الجنينة- دارفور24

رسمت المأساة الانسانية التي خلفها الهجوم الذي شنه مسلحون على محلية كرينك 80 كيلو متر شرقي مدينة الجنينة عاصمة ولاطية غرب دارفور حالة من المأساة يصعب وصفها في ظل انعدام المأوى والغذاء لأسر فقدت اكثر من مأئتي قتيل وعشرات الجرحى وحرق ونهب وتدمير مئات المنازل.

 

كرينك التى أصبح اسمها اكثر اسماء محليات غرب دارفور تداولاً في وسائل الإعلام بعد تلك المجزرة تعتبر المحلية الوحيدة من بين محليات غرب دارفور الثماني التي لا تربطها حدود مع الجارة تشاد، وتتكون من خمس وحدات إدارية هي “آزرني، ام تجوك، كرينك، مورني، بجانب وحدة قندرني”

 

ورغم انها تعتبر المحلية الاكبر من ناحية المساحة الا انها تأتي في المرتبة الرابعة من بين محليات غرب دارفور من ناحية الاهمية الاقتصادية، ربما لعدم اشتراكها في شريط حدودي مع الجارة تشاد، حيث تنشط التجارة الحدودية والتهريب.

 

ويعد الهجوم الذي شهدته كرينك هو الاعنف بغرب دارفور في خضم الحروب والاحداث الامنية التي شهدتها عدة مناطق في السنوات الثلاث الاخيرة.

 

وتعتبر الوحدات الإدارية مركزا مهما لبعض المكونات الاجتماعيه وتم تقسيمها حسب التوزيع القبلي حسب السياسات التقسيمية التي كان يتبعها النظام البائد للسيطرة على النفوذ القبلي.

 

فالوحدة الإدارية “كرينك” والقرى المجاورة لها كانت مسرحاً للحرب الأخيرة، وتعتبر قبيلة المساليت من اكبر المكونات الاجتماعيه داخل كرينك الوحدة الإدارية، بينما تعتبر ام تجوك مركزا لقبيلة المهادي ذات الاصول العربية، وقندري مركزا لقبيلة التاما، بينما توجد “آزرني” قبيلة المساليت، وتقطن وحدة “مورني” المجاورة لولاية وسط دارفور عدد من المجموعات السكانية، لكن تتفوق عليها قبيلة المساليت من حيث التعداد، بينما تتناثر “قرى ودمر وفرقان” القبائل العربية في مناطق متفرقة داخل الحدود الجغرافية لمحلية كرينك.

 

يحترف اغلب سكان كرينك حرفتي الزراعة والرعي، وتمتاز المنطقة باراضي زراعية خصبة، وتنتج الفواكه مثل الجوافة والفافا والمانجو والشمام.

 

كانت الليلة السابقة ليوم 22 من شهر أبريل مرت هادئة على مدينة كرينك فقط يشوبها الحذر العام الذي ظلت تعيشه ولاية غرب دارفور منذ سنوات بسبب القتال المتكرر في ارجائها، لكن انقلب الوضع رأساً على عقب مع بزوغ الفجر، عندما شن مسلحون هجوما- عند الخامسة صباحاً- على “كرينك” من عدة محاور على خلفية مقتل اثنين من الرعاة بالقرب من المدينة، فأحالها الى رماد وجماد.

 

وتباينت- وقتها- الروايات والاحصائيات الرسمية حول عدد الضحايا، ففي حين ذكر الوالي عبد الله ابكر ان عدد القتلى بلغ 201 قتيل، بينما قال المدير التنفيذي لمحلية كرينك ناصر الزين ان لجنة أمن المحلية أحصت 165 قتيلا.

 

وذاك الهجوم خلف أوضاعاً انسانية مأساوية حتى اضحت المنطقة وجهة للمنظمات والهيئات الانسانية، قال مفوض العون الانساني بولاية غرب دارفور الصادق محمد هارون ان حكومة الولاية أرسلت الاسبوع الماضي قافلة غذائية لمنطقة كرينك وقد تم توزيعها على أكثر من 21 الف اسرة.

 

واشار إلى أن المواد الغذائية التي تم توزيعها تكفي السكان لمدة شهر واحد فقط، ونبه إلى الحاجة الماسة لمواد الإيواء، لجهة أن مساكن المواطنين تأثرت كثيراً بالهجوم الذي وقع على المنطقة.

 

ولم يستفق مواطنو كرينك من هول الكارثة التي افقدتهم الغالي والنفيس حتى برز صراع بسط النفوذ والسيطرة وسط قادة المنطقة، ما دفع السلطات الأمنية الى اعتقال اربعة شاب بعضهم قادة في حركة مسلحة ما زالت لم تنضم إلى السلام، وبحسب مصدر رسمي حكومي، فإن السلطات تتهمهم بتأجيج نار الفتنة والحروب بالمنطقة.

وقال احد مواطني كرينك عبر الهاتف لدارفور24 رغم الوفود الكبيرة والمستمرة من قبل المنظمات الأجنبية والقوافل الانسانية التي تصل المنطقة الا ان ما يقدمونه للمتضررين قليل جدا ولا يسد حاجتهم من الغذاء والدواء والايواء، نسبة لأن المواطنين فقدوا كل ما يملكون.

 

ودعا جميع الخيرين والسلطات الحكومية الاتحادية والمنظمات بالاسراع في توفير مواد غذائية وايوائية قبيل دخول فصل الخريف، لكن في ظل هذا الوضع أصبح الطريق الرابط بين كرينك والجنينة غير آمنة حيث تنشط في عصابات النهب المسلح، وقال المواطن: الآن لايمكننا السفر إلى الجنينة بدون حراسات امنية وان اعتداءات المتفلتين تتكرر بصورة يومية.

 

وعلى الرغم من مضي اكثر من 50 يوما على احداث كرينك التي دمرت المدينة بالكامل التي وصفها والي غرب دارفور خميس عبدالله بأنها جريمة في حق الانسانية والدين الا أن لجنة التحقيق التي شكلتها حكومة الولاية لم تفصح عن نتائج تحقيقها، وأن الوالي لم يف كذلك بعقد المؤتمر الصحفي الذي تعهد بأن يوضح فيه كل ملابسات الهجوم وكشف الجهات المتورطة فيه.

 

وقال والي غرب دارفور خميس عبدالله في تصريح له عقب الهجوم إنه سيكشف للرأي العام الجهات المتورطة في الهجوم، وانه تساءل وقتها عن الجهات التي تمتلك الكم الهائل- على حد تعبيره- من السيارات والاسلحة الثقيلة.

 

فيما لم تزل تزداد الأوضاع المعيشية سوءً يوماً بعد يوم رغم وصول عشرات القوافل من الولايات بجانب دخول عدد كبير من المنظمات الأجنبية والوطنية لتقديم المساعدات لأهالي المنطقة.