الخرطوم- دارفور24
كشف الرائد الركن عبد الباقي محمد علي ابوريش عن البداية الحقيقة لتوتر العلاقة بين سلاح المدرعات وقوات الدعم السريع.

 

وقال ان التوتر بين القوتين يعود للعام 2013 عندما رفضت قيادة سلاح المدرعات تدريب عناصر قوات الدعم السريع في معهد المدرعات على الدبابات والمدرعات الاخرى، لانه يعتبر سلاح نوعى في القوات البرية خاص بافراد القوات المسلحة المنتسبين لسلاح المدرعات، وأضاف: منذ ذلك التاريخ عمدت قيادة سلاح المدرعات الى إبعاد عناصر قوات الدعم السريع عن كل ما هو خاص بالدروع.

 

وقال الرائد ابوالريش- في أقواله خلال جلسات محاكمة اللواء الركن عبد الباقي بكراوي وآخرين من الضباط التي تتواصل جلساتها بمنطقة وادي سيدنا العسكرية برئاسة اللواء الركن عباس محمد عثمان- منذ تلك الفترة فإن العلاقة بين سلاح المدرعات والدعم السريع متوترة للحد البعيد، خاصة عندما طالبت قيادة سلاح المدرعات بإرجاع عدد 54 مركبة مدرعة BTR تابعة لسلاح المدرعات وموجودة حتى هذه اللحظة في منطقة الزرق بشمال غرب دارفور، كانت قد دُفع بها الى تلك المناطق إبان فترة العمليات الحربية، وكان من المفترض إعادتها الى سلاح المدرعات، ولكن ذلك لم يحدث”

 

وذكر في اقواله بحسب “مونتي كاروو” ان هيئة القيادة الحالية للجيش، لم تحرك ساكناً في هذا الموضوع، وما كان بامكان قيادة سلاح المدرعات، أن تتجاوز إدارة هيئة العمليات للقوات البرية وهيئة القيادة وفقا للتراتبية العسكرية في المخاطبات العسكرية والتسلسل الهرمى في منظومة القيادة والسيطرة ومخاطبة قوات الدعم السريع بارجاع تلك المدرعات.

 

وقال ابوالريش ان هذا الامر ظل واحدا من اهم اسباب هذا التوتر الذي كاد أن يصل مرحلة المواجهة العسكرية بين المدرعات والدعم السريع في صبيحة اليوم الثاني من بيان الفريق اول “عوض ابنعوف” عندما جاء قائد الدعم السريع “حميدتى” بعرباته وإرتكز جنوب سور سلاح المدرعات، وكان حينها السيد اللواء الركن عبد الباقي الحسن بكراوي برتبة العميد وقائد ثانى لسلاح المدرعات، والذي إعتبر أن ذلك بمثابة إستفزاز لكل منتسبي سلاح المدرعات، فأرسل لهم قائلا “عندكم مهلة خمسة دقائق لو ما طلعتوا من هنا بيتم التعامل معاكم بالزخيرة الحية بواسطة الدبابات” فما كان من قوات الدعم السريع إلا الإنسحاب الفوري، ولجأ حميدتي الى الفريق البرهان للتوسط في حل الإشكال بينه وبين سلاح المدرعات، فكان ان تم الإتصال باللواء الركن نصر الدين عبد الفتاح من الفريق البرهان.

 

تمدد الدعم السريع على حساب الجيش

اما الرائد الغالي عبد الباقي سعيد عابدين الدفعة 52 فقد جاء في اقواله التي تلاها اللواء الركن معتصم عباس التوم (الدفعة 36) رئيس مجلس التحقيق ويشغل حالياً منصب مدير أكاديمية نميري العسكرية: ان سلاح المدرعات ساند التغيير الذي حدث في 11 ابريل 2019 لانه كان مطلب الشعب السوداني، والقوات المسلحة درجت على ذلك السلوك طيلة السنوات التى مرت على السودان فيها ثورات شعبية، وقال “كنا بنفتكر أنو ده هو رد الفعل الطبيعي من القوات المسلحة في الإنحياز للشعب السودانى، وباركنا تلك الخطوة نحن كسلاح مدرعات، فالشيء المعروف أن القوات المسلحة وبناء على الدستور هى التى تستلم زمام الأمور في البلد وتعلن عبر قيادتها إستلام السلطة لفترة إنتقالية محددة، ثم يعقب ذلك إنتخابات يشارك فيها الجميع، لكن ما حدث في يوم 11 ابريل 2019م لم يكن كذلك على الإطلاق، وأضاف: الأدهى والأمر هو دخول ممثل لقوات الدعم السريع وترقيته الى رتبة فريق أول ليصبح نائب رئيس المجلس العسكري، وهذا كان أكبر خطأ أرتكب في حق القوات المسلحة عبر تاريخها الطويل، وتساءل الرائد الغالي عبد الباقي سعيد “من الذي اعطى حميدتى الحق في الدخول للمجلس العسكري الذي تم تشكيله وبأى صفة إستحق ذلك الشرف في التمثيل..؟،

 

واردف “حميدتى لا يعدو أن يكون قائد مليشيا زيو وزى باقي الحركات التي تحمل السلاح، ومفيش اى مجاملة في ذلك، اصلاً لو حميدتى بستحق هذا المنصب، خلاص يجيء عبد العزيز الحلو وعبد الواحد نور وغيرهم من الناس الحاملين السلاح، ديل برضو يدخلوا المجلس ده لأنو مافي معايير للدخول بقت جبانة هايصة.

 

وقال: حميدتي مؤهلاته شنو البتخليهو يكون نائب رئيس المجلس فى وجود الكثير من جنرالات الجيش، والكثير جدا من المدنيين ذوى المؤهلات والشهادات العلمية الذين يشار إليهم بالبنان والقادرين على العبور بهذا الوطن الى بر الأمان، وتحقيق طموحات وآمال هذا الشعب الصابر والمغلوب على أمره ؟!!”

 

وعبر الرائد الغالي سعيد عن اندهاشه امام لجنة التحقيق بقوله “ليه قيادة القوات المسلحة ساكتة على كدة، وفي شنو أصلا يخليها تقبل الكلام ده، وتسئ لتاريخ القوات المسلحة التى يثق فيها الشعب السوداني، ويلجأ إليها كلما إشتدت به المحن ؟!!

 

وأضاف “سكوت قيادة القوات المسلحة على ذلك التجاوز الكبير هو الذى أدى بقوات الدعم السريع أن تتمدد وتتجاوز كل القوانين في التعامل حتى مع المواطن السوداني، حتى بلغ الأمر ذروته في جريمة فض الإعتصام امام بوبات القيادة العامة للجيش، ودى كانت فضيحة وجريمة لا تغتفر، وبيجي اليوم البيتحاسب فيه المجرم، ولو طال الزمن، طالما أن هنالك شرفاء في هذا البلد لأن ما حدث خصم الكثير جدا من رصيد القوات المسلحة في شكل علاقتها وإحترامها عند الشعب السوداني.

 

وقال إن تمييع هذه الجريمة ومحاولة طمسها ومحوها من ذاكرة الشعب السوداني، لن يجدي فتيلا، ونحن كضباط برتب صغيرة غير مستعدين لتحمل تبعات هذه الجريمة من الناحية الأخلاقية، ويجب أن يكشف كل المستور الذي نعرفه للشعب السوداني، ويعرف صليحه من عدوه لأن القوات المسلحة ليست عدواً له بأى حال من الأحوال “.

 

واضاف الرائد الغالي عبد الباقي سعيد انهم في سلاح المدرعات حملوا هذا الهم وطرحوه على غيرهم في الوحدات العسكرية، واستطاعوا صنع تياراً عريضاً جداً رافض لكل هذا الواقع الذي تعيشه القوات المسلحة وهذا الإستهداف الواضح لها وتمدد قوات الدعم السريع على حسابها.

 

تجارب القوات المسلحة مع المليشيات

وتناول الرائد الغالي تجارب القوات المسلحة في التعامل مع المليشيات والقوات الصديقة التى يتم تكوينها أثناء فترات الحرب “كأسود النيل الأزرق في جبهات الدمازين، وقوات فاولينو ماتيب، وقوات كلمنت وانى في تركاكا، والسلطان إسماعيل سلطان قبيلة المورلى في منطقة الإستوائية، وقوات أسود الغابة، وقوات البارقيت اثناء الحرب في جنوب السودان، بالإضافة الى تجربة قوات الدفاع الشعبي والخدمة الوطنية.

 

وقال الرائد عبد الباقي “هذه كلها تجارب قامت على أكتاف القوات المسلحة وحتى الرتب العسكرية التى كانت تمنح تنتهى مدة صلاحيتها بإنتهاء فترة العمليات، وحتى الاطباء الكانوا بيجوا ويقضوا معانا الخدمة الوطنية بتاعتهم كانوا بيلبسوا رتبة ملازم لاغراض العمليات فقط وبمجرد عودته يعود مدنيا مرة اخرى، ويذهب الى مكان عمله، فما الذي تغير بالنسبة لقوات الدعم السريع عشان يكونوا موجودين بهذه الرتب التى لا يستحقونها بحكم التأهيل المدنى الاكاديمى والعسكرى ؟!!

واردف: لا يمكن لبلد بها المئات من الجامعات ان يتصدر فيها المشهد اناس أميون، الكادر السوداني المؤهل هو الذي أسهم في بناء العديد من دول الخليج، وصاروا نجوما حفظ لهم تاريخ تلك الشعوب حقهم الأدبي والمعنوي حتى تاريخ الناس هذا ”

 

تيار التصحيح

وجدد الرائد الركن عبدالباقي محمد علي ابوريش تأكيده بان تيار التصحيح ظل ينمو داخل سلاح المدرعات، وزادت وتيرته عندما تم وضع اللواء الركن نصر الدين عبد الفتاح في الإيقاف الشديد وإتهامه بالمشاركة في المحاولة الإنقلابية لرئيس الأركان الفريق اول هاشم عبد المنطلب، وكذلك وضع السيد قائد ثاني السلاح بكراوى ايضاً في الإيقاف الشديد نتيجة رأيه الذي ارسله في رسالة صوتية وجهر فيها برأيه الواضح في قوات الدعم السريع وقائدها حميدتي وقد تمت تبرئة اللواء نصر الدين، وأحيل للتقاعد بالمعاش وقدم العميد الركن بكراوي الى محاكمة عسكرية إستمرت لمدة سنة كاملة وبعدها لم يتم إعادته الى سلاح المدرعات.

 

واضاف “شعر ضباط وضباط صف وجنود سلاح المدرعات بأنهم مستهدفون في وحدتهم من خلال مواقف قادتهم القوية والجهر بها علانية وعلى الملأ، وكانت نتيجة ذلك إبعادهم عن سلاح المدرعات، وظل هذا الشعور متزايداً بين الضباط والصف والجنود حتى اليوم، وكان ذلك هو البذرة الأولى لتيار التصحيح الذي بدأ في القوات المسلحة من داخل سلاح المدرعات، وحمل رايته اللواء الركن بكراوى، والعميد الركن خالد الصادق، والعميد الركن عبد الحليم جبريل، والعميد الركن بشرى عبد الرحمن، ومن ثم إنضم لهم الشرفاء من الضباط من داخل سلاح المدرعات، وسلاح المظلات، وتحديدا العميد الركن إبراهيم المنصوري قائد ثاني سلاح المظلات، والعميد الركن ماهر حسن على، وبعد ذلك تمدد هذا التيار التصحيحى ليشمل كل الرتب من الضباط وضباط الصف والجنود، وصار قطاعا واسعا داخل القوات المسلحة حمل رايته هذه الثلة من الضباط ونفذوا به حركتهم التصحيحية في 21 سبتمبر، وكان لى شرف الإنضمام والمشاركة لإيماني وقناعتي بقوة وصدق هذا الطرح الذي يهدف الى تصحيح مسار ثورة ديسمبر من الناحية العسكرية، وتقويم هذا الوضع المعوج وإعادة الأمور الى نصابها، لأن قناعتنا بأن حالة السيولة الأمنية التى تشهدها العاصمة وسائر مناطق السودان هى نتاج هذا الوضع غير السليم على الإطلاق، وأن مسألة دمج كل القوات والحركات المسلحة ومعها الدعم السريع في القوات المسلحة هى ضرورة تقتضيها الحالة التى وصلت إليها البلاد من تفلتات أمنية في معظم المناطق.

وختم الرائد ابو ريش اقواله “نحن راضين كل الرضا عما قمنا به لأنها كانت قناعتنا، ومدى إيماننا بضرورة التغيير والتصحيح، وأن تلك الجمرة ما زالت متقدة وأن جذوة النضال تمتد عبر الايام والشهور والسنين، طالما أن هنالك رفاق درب لنا في الكفاح والنضال موجودين وبكثرة داخل هذه المؤسسة العريقة- على حد قوله-