نيالا- دارفور24
في الوقت الذي يبدأ الجميع في العودة الى مساكنهم بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور عندما تتجه الشمس ناحية المغيب تخرج عواطف من مخيم دريج للنازحين المتاخم للأحياء الشمالية الشرقية للمدينة متوجهة الى موقع عملها- جمع النفايات- بوسط سوق نيالا الكبير لتحصل على ما يعينها على توفير لقمة العيش لابنائها الستة.

 

عواطف ذات 45 عام قالت لدارفور24 ان الظروف أجبرتها على العمل في جمع النفايات بعد توقف الدعم الذي كانت تحصل عليه من المنظمات الإنسانية، وعدم وجود من يساندها في اعاشة ابنائها، بعد اختفاء والدهم في إحد مناجم الذهب منذ سنوات.

بيئة عمل غير آمنة

وأشارت عواطف- التي تعمل برفقة 40 إمرأة أخرى اغلبهن مسنات- إلى المعاناة التي يواجهنها في ظل وجود أماكن مظلمة وسط سوق نيالا، وقالت ” ندخل في منتصف السوق لجمع الأوساخ فنجد المجانين “مختلي العقل” أو الحرامية “اللصوص” فنقضي عملنا، ونحن في حالة رعب من أن يسببوا لنا أذى”.

خلال حديثها شكت عواطف من نظرة المجتمع لهن أثناء العمل واستخفاف البعض بهن، وإستدركت “الظروف وحدها هي التي جعلتنا نقوم بهذا العمل، فالمنطقة التي نزحنا منها قبل 16 عام كنا نعيش فيها بعزة وكرامة، ونزرع لنوفر قوتنا في آمان، لكنها الحرب اللعينة، أجبرتنا على العيش في المخيمات”.

مراسل دارفور24 تجول في سوق نيالا الكبير، ووقف على العمل الذي تقوم به عواطف ورفيقاتها، وهن يعملن ليلاً في نظافة سوق نيالا ثاني أكبر مدن البلاد، فتحدثن عن المشاكل التي ظللن يتعرضن لها، أثناء عملهن ليلاً في جمع النفايات والأوساخ.

العاملات يجمعن النفايات ليلاً
العاملات يجمعن النفايات ليلاً بسوق نيالا

وتقول الحاجة كلثوم آدم عبدالرحمن ذات 63 عاماً لدارفور24 أنها ظلت تعمل في جمع النفايات منذ عام، ولأنها تعول أبناء بنتها التي توفيت قبيل أعوام، أُجبِرت على جمع النفايات لعدم وجود عمل لوالدهم، وقالت بحسرة “نعمل في ظروف صعبة، وأجر قليل، وفوق ذلك سوء سلوك المواطن بالتبرز والتبول في العراء، وعلينا نحن أن ننظفه” واضافت: هذا سلوك متخلف لكننا مجبورين على العمل كي نعيش في ظل إرتفاع كلفة المعيشة.

نفايات بسوق نيالا
نفايات بسوق نيالا

وقالت: المجتمع هنا لا يحترم عامل النظافة، فأحياناً يقولون لنا يا ناس الوساخة تعالوا ارفعوا هنا، ولا يوجد أدني إحترام لكبير السن، وذكرت انها بسبب سنها والظلام الذي يكتنف السوق في الليل تعثرت مرتين وسقطت على الأرض، وناشدت عواطف الحكومة بإضاءة السوق ليلاً تسهيلاً لعملهن وحمايةً لهن.

“أكره العمل بسبب نظرة المجتمع”

حليمة إسماعيل 55 عاما وهي تتحدث لدارفور24 ندبت حظها الذي قادها للعمل في جمع النفايات بمدينة نيالا، وقالت إن نظرة المجتمع لهن بالدونية يجعلها تكره العمل، ولكنها تعمل لعدم وجود البديل، واضافت: أكره العمل لكنه قسمة، وربنا جعل كدة”.

حليمة شكت من سلوك البعض الذين ويتبرزون ويتبولون في أماكن متفرقة من سوق المدينة، وقالت نعاني من هذا الأمر في ظل عدم وجود إضاءة ليلية في أرجاء السوق، لكنها نبهت الى ان المهدد الأكبر يواجهنه أثناء عودتهن للمخيم بعد منتصف الليل، حيث يتعرضن أحياناً لعمليات نهب بواسطة عصابات ليلية.

نقص آليات نقل النفايات بنيالا

وتواجه مدينة نيالا ذات الكثافة السكانية العالية نقصاً في آليات نقل النفايات، في وقت تتواجد عدد ثلاث آليات تركتها بعثة الامم المتحدة لحفظ السلام بدارفور ” يوناميد” داخل قصر الضيافة مقر والي الولاية دون ان تدخل الخدمة، بينما علمت دارفور24 بوجود شاحنة أخرى تتبع لهيئة نظافة المدينة إحتجزتها سلطات الجمارك لمخالفتها القانون، ويشكو سكان أغلب الأحياء بالمدينة من عدم وجود آليات لنقل الأوساخ، فيضطرون الى حرقها في الشوارع.

آلية نفايات خارج الخدمة بقصر الضيافة

ويقول مسئول السيارات بأمانة حكومة الولاية لدارفور24 إن هذه الآليات بها أعطال وانهم يسعون لصيانتها، قبل تسليمها لهيئة نظافة المدينة وادخالها الخدمة.

مدير الهيئة: العاملات يعملن في ظروف صعبة

أقر مدير هيئة النظافة والتجميل بولاية جنوب دارفور خالد أدم يوسف بأن العاملات في نظافة السوق يعملن في ظروف صعبة، وقال “هن يعملن في ظروف صعبة وأحيانا يجدن معاناة في رفع النفايات، خاصة متبقي الخضروات ومخلفات الذبائح، بجانب أن البعض يتبرز ويتبول بصورة مقززة لا يمكن أن يقبلها الإنسان لنفسه.

وذكر لدارفور24 أن الهيئة بدأت عملها من الصفر لتغطي مدينة نيالا بالكامل حيث تم تعيين 50 عاملاً و 30 محصلاً إلى جانب أنتداب عدد من ضباط الصحة والضباط الاداريين للعمل في الهيئة، وأوضح ان هنالك مجهود كبير يبذله الجميع في الهيئة لجعل مدينة نيالا نظيفة.

وأشاد خالد بالعاملات وجهدن، ولفت إلي أنهن يستعجلن أحيانا في العمل للعودة باكراً إلى منازلهن في المخيم حتي لا يتعرضن لنهب المبالغ البسيطة التي يتم صرفها لهن، وأقر خالد بأن عدم وجود انارة في السوق يعد أحد أكبر المعوقات التي تواجه الهيئة وعمال النظافة، وقال ان العمال يضطرون الى إستخدام الانارة اليدوية من أجل نظافة السوق.

 

وشكا من اغلاق الطرق الرئيسة داخل السوق بواسطة الباعة المتجولين والمظلات التي يتك تشييدها وسط الطرقات، وطالب سلطات البلدية بمنع البيع والذبح “الكيري” في شوارع السوق، ودعا خالد الى احترام العاملات والوعي بأهمية ودورهن في نظافة المدينة.

 

مساعي حكومية

المدير التنفيذي لبلدية نيالا عباس فضل الله الجاك قال لدارفور24 وجود مساعي من البلدية لإنارة السوق والتي بدأت بشبكة الموصلات العامة، وبعض الشوارع الحيوية داخل السوق، وأشار الجاك الى وجود مبادرة من التجار للإنارة الكاملة للاسعام في محاربة الظواهر السالبة والسرقات المتعددة للمحلات التجارية في السوق ليلاً، إضافة الى دعم شركة النظافة لاداء عملها بالصورة التي تمكنها من نظافة المدينة.