الخرطوم – شمائل النور

يتجه رئيس بعثة يونتامس؛ فولكر بيرتس إلى فتح حوار مباشر وغير مباشر بين أطراف الأزمة في البلاد، بعد انتهاء مشاورات موسعة، وكشف فولكر في مقابلة مع ”دارفور24“ عن ملامح المرحلة الثانية من العملية السياسية في السودان التي أطلقتها البعثة في يناير الماضي.

وقال رئيس البعثة الأممية إن الاختلافات لا تقتصر فقط بين الكتلة المدنية والكتلة العسكرية مضيفاً أن هناك اختلافات وتباينات بين مكونات الكتلة الواحدة، وترغب البعثة في المحصلة النهائية الوصول لحوار سوداني-سوداني تلعب فيه الأمم المتحدة دور المسهّل وفقاً لحديثه.

وتأسست بعثة أممية لدعم الانتقال في السودان بموجب قرار مجلس الأمن (2524) في يونيو 2020، وباشر فولكر مهامه في فبراير 2021، لكن برز دور لافت للبعثة حينما اصطدم مسار الانتقال بانقلاب 25 أكتوبر 2021 حيث سعت حثيثاً لاستعادة الوضع الانتقالي.

وحول سؤال ”دارفور24“ عن أن البعثة تسعى ل ”خلق انتقال جديد“ بينما مهمتها ”دعم الانتقال“ يعتبر فولكر أن مساعي البعثة في استعادة المسار الانتقالي بعد الانقلاب لا يتقاطع مع مهمتها المقصورة على ”دعم الانتقال“ وأضاف أن المهمة اتخذت شكلاً مختلفاً وقال (إذا المسار انقطع فواجبنا تقديم المساعدة للعودة لمسار الانتقال، والسودانيون من يقرروا مواصلة المسار الانتقالي أو خلق انتقال جديد)، مضيفاً أن البعثة ملتزمة بتفويض مجلس الأمن.
واشتعلت حرب كلامية بين المكونين المدني والعسكري انتهت بانقلاب قائد الجيش؛ عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر أطاح بشركائه المدنيين من ”الحرية والتغيير“.

(إذا لم يجد السودانيون مخرجاً من الأزمة، سنفقد هذا البلد).

ولا يميل فولكر إلى إجابة قطعية حول ما إن كان يرى ثماراً لمبادرته، لكنه يشدد على أن ”السودان على طريق خطير“ وأن كل الأطراف التي قابلها لديها شعور متنامي بخطورة الوضع لذلك فإن مبادرته للمساعدة تجد القبول، وأضاف ”هذا لا يعني أننا وصلنا للهدف“. وبدا فولكر قلقاً من مصير الوضع قائلاً (إذا لم يجد السودانيون مخرجاً من هذه الأزمة، سنفقد هذا البلد).

ويبدو أن رئيس البعثة يضع في الاعتبار قضية تعدد الجيوش في السودان ومعضلة وجود بعضها مستقل اقتصادياً وعسكرياً مثل ”الدعم السريع“ وقال فولكر (تحدثت كثيراً، أن أي بلد لن يكون مستقراً إذا تعددت فيه الجيوش) مضيفاً أن المشاورات التي أجراها حصلت على إجماع واسع على ضرورة الوصول إلى جيش موحد تحت قيادة مدنية لكنه قال (الشيطان في التفاصيل).

وحول مصير دور المؤسسة العسكرية مع تصاعد المطالب بحكم مدني، قال فولكر إن جميع من قابلهم أجمعوا على دور المؤسسة العسكرية بمن فيهم ”الذين ينتقدون العسكريين“ وفقاً لحديثه.

فولكر: (ليس صحيحا أن كل الدعم الدولي توقف)
ويعتقد رئيس أن الحاجة ملحة لتوافق سياسي حول ترتيب دستوري متفق عليه من كل الفاعلين، وهو يضع نصب عينيه التحديات الأمنية والاقتصادية ”الهائلة“ المحيطة بالبلاد والتي في نظره تؤثر على الاستقرار السياسي، ويرى فولكر أن أمور هيكلية مثل علاقة المركز بالهامش وقضية الهوية لم تحل منذ استقلال البلاد، مضيفاً أن هناك أطروحات كافية لحل هذه المشاكل، وكل ذلك يحتاج استقرار سياسي لحلحلته.

وفي رده على سؤال ما يُمكن أن يقدمه المجتمع الدولي لوقف الانهيار الاقتصادي خاصة وأن الدعم توقف بعد انقلاب 25 أكتوبر، أجاب (ليس صحيحا أن كل الدعم الدولي توقف) ويقول إن المساعدات الإنسانية مستمرة، بما فيها الدعم الصحي المتعلق بكوفيد-19 وهناك بعض المشاريع ممولة من دول مانحة تُنجز عبر مؤسسات الأمم المتحدة، وهذه مستمرة، لكن صحيح أن أكثر الدول المانحة علقت جزء من المساعدات وكذلك البنك الدولي، عطفاً على أن اتفاق إعفاء الديون عالق.

وتابع (نحن نخاطب المجتمع الدولي لزيادة المساعدات فيما يتعلق مثلا بعودة المقاتلين السودانيين من ليبيا) وهي مساعدات تخص استقرار الإقليم ككل وليست بعيدة عن قضية الترتيبات الأمنية التي فيما يبدو تؤرق البعثة الأممية، وقال فولكر إن البعثة شكت مرارا في تقاريرها لمجلس الأمن حول تعثر الترتيبات الأمنية لكن اجتماع الفاشر الأخير وضعها في حيز التنفيذ.

وحسم اجتماع نادر في فبراير الماضي انعقد بالفاشر برئاسة قائد الجيش، مسألة بدء تنفيذ الترتيبات الأمنية وأعلنت عدد من الحركات وصول قواتها إلى نقاط التجمع إيذاناً ببدء التنفيذ.

عودة ضئيلة للمقاتلين السودانيين في ليبيا

وشدد فولكر على ضرورة إكمال هذه الترتيبات لأجل الاستقرار في دارفور، وكشف عن عودة ضئيلة للمقاتلين السودانيين من ليبيا والبالغ عددهم 9 آلاف مقاتل، وأضاف رئيس البعثة أن العودة بدأت منذ نهاية ديسمبر الماضي لكنها لا تتعدى مجموعات صغيرة غالبيتها من منسوبي الحركات الموقعة على اتفاق جوبا والتي تمثل الغالبية في الوجود العسكري السوداني في ليبيا.

وتابع فولكر ”كل الحركات المسلحة لديها وجود في ليبيا بما فيها التي تحارب الحكومة السودانية الآن“ ويشدد فولكر على ضرورة عودة المقاتلين إلى بلدانهم وأن يندمجوا داخل القوات النظامية، لكنه يضع في الاعتبار حوافز البقاء في ليبيا بما فيها الانتقال إلى موقع آخر للصراع إذا ما وُضع في الاعتبار المكاسب المالية.

وفي شأن الخلافات مع الاتحاد الأفريقي التي نقلتها تقارير صحفية الأيام الماضية، اكتفى فولكر بالقول (سوف ترون الأسبوع القادم تعاون حقيقي بيننا)

وحول الدعوات لانتخابات جزئية قال رئيس بعثة يونتامس إن أي موعد يحدد انتخابات يجب أن يضع في الاعتبار الترتيبات والمطلوبات اللازمة للانتخابات، مفوضية، قانون انتخابات، قانون أحزاب سجل وغيره، ويشير فولكر إلى وجود أكثر من (5) ملايين من السودانيين لا يملكون هوية، وتابع (هذا ما يجب توفره حتى تكون الانتخابات مقبولة للجميع).
وأضاف أن رئيس مجلس السيادة يتحدث دائماً عن حوار، لكن نحن نقول له تقع على عاتقكم مسؤولية كبيرة لخلق مناخ مناسب للحوار والآليات في يد السلطة.