نيالا- دارفور24

“سليمان آدم مهاجر” شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة يقضي وقته متجولاً في طرقات مخيم السلام للنازحين ليلاً ونهاراً، منذ ان نزحت اسرته للمخيم في العام 2004م جراء الهجوم على قريتهم “دشيشة” التي تبعد نحو 35 كيلو متر شرقي مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، وقتها كان سليمان طفلاً في الثامنة من العمر.

في شهر ابريل الماضي قتل “سليمان” على ايدي مسلحين أطلقوا عليه ثماني رصاصات استقرت في اماكن متفرقة في جسده فاردته قتيلاً في الحال، القاتلون لم يكتفوا بانهاء حياة سليمان بل جردوه من ملابسه وكتبوا على جسده “ديجاوي رقم 1”
هذه العبارة أضافت لجريمة قتل سليمان بعداً آخر سعى من خلاله الجناة الى خلق فتنة قبلية بين سكان المخيم، الذين يتجاوز تعدادهم 100 ألف نسمة ينتمون الى نحو 18 قبيلة نزحوا إليه من مناطق مختلفة.
في العام 2004 تأسس مخيم السلام للنازحين عندما فر سكان القرى من جنوب وشرق وغرب ولاية جنوب دارفور جراء احتدام الحرب التي بدأت في أقليم دارفور في العام 2003م، فضم المخيم أكثر من 100 ألف نسمة بحلول العام 2014م آخر تعداد لنازحي المخيم.
بعد مقتل الشاب سليمان تحركت في الحال شرطة المخيم بمساعدة زعماء القبائل وتمكنوا من القبض على 7 متهم اشتبهوا في تورطهم في الجريمة، في مقابل ذلك واعتصم عشرات الشباب واغلقوا السوق الرئيسي بالمخيم والطرقات المؤدية إليه لأكثر من اسبوع.
ويقول العمدة جمال الدين زكريا وهو احد اقرباء القتيل لدارفور24 انهم استشعروا خطورة الموقف، لدرجة أنه يمكن في أي لحظة تنفجر الأوضاع بسبب العبارة المستفزة التي كتبت على جسد القتيل، فبدأوا في المساعي لاحتواء القضية، وتزامن ذلك مع حضور بن المخيم الجندي “ابراهيم عبد الله عبد الرسول” الذي يعمل في القوات المسلحة في فرع الرياضة العسكرية فكانت لمجهوداته برفقة المسئولين بمفوضية العون الانساني واللجنتين اللتين تم تكوينهما احداهما تمثل أسرة القتيل وادارة قبيلة الداجو، والثانية من زعماء بقية القبائل في المخيم دور في احتواء الموقف.
وأضاف تمكنت هذه الاطراف من تهدئة الوضع واقناع الشباب بفض الاعتصام وعدم اللجوء الى العنف والتوجه الى القانون للقصاص للشاب سليمان.
وذكر أن اللجنتين تمكنتا خلال ثلاثة أشهر من التوصل الى اتفاق مع أولياء الدم، يتم بموجبه دفع الدية 900 ألف جنيه من قبل جميع سكان المخيم، مقابل اطلاق سراح المتهمين، كما نص الاتفاق على منع حمل السلاح واطلاق الاعيرة النارية، ومنع صناعة وتجارة الخمور والمخدرات بالمخيم.
وقال شقيق القتيل محمد آدم مهاجر لدارفور24 ان الأسرة وافقت على الاتفاق الذي تم، واطلاق سراح المتهمين، واعرب عن شكر الأسرة وتقديرها للمجهودات التي بذلتها اللجنتين الأهليتين وممثل فرع الرياضة العسكرية بالخرطوم الجندي ابراهيم عبد الله ومفوض العون الانساني وشرطة المخيم لحل القضية، ومبادرة الجندي ابراهيم عبد الله عبد الرسول ممثلاً لفرع الرياضة العسكرية بدفع القسط الأول من الدية، لتمكين الأطراف من تجاوز القضية.
وبحسب الاحصائيات لدى النازحين فان العشرات قتلوا بذات الطريقة التي قتل بها الشاب سلمان ادم مهاجر منذ العام 2005م، وأبان العمدة جمال ان مخيم السلام يشهد سنوياً ما بين 5 الى 6 جرائم قتل من مجهولين، قال العمدة جمال الدين ان هذا العام 2021م شهد المخيم 7 حالات قتل بواسطة مجهولين، وذكر أن اغلب هذه الجرائم ترتكب بواسطة مسلحين يأتون من خارج المخيم في ساعات الليل، ونفى في الوقت ذاته وجود انتشار للسلاح بأيدي النازحين.
وأضاف “منذ العام 2005م للآن تقع جرائم القتل سنوياً، وتسجل جميعها ضد مجهولين، لكن بفضل اللجنة الأهلية المكونة 36 زعيم أهلي بواقع زعيمين من كل قبيلة يتم تجاوز هذه الجرائم بالاعراف الأهلية دون ان تتفاقم الى اعمال انتقامية، تهدد بقاء المخيم”