصيل واحد وهو «فصيل الثورة»، وأن تتفهُّم دواعي «التتريس»، خاصةً وأنهم ظهروا في المواطب بطريقة حضارية، مبيناً أن التتريس ليس بالجديد، مما يستوجب التعامل معهم بوعي لا عنف حتى لا يحدُث تتريس.

وشهد السودان خلال أغسطس من العام الماضي، بداية مرحلة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم خلالها السلطة الجيش وقوى إعلان الحرية والتغيير ـ قائد الاحتجاجات الشعبية التي أجبرت قيادة الجيش على عزل البشير، مطلع أبريل ٢٠١٩ ـ، وتلعب لجان المقاومة خلال هذه الفترة دور «الحارس المدني» لحكومة ثورة ديسمبر المجيدة.