الخرطوم- دارفور24
قال رئيس ومؤسس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور إن النظام الانقلابي إذا لم يسقط في مواكب 19 ديسبمر، لا يعني أنه باق، لأنهم ”أقلية“ بحسب وصفه، واعتبر عبد الواحد أن حاضر ومستقبل الشباب الذي فجر الثورة رهين بإسقاط الانقلاب، مضيفاً “بدون إسقاط الانقلاب لا يُمكن تحقيق أي مطلب من مطالب الثورة” وتوقع أن يحتدم التصعيد الثوري بعد الانقلاب لأن الشباب أدرك تماماً أنه هو المتحكم ولا مجال مجدداً للانتهازيين، والنصر حليف إرادة الشعوب التي لا توجد قوة في الأرض تقهرها“
وقال عبد الواحد في مقابلة مع “دارفور24” إن الشعار الذي رفعه الشارع بعد انقلاب 25 أكتوبر “لا شراكة، لا مساومة، لا تفاوض” يتطابق مع مواقف الحركة، وتابع “ينبغي أن لا تكون هذه الشعارات مجرد رد فعل، بل برنامج عمل”، ونصح عبد الواحد قوى الثورة الداعية لإسقاط الانقلاب بأن تعد برنامجها الوطني لإدارة حكم البلاد خلال فترة الانتقال.
واسترسل عبد الواحد في شرح فكرته عن هيكل الدولة الذي يحقق دولة المؤسسات والحكم المدني بقوله “أنا لا أرى داع لوجود مجلس سيادة” واعتبر التسمية في حد ذاتها تبطن فكرة خاطئة، وتابع “نحتاج مجلس وزراء مدني تكون السلطة الأعلى في البلاد هي سلطة رئيس الوزراء، وأن نظام الولايات لابد ان ينتهي وتعود الأقاليم كما كانت” ويعتقد عبد الواحد أن نظام الولايات بجانب كلفته الباهظة في الإنفاق هو قائم على تقسيم قبلي لن يقود إلى دولة المواطنة المنشودة.
”دارفور24“ طرحت عليه سؤال عن مبادرته لقيادة حوار سوداني سوداني، يقول عبد الواحد: إن الوضع بعد الانقلاب أصبح غير موات لحوار ديمقراطي، لكن أنصار الحركة بالداخل يقاتلون سلمياً مع بقية الشباب في الشارع السوداني لإسقاط هذا الوضع وفي يوم ما سنحقق ما نريد جميعاً. وفي نظر عبد الواحد أن الحوار السوداني السوداني هو الحل الوحيد في طريق دولة المواطنة.
دارفور….أزمة قديمة متجددة.!
وحول سؤال “دارفور24” ما إن كان إقليم دارفور يتعرض لموجة إبادة جماعية جديدة، يرى عبد الواحد أن الإبادة لم تتوقف أصلاً وفي نظره أن ما يحدث في دارفور ليس اقتتال، بل مليشيات تقتل العزل وتهجّرهم، وهو فعل الدولة الصفوية التي تحكم البلاد منذ الاستقلال، ويشير عبد الواحد إلى أن السودانيين طردوا المستعمر لكن تركوا وكلائه ينفذون نفس السياسيات.
وفي نظره أن الدولة الصفوية عملت على تمزيق النسيج الاجتماعي في دارفور أولاً حتى يتسنى لها تنفيذ سياساتها، فقسمت المجتمع إلى “زرقة وعرب” بينما تاريخياً كانت المجتمعات في دارفور متعايشة وقادرة على إدارة نفسها وحلحلة مشكلاتها البسيطة التي لم تتحول إلى صراع إلا بعد تدخل الدولة، ويُدلل على ذلك أنه لا توجد قبيلة في دارفور سلحت نفسها، ويواصل: هذا سلاح الدولة ضد مواطنيها، ويتابع: هناك عمل منظم لتهجير مكونات اجتماعية وإحلال مكونات أخرى مكانها.
وهي ذات السياسة التي حولت الحرب في جنوب السودان إلى حرب دينية، ووفقا لتعبيره فإن سياسة الدولة الصفوية القائمة على تمزيق النسيج الاجتماعي لا تزال تتحكم، والنتيجة طبيعية بالنسبة لنور لأن في نظره أن الدولة الصفوية لم تسقط بعد.
وعلى إثر ذلك تحولت اتفاقيات السلام إلى محاصصات بحسب وصفه، ثم يستدرك بالقول “حتى ثورة ديسمبر تحولت إلى محاصصات، لأن فكرة اختزال الأزمات لا زالت تسيطر على العقل الصفوي المتحكم في إدارة البلاد”
”دارفور24“ طرحت عليه سؤالاً حول ما يحدث في شرق السودان، ودون تردد يقول عبد الواحد إن ما جرى في دارفور هو ذاته ما يجري في الشرق وفي جنوب كردفان والنيل الأزرق وربما غدا يجري في النيل الأبيض والجزيرة وشمال كردفان، لأن في نظره أن الأزمة في غياب دولة المواطنة والمؤسسات التي تعيقها سيطرة الدولة الصفوية، ووفقاً لوجهة نظره فإن دولة المواطنة تتحقق ابتداء ببناء جيش مهني، فهو يرى اختلال المؤسسة العسكرية ”وعدم مهنيتها“ هو أزمة البلاد منذ الاستقلال، ويضيف عبد الواحد “لو كان لدينا جيش مهني لما نبتت هذه المليشيات”.
وبالنسبة لعبد الواحد نور فإن قضية الترتيبات الأمنية والجيوش المتعددة لا تمثل أس الأزمة، لأنه- ووفقاً لتعبيره- أن الدولة القديمة لا تزال مسيطرة ومتحكمة وهذا يعيق أي ترتيبات أمنية مهما أُحكمت، ويواصل عبد الواحد وهو يشير لاتفاق جوبا “أزمة السودان لا تُحل بالمسارات بل بمشروع وطني وهو مشروع لا يزال غائباً”
تعليقاً: اعتقالات “الحرية والتغيير” مسرحية
“دارفور24” طلبت تعليق عبد الواحد على ما حدث بعد الانقلاب وخيارات “الحرية والتغيير” في اعتقاده أن اعتقالات أعضاء ووزراء “الحرية والتغيير” لا تعدو كونها مسرحية من العسكريين لإعادة إنتاج الشراكة، وفي ظنه أن العسكريين توقعوا أن يستقبل الشارع قادة “الحرية والتغيير” كالأبطال بعد الخروج من المعتقلات لكنهم تفاجأوا، ويتساءل نور عن ما أنجزه تحالف “الحرية والتغيير” خلال فترته في الحكم، حتى يصبح مهدداً للعسكريين، ويمضي في التساؤل (هل طرحوا قضية الجيش المهني، هل فتحوا ملف العدالة، هل حققوا السلام)؟
ويرى عبد الواحد أن “الحرية والتغيير” هي نفس العقل الصفوي الذي أنتج الأزمات، ويتابع: “الحرية والتغيير” اختزلت الثورة اختزالاً مخلاً وحولتها لمحاصصات، وهي نفس القوى السياسية التي منحت البشير عمراً أطول، اختطفت الثورة ومنحت نفسها شرعية غير حقيقية وعقدت صفقة مع لجنة البشير، والآن بين أيدينا النتيجة، مضيفاً أن علي ”الحرية والتغيير“ الوقوف خلف الشارع.