“لن ترتاح أرواح ضحايا النزاع في دارفور، إلا بعد ذهاب البشير ومعاونيه إلى لاهاي” بهذة العبارة بدأ الناشط الحقوقي عمر آدم حديثة لـ(دارفور24) حول قضية تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية، آدم الذي كان ضمن المشاركين في ورشة عن المحكمة الجنائية و جرائم دارفور، التي نظمها معهد السودان للديمقراطية و هيئة محامي دارفور، بالتعاون مع صحيفة الديمقراطي، بفندق السلام روتانا، الخميس.
وقال عمر الذي كان يرتدي قميص أبيض تحت بدلة سوداء برباط عنق أحمر، “طيران الحربي للبشير قتل عددا من أفراد أسرتي في منطقة جبل مرة، وتابع لن انسى صور القتلى و الجرحى في قرية “دربات” بعد أسقاط قنابل على سكان القرية، حيث يقطن شقيقي مع أسرته، جميعهم قتلوا”، مضيفاُ تسليم البشير للعدالة الدولية، مطلب واحد لا تنازل عنه.
إصلاح المؤسسات القضائية
ودعت عضو مجلس السيادة عائشة موسى إلى إصلاح المؤسسات القضائية والعدلية وإعادة اعتدال ما أفسده النظام السابق في أجهزتها.
وأكدت عائشة موسى دعمها لمبدأ محاسبة المتهمين من النظام المخلوع في الجرائم التي ارتكبوها في إقليم دارفور.
وطالبت بتسليمهم للمحكمة الجنائية الدولية فورا، واحترام تلك المحكمة ، ودعت إلى ضرورة الإصلاح في المؤسسات العدلية وطالبت كافة فئات المجتمع بمشاركة الحكومة في تسليم الرئيس المخلوع عمر البشير بالإضافة الى تقديم ملف المفقودين إلى المحكمة الجنائية،
وشددت على ضرورة تصحيح المسار العدلي في البلاد، وطالبت بتذليل كافة المصاعب التي تعيق العدالة الانتقالية، وقالت عائشة موسى خلال مخاطبتها الـورشة ( إن الدولة ماضية نحو محاكمة المتهمين من قادة النظام المباد وفق المعايير الدولية في العدالة)، مشيرة إلى أن الحكومة لديها رأي واضح بشأن قضية المخلوع وزمرته،
وأرجعت تمسكها بتسليم المتهمين لترسيخ النظام الديمقراطي، وأضافت أن الدولة التي لا تتردد في اتخاذ القرارات المصيرية التي سيكون لها وزن في المجتمع، و أقرت عائشة بأن هناك إعاقة في ملف العدالة بسبب بعض القوانين.
الإلتزام بمواثيق السلام
أكد مولانا تاج السر الحبر النائب العام إلتزام الحكومة الإنتقالية بتنفيذ مواثيق السلام التي أقرت محاكمة المتهمين في جرائم دارفور
وقال في ذات الورشة، إن هذه المسألة مرتبطة بجزئية هامة متعلقة بالإلتزام بمواثيق السلام.وأشار إلى أن هذه المواثيق نصت على محاكمة المتهمين ، قائلاً إن إتفاقية التفاهم الموقعة في هذا الخصوص مؤخرا، تعد خطوة إيجابية، مشيراً إلى أنه لم تبلور بعد رؤية تامة بخصوص وضع محاكمة المتهمين.
هناك قانون يحاكم المتهمين في جرائم دارفور؟
وابتدر الخبير في القانون الدولي و المحامي الضيع كمال الجزولي، مداخلته في منتدى بسؤال، “هل هناك قوانين في السودان تحاكم البشير وأي متهم في جرائم الحرب بدارفور”، قبل ان يستشهد بحديث أحد قادة القوات المسلحة بعد الإطاحة بالنظام السابق في ابريل 2019، الذي أكد رفض تسليم البشير او اي سوداني مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، مهما كان” مضيفاً “حتى عناصر القوات المتمردة لن نسلمهم”.
وأوضحت الجزولي أن المحكمة الجنائية هيئة عدلية دائمة، جاءت بعد نضال طويل من ملايين الناس من مختلف الشعوب، بعد أن أصبح المدنيين هم ضحايا الحروب المستمرة، وأشار إلى أن تاريخياً كانت القاعدة هي صيانة حقوق الدول، إلا ان بعد تطور البشرية أصبح القانون الدولي يصون حقوق الأفراد، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية التي اهتز فيها ضمير الإنسانية بعد مقتل ملايين الناس، وأشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تعمل على مبادئ نورمبرغ السبعة التي على رأسها عدم الاعتداء بحصانة و المسؤولية الجنائية الفردية ومبدأ ولاية القانون الدولي، وأوضح ان المحكمة تختص بمحاكمة في أربع قضايا وهي “جرائم الحرب، الجرائم ضد الانسانية، الإبادة الجماعية، و العدوان”.
ووصف الجزولي مرحلة التوافق على ميثاق روما، في العام 1998، حيث أكد مشاركة السودان بوفد كبير ومشاركته في صياغة نصوص الميثاق الذي قام بالتوقيع عليه قبل ان يأتي لاحقا بعد اتهام البشير بسحبه، وقال ان النظام السابق واجهة المحكمة بصورة سياسية بدلاً عن مواجهتها بالطرق القانونية، الشئ الذي أدى إلى تعقيد الوضع القانوني للمتهمين.
وأشار إلى أن هناك ثلاثة طرق يتم بها إحالة أي قضية إلى المحكمة و هي” بطلب من أحد الدول الموقعة والمصادقة على ميثاق روما، للمدعي العام بإن يحقق في أحد القضايا التي وقعت داخل أراضيها، تتم الإحالة من قبل مجلس الأمن حسب المادة (13) أ من ميثاق روما، المدعي العام للمحكمة يطلب التحقيق في احد القضايا اذا تكونت عنده معلومات ترتقى لارتكاب أحد الجرائم من اختصاص المحكمة”
لا سلام بلا عدالة
وأعتبر المدافع الحقوقي و القانوني صالح محمود في ورقته على الجرائم التي ارتكبت خلال النزاع في دارفور، حيث قال صالح “إن المليشيات الحكومة أحرقت نحو 15ألف قرية، وشردت 4 مليون شخص، وأضاف أن الجرائم التي ارتكبت كانت بشعة حيث استخدم المليشيا الاغتصاب كسلاح في الحرب بالإقليم، وأشار إلى أن الجرائم لم تتوقف في الإقليم حتى بعد الإطاحة بالرئيس البشير، حيث تجددت ذات الأحداث في ولاية غرب دارفور الشهر الماضي.
واعتبر تأخر تسليم المطلوبين إلى المحكمة الجنائية، تخيب آمال الضحايا في التغيير الذي حصل في السودان، حيث هتف الثوار (بحرية وسلام و عدالة)، و اوضح ان العدالة هي مفتاح السلام في دارفور، قائلاً “لا سلام بلا عدالة”.
وكشف عن تمسك الضحايا وأسرهم بذهاب البشير ومجموعته إلى الجنائية دون تأخر، مضيفاً كل الأسباب التي تتحجج بها الحكومة لعدم اسال المتهمين إلى لاهاي غير مقنعة لاسر الضحايا، وقال “إن ضحايا ظلوا منتظرين لأكثر من 10 سنوات لتحقيق العدالة الدولية “.
وحذر من مغبة الحديث عن عقد محكمة المتهمين في الخرطوم، خاصةة و ان ضحايا لا يقبلون، مضيفاً “لا يمكن ان نحقق عدالة بعقد المحكمة في الخرطوم في ظل أي ظرف كان”.