تقرير- دارفور24
لقي الشاب عيسى عمر محمد أحمد الباهي مصرعه- مساء الأحد 23 اكتوبرـ إثر اصابته بطلق ناري تسبب بتهتك في القلب والرئتين كما ورد في تقرير الطب الشرعي.

 

الشاب البالغ من العمر 18 عامًا خرج للمُشاركة في موكب دعائي يُعرف بـ”الغنجة” بمنطقة الصحافة جنوبي العاصمة الخرطوم حيث يقطن، لحثْ المواطنين على الخروج في مواكب واسعة صبيحة الـ25 من أكتوبر رفضة للإنقلاب الذي أكمل عامه الأول، لكن عيسى لم يعد ! ـ

 

تقول لجنة محامو الطوارئ المختصة برصد ومتابعة انتهاكات القوات الأمنية ضد المحتجين إن ما حدث يُعد جريمة تحت المادة 130 من القانون الجنائي السُّوداني للعام 1991 القتل العمد، ليرتفع عدد الذين قُتلوا بسبب رفضهم الإنقلاب العسكري إلى 118 شخص، وفقاً لإحصائية أعدتها لجنة أطباء السودان المركزية.

 

واستيقظ السُّودانون فجر الإثنين 25 اكتوبر 2021م على أصوات المارشات العسكرية بالإذاعة السودانية والتلفزيون القومي بينما كان واضحاً أن شبكة الإنترنت قط قُطعت فخرجوا إلى الشوارع فزعين.

 

ولم تمض سوى سويعات حتى أعلن رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش في خطاب عبر التلفزيون حالة الطوارئ بالبلاد، وحلّ مجلس السيادة- الذي كان يُوشك على الانتقال إلى حكم مدني- ومجلس الوزراء وإعفاء ولاة الولايات، وبشر بسودان جديد يتمتع بالحرية والعدالة.

 

وشهد ذلك اليوم قمعاً مفرطاً للجموع التي خرجت رفضاً للإنقضاض على مكتسبات ثورة كُلفتها باهظة كما روى شاهد العيان أحمد دمام الذي تعرض لإصابة بالغة على مقربة من مُحيط القيادة العامة للقوات المسلحة، وقال في حديثه لـدارفور24 إنّه رغم الحُشود الضخمة أطلق افراد يرتدون زيّ الجيش الأعيرة النارية صوبها ما تسبب في اصابات عديدة وهو من ضمنها، حيثُ تعرض للإصابة في أسفل قدمه اليُمنى وتماثل للشفاء بعد 5 أشهر وصفها بالعصيبة.

 

يرى “دمام” أن الـ25 من أكتوبر مثلّ فاتحة لسلسلة الانتهاكات المستمرة حتى ـ الأحد ـ الماضي ، راح ضحيتها 118 شاب/ة والآلاف من المصابين والمئات من المفقودين.

 

ووفقاً لتقرير “الطرف الحقيقي” الذي وثق الانتهاكات بحق المحتجين السلميين منذ 25 اكتوبر 2021م وحتى 2022م أعدته منظمة حاضرين ـ أطلعت عليه دارفور24 فإن 7 ألاف تعرضوا للإصابة متفاوتة بينهم 400 طفل، و(1،074) اصابة بليغة منها (187) طفل، (116) شهيد (19) منهم أطفال، يخضع (400) منها للعلاج داخل أو خارج السودان.

 

وأشار التقرير إلى إصابة (9) محتجين بينهم (4) أطفال بالشلل ، بينما أُجريت (19) عملية استئصال لإحدى العينين ، وفقدان (7) أخرين للإبصار، وبتر جزئي لـ(14) ،(3) منهم اطفال، اضافة لبتر اعضاء حيوية كـالكلى والطحال لـ(7).

وحوى التقرير الذي وثق لكُلفة الإنقلاب- كما اطلق عليها- ايضاً على تعرض (180) متظاهر للاصابة في الرأس أو العنق، و( 231) أصابة في الرجل أو الحوض، و(202) أصابة في الذراع، و(39) أصابة في الظهر، و(95) أصابة في الفك والأسنان، و(98) اصابة في العين و(90) أصابة في الصدر.

 

وأضاف أن جملة الإصابات بالطلق الناري أو الخرطوش أو الطلق المطاطي بلغت (1،363)، و(3،119) اصابة بعبوة الغاز المسيل للدموع، (258) قنبلة صوتية، و(68) اصابة جراء الضرب الوحشي، (65) اصابة بالدهس بواسطة مركبات القوات الأمنية، و(50) حالة عنف جنسي، (3) منهن فقط دونوا بلاغات لدى الأقسام الشرطية.

 

وتقول القيادية بقوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي- عبلة كرار إن استخدام الانقلاب القوة المفرطة في مواجهة المناهضين له ما تسبب في سقوط شُهداء حتى مساء أمس وعدد ضخم من المصابين والمفقودين يُشير بوضوح إلى أنه لا يملك سوى منطق القوة والبطش.

وأضافت “كرار” في حديثها لـدارفور24 إنّ أنقلاب 25 اكتوبر وُلد ضعيفاً وفشل في تنفيذ كافة التعهدات التي صرح بِها قائده “البرهان” وأبرزها تشكيل الحكومة، كما أنه يضم داخله العديد من المتناقضات كـقوات الدعم السريع، والحركات المسلحة، والأحزاب المصنوعة، جميعهم اتفقوا على إزاحة قوى الحرية والتغيير من المشهد، لكن لم تكن لديهم رؤية واضحة لإدارة البلاد، ونتج عن ذلك وضع اقتصادي وأمني مزري للغاية.

 

وشهد عام الانقلاب هذا ردة ونكوص في مسيرة ثورة ديسمبر حيث تمكن الكثير من عناصر النظام البائد من العودة للمؤسسات الحكومية والعدلية. وتقول كرار: تفاجئ الإنقلابيون بالرفض العارم من قبل السودانيين، والذي استمر طوال العام رغم القمع المفرط وسوف يستمر حتى اسقاطه الذي لم يتبق عليه وقت طويل.

 

وعزت “كرار” استمرار الانقلاب لعام كامل رغم ضعفه- حد تعبيرها- لفشل قوى الثورة المكونة من لجان المقاومة والمجتمع المدني وتحالف قوى الحرية والتغيير في تحقيق الوحدة، والأن كلا منهم يغرد في سربه.

 

وشددت على أنه مالم يحدث توافق بين هذه المكونات يقودها إلى وضع اعلان سياسي موحد فإن مهمة انهاء الانقلاب تبدو مستحيلة.

ومضى المتحدث باسم لجان مقاومة أمبدة سابقا محمد طاهر في ذات الإتجاد وقال إن عدم وحدة قوى الثورة وفشلها في التوصل لرؤية موحدة لاسقاط الانقلاب وادارة الدولة فيما بعد، يعد واحداً من اسباب استمراره عاما كاملاً ، هذا اضافة إلى التهاون بِه ووصفه ضعيفًا رغم الدعم الكبير الذي يتلاقاه من محاور عدة.

 

وشدد “طاهر” في حديثه لـدارفور24 تقديم التنازلات من قبل قوى الحرية والتغيير التي تقود مساعي للتسوية والتوصل للاتفاق مع العسكريين، ولجان المقاومة التي ترفع شعار لا تفاوض لا شراكة، بغية الوصول لمنطقة وسطى، مهم للغاية خلال المرحلة القادمة.

 

وأبدى تفائله بالمواكب المعلنة للخروج في الـ25 من اكتوبر وقال إنها ستكون مواكب قوية وقادرة على ايصال رسالة للإنقلابيين والداعمين لهم بأن المقاومة السلمية مستمرة حتى سقوطهم.

 

ويقر عضو الحرية والتغيير- التوافق الوطني- محمد السماني وهو أحد المكونات التي دعمت انقلاب الـ25 من أكتوبر، ونظمت ما عُرف باعتصام القصر- إن المطالب التي رفعوها في الاعتصام لم يتحقق منها شيئاً بسبب حالة عدم التوافق السياسي التي تعيشها البلاد منذ اجراءات البرهان التي اعلن عنها في 25 اكتوبر.

 

وقال السماني في حديثه لـدارفور24 إن ماحدث في 25 اكتوبر مرده الأزمة السياسية التي بلغت ذروتها وكان يجب اتخاذ قرارات صارمة للمحافظة على سيادة البلاد واستقرارها إلا أن التشظي السياسي الحالي حال دون ذلك، مشددا على أن المخرج من الأزمة الحالية يكمن في عملية توافقية كاملة دون اقصاء عدة المؤتمر الوطني.