الفاشر- دارفور24
كان يوم الجمعة الماضي أحد الايام المأساوية التي عاشتها دارفور، وهو يوم ربما يشكل ابرز علامات التحديات التي تواجه اتفاق سلام السودان الذي وقعته حركات الكفاح المسلح مع الحكومة الانتقالية في اكتوبر الماضي، حين أشرقت شمس ذاك اليوم على وقع اشتباكات دامية بين قوات مشتركة من حركات الكفاح المسلح بدارفور ومجموعات مسلحة، راح ضحيتها عدد غير محصور من القتلى من الطرفين بينهم ضباط وجرح نحو 17 من قوات الحركات، لكن مضت حتى الآن ثلاثة أيام على الحادثة ولا زال الغموض يكتنف تفاصيل ما جرى.
وكل ما هو متاح معلومات وبيانات متضاربة، واتهامات متبادلة، يصعب معها الوقوف على الحقيقة في ظل عدم امكانية الوصول الى موقع المعركة التي دارت بسبب الانتشار الكثيف للقوات، وحالة الطوارئ المفروضة على المنطقة، في ظل هذا الغموض اعلنت اللجنة التنسيقية لقوات مسار دارفور رفضها التام لبيان لجنة أمن ولاية شمال دارفور حول احداث منطقة “كولقي” ووصفته بانه بيان مفخخ وخطير، لجهة أن لجنة أمن الولاية- التي يرأسها الوالي نمر عبد الرحمن وهو قائد بحركة المجلس الانتقالي- تعمدت فيه عدم الاشارة للكمين الذي نصبه المسلحون لقوات مسار دارفور المشاركة في قوة تأمين الموسم الزراعي- على حد تعبير البيان-
ونسبة لهشاشة الوضع الأمني في دارفور في اعقاب خروج البعثة الأممية لحفظ السلام بدارفور “يوناميد” نصت اتفاقية سلام جوبا على نشر قوات قوامها 16 ألف جندي من الجيش والشرطة والدعم السريع وقوات حركات دارفور الموقعة على السلام لتتولى حفظ الأمن وحماية المدنيين في الاقليم المضطرب منذ العام 2003م، ولجهة ان تشكيل هذه القوة واجهته بعض الصعوبات على الأرض بادرت لجنة أمن ولاية شمال دارفور الى تشكيل قوة مشتركة من الجيش والشرطة والدعم السريع والاحتياطي المركزي وقوات حركات مسار دارفور بالولاية على خلفية أحداث منطقة قلاب بين الرعاة والمزارعين الاسبوع الماضي التي راح ضحيتها مزارعين وأصيب آخرون.
وتقول اللجنة التنسيقية لقوات حركات مسار دارفور- في بيان اطلعت عليه دارفور24- انها تعرضت لكمين وسط الردمية في منطقة قلاب من قبل مليشيات مسلحة تستغل سيارات دفع رباعي ومواتر ودواب ومشاه، بينما يقول سكان دامرة “كولقي” انهم تعرضوا لهجوم في دامرتهم من قبل قوات حركات مسار دارفور، وتمكنوا من التصدي له وقتلوا عدداً من قيادات الحركات وجرحوا آخرين.
وأكد البيان ان ما جرى هو كمين نصبه مسلحون وأن الاشتباك دار في منتصف الطريق او الردمية الرئيسية المؤدية من منطقة قلاب الى تابت، وذكر البيان أن قوات حركات مسار دارفور كانت في طريقها للانضمام الى بقية القوات النظامية المكونة من الجيش والدعم السريع المرتكزة في منطقة تابت وفقاً لتعليمات قيادة الفرقة السادسة التي تتولى مسؤولية قيادة القوات المشتركة، فتعرضت الى كمين مدبر ومخطط له بشكل جيد تم نصبه بواسطة مليشيات مسلحة تمتطي عربات دفع رباعي وجمال ومواتر ومشاه، مستخدمة اسلحة مختلفة وصواريخ مزودة، فاشتبكت معها وتمكنت من فض الكمين واحتسبت عدداً من القتلى والجرحى دفاعاً عن النفس والسلام.
 ونفى البيان الحديث عن اي هجوم استهدف دامرة “كولقي” كما ورد في كثير من البيانات والاخبار التي وصفها البيان بالكاذبة، وذكرت التنسيقية ان العربات وصور القتلى من قوات الحركات- التي تم نشرها في الوسائط المختلفة في داخل الدامرة- تم نقلها من موقع الحادث الى وسط الدامرة بغرض الهروب من تحمل مسؤولية الكمين وتشويش الرأي العام ومحاولة تجريم قوات مسار دارفور.
بينما قال بيان لجنة أمن ولاية شمال دارفور انه في اعقاب الاحداث التي وقعت في منطقة قلاب بين المزارعين والرعاة في الأيام الماضية شكلت لجنة الأمن قوة مشتركة قوامها 100 عربة قتالية من بينها 28 عربة من قوات حركات الكفاح المسلح، لتأمين الموسم الزراعي وتوفير الحماية لمواطني الولاية.
وذكرت لجنة امن الولاية- في بيانها الذي اطلعت عليه دارفور24- ان القوة التي تضم الجيش والشرطة والدعم السريع والاحتياطي المركزي تحركت- الخميس- الى مناطق النزاع، بينما تخلفت قوات الحركات الموقعة على السلام بسبب عدم جاهزيتها، واضاف “صباح الجمعة تحركت قوات الحركات لتلحق ببقية القوات المشتركة في قرية تابت، وفي طريقها اشتبكت مع قوة لم يتم تحديدها بعد” الأمر الذي استنكره بيان اللجنة التنسيقية لقوات مسار دارفور.
وأكدت اللجنة التنسيقية الحرص التام للمحافظة على السلام والسلام المجتمعي والتعايش السلمي واحترامها كل المكونات المجتمعية، وانها تقف على مسافة واحدة منها دونما اي انحياز او عداء، وقالت ان قواتها تشارك فيها كل مكونات المجتمع السوداني وليس قوات تعبر عن مكون اجتماعي محدد.
واعلنت اللجنة التنسيقية رفضها لما وصفتها بالهجمات الاعلامية والبيانات المشوهة والمشوشة التي تعمدت بعض الجهات والافراد بثها بغرض تأجيج الصراع وجر الإقليم في الحروب، ودعت الجميع الى الوقف التصعيد والتشوية الاعلامي.
وفور وقوع الأحداث أرسل نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو عقب اجتماعه مع قادة حركات مسار دارفور لجنة الى شمال دارفور للوقوف على الأحداث والتقصي حولها وكشف ملابساتها، ورحبت اللجنة التنسيقية بلجنة تقصي الحقائق المركزية التي وصلت مدينة الفاشر يوم السبت وأكدت تعاونها اللامحدود مع اللجنة من اجل كشف الحقائق، وطالبتها- في ذات الوقت- بالتحقيق مع لجنة امن الولاية حول الحادث وبيانها الذي وصفته بالمفخخ، اضافة الى الاستماع لقادة قوات مسار دارفور التي تعرضت للاعتداء، ومعرفة هوية الطرف الثاني، وتحديد ما اذا كانوا معارضة ام حكومة ام مواطنين.
كما طالب اللجنة التنسيقية لجنة التحقيق بأن تجد الإجابة عن السؤال “لماذا لم تعتد هذه المجموعات على قوات الدعم السريع والقوات المسلحة الذين عبروا بذات الطريق، رغم ان جميع هذه القوات- النظامية وقوات مسار دارفور- تعتبر قوة واحدة ذات قيادة واحدة ذات مهمة واحدة، وهي تأمين الموسم الزراعي، والقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة.
فيما شددت حركة العدل والمساواة- وهي ضمن القوة المشتركة التي وقع عليها الاعتداء- على ضرورة فتح تحقيق شفاف وسريع لكشف ملابسات الحادث ومن يقفون خلف هذه العملية الغادرة- حسب وصف البيان-
وقالت الحركة- في بيان اطلعت عليه دارفور24- ان كل القرائن تبين ان ما جرى عملية منسقة ولم تكن حادثاً معزولاً ممن وصفتهم باعداء السلام، ودعت جماهير دارفور الي تفويت الفرصة للمتربصين بأمن واستقرار الاقليم، وأضاف بيان الحركة “ان ما حدث في منطقة كولقي يعد استهدافاً لعملية السلام من قبل اعداء السلام الذين يسعون لتقويض العملية السلمية”
 
 
وكانت لجنة تقصي الحقائق حول أحداث كولقي وقلاب، التي شكلها النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو عقدت  اجتماعات مع لجنة أمن الولاية، وزارت مسرح الأحداث ميدانياً دون ان تدلي بأي تصريحات حول الحادثة، وبحسب اعلام المجلس السيادي فإن اللجنة الفنية المعنية بإجراء التحقيق واصلت مهامها الموكلة اليها من الموقع نفسه، ويظل الرأي العام ينتظر ما ستسفر عنه التحقيقات، وما يمكن ان تحدثه هذه الحادثة من تحول في مسيرة السلام بدارفور.