الخرطوم- دارفور24
حوَّل القمع المفرط الذي واجهت بِه الأجهزة الأمنيةالمتظاهرين الرافضين للانقلاب العسكري في الثلاثين من يونيو الماضي؛ والذي تسبب في سقوط “9” شُهداء والمئات من المصابين والمعتقلين تعسفياً، المساحة الممتدة من محطة “الغالي” وحتى “حجازي” بوسط العاصمة الخرطوم إلى أرض للاعتصام مغلقة تماماً بأمر الثُوار- حُراس المتاريس- كما يطلقون على أنفسهم.

 

أصوات الهُتاف تعلو كلما اقتربت أكثر من ساحة الاعتصام “يا سيزر حا نجيب التار” يقصدون الشهيد محمد أحمد حسين الملقب بـ”سيزر”، أحد ابناء منطقة الديوم الشرقية الذي اغتالته السلطة الانقلابية برصاصة في الرأس الثلاثين من يونيو الماضي.

 

ويرى ثُوار تحدثت معهم دارفور24 إن قتله بوحشية ما تسبب في انفصال المخ وتهشم الجمجمة، واطلاق الرصاص الحي داخل أحياء المنطقة أهم أسباب قِيام ماعُرف بـ “اعتصام الجودة” لاحقاً.

اعتصام مفتوح حتى سقوط النظام

يقول الثائر مؤمن أحمد عباس الملقب بـ”ود زينب” في حديثه لدارفور24 إن اعتصام الجودة وليد احتجاج أهالي المنطقة على القمع المفرط الذي واجهتهم بِه القوات الأمنية في الثلاثين من يونيو الماضي مستخدمة الغاز المسيّل للدموع بكثافة مصحوباً بالرصاص الحي ما دفعهم إلى تتريس الشوارع الرئيسية، ووجدت الخطوة دعم واسع من الثُوار الذين تدافعوا من مناطق العاصمة المختلفة وتطورت الفكرة بعد ذلك إلى الاعتصام لتزايد الاعداد وصعوبة العودة للانتشار الكثيف للقوات الأمنية وسط العاصمة وحملة الاعتقال المستعرة.

وأشار إلى عدم تحديد- حتى الآن- سقف زمني بعينه موعداً لرفع الاعتصام بقوله: الاعتصام مفتوح حتى سقوط النظام، ويرى “عباس” أن تجمع الثُوار من مختلف مدن العاصمة المثلثة في نقطة واحدة وإدارة حوارات جادة واركان للنقاش والبحث عن رؤى واضحة للمرحلة القادمة ستكون نتائجه مثمرة للغاية، هذا اضافة لقُرب المنطقة من القصر الرئاسي حال تقررت مواكب مفاجئة.

 

موضحاً أن اعتصام الجودة يعد تمهيداً لخطوات تصعيدية قادمة، وتنوع لأشكال المقاومة السلمية، ومُحاولة ناجحة للفت انتباه القنوات الفضائية المحلية والدولية لتسليط الضوء أكثر على الثورة السُّودانية، وما تواجهه من قمع مفرط تسبب في سقوط (113) شهيد منذ انقلاب الـ25 من اكتوبر والمئات من المصابين والمعتقلين تعسفياً، حيث تكتظ ساحة الاعتصام بكاميرات المراسلين والمصورين لمختلف المحطات الفضائية.

 

وشددّ “عباس” على جدوى الاعتصامات وأهميتها، لجهة أن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير سقط باعتصام القيادة العامة 2019م.

 

اللجنة الاعلامية للجان مقاومة الديوم الشرقية قالت في بيان لها إن الاعتصام الذي يبدأ من تقاطع “الغالي” وحتى تقاطع “حجازي” اعتصام مفتوح حتى اسقاط الانقلاب. وتابع البيان الذي اطلعت عليه دارفور24: “إن ما حدث في الثلاثين من يونيو من عنف وقمع مفرط وإزهاق للأرواح من قبل السلطة الانقلابية أيقظ كثيراً مما كان ساكناً قلبه، وأظهرت المجزرة التي عايشناها في ذاك اليوم المعدن الحقيقي لمن كان قلبه على الوطن والثورة”.

 

محاولات متكررة لفض الاعتصام

ووفقاً لعضو تنسيقيات لجان مقاومة مدينة الخرطوم- أحد المرابطين في الاعتصام منذ يومه الأول- فإن المحاولة الفاشلة من قبل القوات الأمنية لفضَّ الاعتصام والتي تمكن الثُوار من التصدي لها بتعزيز التُروس وتأمين المنافذ الهدف منها بثّ الرعب والخوف وسط المعتصمين دون جدوى، وأضاف:”لن نتهاون حال تم فضَْ الاعتصام بالقوة وسيكون الرد قاسياً.

وحاولت قوة أمنية ليلة الثلاثاء الماضي فض اعتصام الجودة مطلقةً عبوات كثيفة من الغاز المسيل للدموع بيد انها تراجعت عقب تزايد اعداد المعتصمين ودعم اهالي المنطقة.

 

وشدد عضو تنسيقية لجان مقاومة الخرطوم على أن ما تشهده العاصمة الخرطوم وبعض مُدن الولايات من اعتصامات عقب القمع المفرط الذي واجهت بِه السلطة الانقلابية الاعداد الضخمة التي خرجت في الثلاثين من يونيو تأكيداً لرفضها الانقلاب العسكري يُدل على أن الشعب السُّوداني عازم على اكمال مسار الثورة.

ومنذ الثلاثين من يونيو تشهد مدن العاصمة الثلاث “4” اعتصامات متفرقة، اثنان منها في مدينة أمدرمان، احدهما في شارع الشهيد عبدالعظيم “شارع الأربعين”سابقًا والآخر في محطة الشهيد الروسي”امدرمان جنوب”، إضافة إلى اعتصام في منطقة المؤسسة بمدينة بحري، واعتصام مستشفى الجودة بمنطقة الديوم الشرقية وسط الخرطوم، وهناك ايضاً اعتصام في حاضرة ولاية الجزيرة “ود مدني”.

 

ورقة ضغط رابحة

يرى عضو لجان مقاومة الخرطوم إن ما تشهده العاصمة من اعتصامات شكل ورقة ضغط رابحة أجبرت السلطة الانقلابية على اتخاذ عُدة قرارات من بينها خطاب القائد العام للقوات المسلحة السُّودانية “عبدالفتاح البرهان” الأخير وما تلاه من قرارات تضمنت إعفاء اعضاء المجلس السيادي من المكون المدني، بيد أنه عاد ليؤكد بأن جميع ما سبق غير مجزي بالنسبة لهم، فلجان المقاومة وقوى الثورة لديها مطالب مفصلية تتمحور في اعادة العسكر إلى الثكنات، واقامة محاكمات عادلة تضمن القصاص للشهداء، وتأسيس سلطة مدنية شعبية تضم كافة الاجسام الثورية والمطلبية وتنسيقيات النازحين، وحتى ذلك الوقت تظل المقاومة السلمية بشتى اشكالها قائمةـ حد تعبيره-