نيالا- دارفور24

قضيت يوم 13 نوفمبر 5 ساعات بقبضة قوات شرطة جنوب دارفور- وحدتي المباحث الجنائية والشرطة الأمنية- بعد أن ألقت القبض علي أثناء تغطيتي موكب 13 نوفمبر الرافض للإجراءات التي اتخذها قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان.

تفاصيل ما جرى أني تحركت من مكتبي قبيل الموعد المحدد لانطلاقة الموكب بنحو 5 دقائق فوصلت تقاطع صينية السينما وسط مدينة نيالا عاصمة الولاية مع بداية الموكب وارتفاع هتافات الثورة السلمية، الا انه بعد أقل من دقيقتين انقضت قوات الشرطة على المشاركين باطلاق الغاز المسيل للدموع بكثافة ما أدى الى سقوط جرحى، وتمكنت من توثيق أصابة احد المتظاهرين التي وقعت بالقرب مني.
بعد ذلك بدأت شرطة المباحث والأمنية- التي يرتدي منسوبوها الزي المدني- في مطاردة الثوار في الطرقات الجانبية بواسطة سيارتين لاندكروزر، وتمكنوا من إلقاء القبض على العشرات من الشباب والشابات، وكنت ضمن المعتقلين رغم أني تحدثت معهم عن هويتي الصحفية الا انهم انهالوا علي بالضرب ورفعوني ورموا بي على ظهر السيارة حتى أصبت بجرح في زراعي.
تم نقلنا الى رئاسة شرطة بلدية نيالا على متن سيارة نقل جنود وهناك وجدنا مدير شرطة الولاية اللواء علي حسب الرسول ومعه مجموعة من ضباط الشرطة والجيش، سألني مدير الشرطة ما الذي أتى بك الى هنا..؟ أجبته بأن جنودك اعتقلوني اثناء تغطيتي الموكب، قال لي نحن الآن في وضع استثنائي وقانون طوارئ غير مسموح فيه بالتغطيات الصحفية الا بعد أخذ اذن مسبق من الشرطة.
 اثناء كنت في سيارة الشرطة أجريت اتصالات على عدد من الزملاء وأخبرتهم بعملية اعتقالي، وبدورهم تواصلوا مع والي الولاية ومدير الشرطة وفي الآخر افلحت جهودهم عن اطلاق سراحي عند الساعة الخامسة والثلث عصراً بعد أن تقرر نقلي الى سجن نيالا الكبير، الذي يقبع فيه عشرات المعتقلين منذ قرارات  25 اكتوبر.
من خلال هذه الساعات التي قضيتها في الاعتقال شاهدت مستوى العنف والقمع الذي فرقت به هذه القوات المتظاهرين باطلاق الغاز المسيل للدموع بكثافة وتوجيه أعيرة العبوات الى المتظاهرين بصورة مباشرة أدت الى اصابة عدد منهم، بالاضافة الى الضرب بالعصي الذي لم تنجى منه حتى الفتيات اضافة الى الألفاظ النابية والإساءات للمعتقلين، هناك أحسست بحجم فقد الحريات التي وفرتها ثورة ديسمبر المجيدة.
الشئ المؤسف تعامل معنا الجنود وحتى أحد الضباط برتبة عقيد داخل مكتب المباحث الجنائية كأننا مجرمون حيث أجلسونا على الأرض في مكتب لا يسع لعشرات المعتقلين.
في تقديري ما جرى يوم 13 نوفمبر لم تحسب له قوات الأمن حسابات دقيقة رغم مطالبات المجتمع الدولي بعدم استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين في السودان، بل أنها تحاول تضييق الخناق على البرهان بتصرفاتها التي تتعارض تماماً مع مبدأ الحريات الذي جاءت به ثورة ديسمبر، التي اعلن البرهان التزامه بها.