*اليونسيف: “يموت طفل واحد على الأقل كل 45 ثانية يومياً بسبب الالتهاب الرئوي”

 

يموت طفل واحد على الأقل كل 45 ثانية يومياً بسبب الالتهاب الرئوي. ويمكن منع جميع هذه الوفيات تقريباً

ليس ثمة عذر ألا يتمكن آلاف الأطفال من الحصول على الخدمات والعلاجات الصحية الأساسية، التي يمكن أن تمنع الالتهاب الرئوي وتنقذ الأرواح.

 

يربط العديد من الناس بين الالتهاب الرئوي وتقدم العمر، ولكن في الواقع يعد الالتهاب الرئوي المسؤول الأول عن وفيات الأطفال على مستوى العالم. فهذا الوباء يحصد في كل عام حياة 700 ألف طفل لم يبلغوا الخامسة من عمرهم بعد. ويشمل هذا الرقم 153 ألفاً من حديثي الولادة حيث يكونون أكثر عرضة للالتهاب الرئوي من غيرهم من الفئات العمرية.

 

ما هي أسباب الالتهاب الرئوي؟

الالتهاب الرئوي هو التهاب تنفسي حاد يصيب الرئتين. وتتعدد مسببات هذا المرض لتشمل البكتيريا والفيروسات والفطريات الهوائية. حال إصابة الطفل بهذا الداء فإن رئتيه تمتلآن بالسوائل فيصعب عليه التنفس. والأطفال الأكثر عرضة للالتهاب الرئوي هم حديثو الولادة الذين لم تكتمل مناعتهم، والذين ضعفت مناعتهم مثلاً بسبب سوء التغذية أو مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز).

ماهي أعراض الالتهاب الرئوي؟ 

الالتهاب الرئوي داء يصيب الرئتين، وأشيع أعراضه هي السعال وصعوبة التنفس والحمى. وعادة ما يعاني الأطفال المصابون بهذا الداء من سرعة التنفس أو أن القسم الأسفل من صدرهم قد يتقلص فينسحب إلى الداخل (أما لدى الأصحاء فإن الصدر يتوسع عند الشهيق).

هل الإلتهاب الرئوي معدي؟

الالتهاب الرئوي داء معد، وقد ينتشر من خلال الجزيئات المحمولة في الهواء (كما هو الحال عند السعال أو العطاس). كما قد ينتشر من خلال السوائل كالدم عند الولادة أو من خلال الأسطح الملوثة.

كيف يمكننا تشخيص الالتهاب الرئوي عند الأطفال؟

يمكن للعاملين في المجال الصحي تشخيص المرض من خلال الفحص الجسدي وذلك بمراقبة أنماط التنفس غير الطبيعية لدى المصاب والإصغاء لرئتي الطفل. كما يمكن استخدام الأشعة السينية (أشعة X) لتصوير الصدر، ويمكن أيضا أخذ عينة دم من جسم المريض.

أما لدى الدول التي لا تتمتع بنظام صحي فعال (كأن يكون هناك نقص في عدد الأطباء أو صعوبة في الحصول على صور بالأشعة السينية للصدر وندرة في المخابر)، يلجأ العاملون عند تشخيص الالتهاب الرئوي إلى إحصاء عدد الأنفاس التي يأخذها الطفل في الدقيقة. على سبيل المثال، فإن طفلا بعمر خمسة أشهر ويأخذ خمسين نفساً في الدقيقة يعتبر مصاباً بسرعة التنفس وبالتالي قد يكون مصاباً بالالتهاب الرئوي. إن تشخيص سرعة التنفس لدى الطفل يعتمد على عمره: فالأطفال الأصغر سناً عادة ما يكون معدل تنفسهم أعلى عمن يكبرونهم في العمر.

ما هو علاج الالتهاب الرئوي؟

يعتمد علاج الالتهاب الرئوي على نوعه. ففي الدول النامية يغلب نوع الالتهاب الرئوي الذي تسببه البكتيريا، ويمكن علاجه بمضادات حيوية رخيصة الثمن. إلا أن ثلث الأطفال الذين يعانون من الالتهاب الرئوي لا يتمكنون من الحصول على المضاد الحيوي بسبب افتقارهم لنظام صحي فعال. هناك أسباب أخرى مسببة للالتهاب الرئوي كالفيروسات أو المتفطّرات (كتلك المسببة لداء السل). وداء السل بالذات عادة ما يبقى دون تشخيص.

ما الدور الذي يمكن أن يؤديه الأكسجين في علاج الالتهاب الرئوي؟ 

الأكسجين هو علاج أساسي ومنقذ لأرواح الأطفال والمواليد الجدد الذين يعانون من الالتهاب الرئوي الحاد. وذلك لأن الالتهاب في رئاتهم يمنع دخول ما يكفي من الأكسجين في مجرى الدم.

“يُقدر أنه يتم إدخال نحو 7 ملايين طفل دون سن الخامسة في المستشفيات سنوياً في البلدان المنخفضة والبلدان المتوسطة الدخل بسبب إصابتهم بالالتهاب الرئوي، مما يتطلب علاجاً عاجلاً بالأكسجين للبقاء على قيد الحياة”.

وقد ظل الحصول على الأكسجين، ولمدة طويلة، غير متاح للذين يحتاجون إليه. وفي العديد من البلدان التي تفتقر إلى نظم صحية قوية، لا يتوفر الأكسجين إلا في المرافق الصحية والمستشفيات ذات المستوى الأعلى. وقد أدى الضغط على أنظمة توفير الأكسجين والناجم عن جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم الفجوات القائمة.

هل يمكن الوقاية من الالتهاب الرئوي؟ 

بدايةً، يمكن الوقاية من الالتهاب الرئوي من خلال الإجراءات الوقائية، مثل التغذية السليمة، وتقليص عوامل الخطورة كتلوث الهواء (الذي يجعل الرئتين أكثر عرضة للعدوى) واعتماد ممارسات نظافة فعالة. فقد أظهرت الدراسات أن غسل اليدين جيداً بالصابون يقلص احتمال الإصابة بالالتهاب الرئوي إلى النصف بسبب انخفاض نسبة التعرض إلى البكتيريا.

أظهرت الدراسات أن غسل اليدين جيداً بالصابون يقلص احتمال الإصابة بالالتهاب الرئوي إلى النصف

هل هناك لقاح الالتهاب الرئوي؟

إن الالتهاب الرئوي الذي تسببه البكتيريا يمكن تجنبها بسهولة من خلال اللقاح. ومع ذلك، فإن أكثر من 50 بالمئة من الأطفال في جميع أنحاء العالم ليسوا محميين حماية كاملة باللقاح الأساسي للوقاية من الالتهاب الرئوي — لقاح المكورات الرئوية (PCV). ويجري حاليا تطوير لقاح جديد لأحد المسببات الفيروسية الرئيسية للالتهاب الرئوي.

ماهي الأماكن التي يتركز فيها العدد الأكبر من الأطفال الذين يفقدون حياتهم بالالتهاب الرئوي؟

يتركز العدد الأكبر من الأطفال الذين يفقدون حياتهم بالالتهاب الرئوي في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى وآسيا، بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا والهند ونيجيريا والباكستان. أكثر من نصف عدد الأطفال الذين يموتون بالالتهاب الرئوي ولا يتجاوز عمرهم الخمس سنوات هم من هذه الدول الخمس آنفة الذكر.

يتركز العدد الأكبر من الأطفال الذين يفقدون حياتهم بالالتهاب الرئوي في دول العالم الأشد فقراً. فهم عادة ما يعانون من نقص الخدمات الصحية المقدمة أو حتى انعدامها، وبالتالي فهم عرضة لتهديدات صحية أخرى منها سوء التغذية والأمراض المعدية وتلوث الهواء. يعيش هؤلاء الأطفال عادة في سياقات هشّة أو في حالات كوارث إنسانيّة تزداد فيها عوامل الخطر وتنهار النظم الصحية.

كيف للهواء الملوث أن يكون عاملاً في انتشار الالتهاب الرئوي؟

يمكن للهواء الملوث أن يكون عاملاً مؤثراً في زيادة احتمال الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي، ومنها الالتهاب الرئوي. يُعزى ما يقرب من ثلث وفيات الالتهاب الرئوي إلى تلوث الهواء.

“أزمة المناخ هي أزمة لحقوق الطفل وتشكل تهديدا خطيرا لصحة الأطفال وعافيتهم”.

فتلوث الهواء الخارجي يعد خطراً على الأطفال وخاصة في ظل التوسّع الحضري المتزايد في الدول ذات العبء الأكبر للالتهاب الرئوي. أما تلوث الهواء الداخلي — بسبب الوقود غير النظيف المستخدم للطهي والتدفئة — فيشكل خطراً أكبر على المستوى العالمي. فالهواء الملوث داخل الأبنية يساهم بما نسبته 62 بالمئة من وفيات الأطفال بالالتهاب الرئوي من تلوّث الهواء.

ما حجم العامل الذي يشكله الهزال في الوفيات المرتبطة بالالتهاب الرئوي؟  

إن الهزال هو عامل الخطر الرئيسي للوفيات الناجمة عن الالتهاب الرئوي بين الأطفال. وهو الشكل الأكثر وضوحاً وتهديداً للحياة من أشكال سوء التغذية. فعندما يكون الطفل نحيفاً جداً وتكون أجهزته المناعية ضعيفة، يكون أكثر عرضة للإصابة بأمراض مثل الالتهاب الرئوي. ويميل الهزال إلى الحدوث في وقت مبكر جداً من الحياة ويؤثر تأثيراً غير متناسب على الأطفال دون سن سنتين. من الضروري أن نستثمر في خدمات التغذية لمنع وفيات الأطفال الناجمة عن الالتهاب الرئوي.

ما الذي يمكن فعله لإيقاف الالتهاب الرئوي؟

يلزم اتخاذ إجراءات سريعة لضمان عدم وفاة أي طفل بسبب الالتهاب الرئوي وغيره من الأمراض التي يمكن الوقاية منها أو علاجها.

وتتطلب تلك الاستجابة الحد من عوامل الخطر، وحماية الجهاز المناعي للطفل، وضمان الحصول على رعاية صحية جيدة ومجانية في المرافق الصحية، مع وجود عاملين صحيين مدربين تدريباً جيداً ومجهزين تجهيزا جيدا لخدمة جميع الأطفال.

يمكن منع الالتهاب الرئوي إذا ما تمكن الأطفال حديثو الولادة والأطفال الصغار من الحصول على رضاعة طبيعية مبكرة واللقاحات المطلوبة والحصول على الماء النظيف والتغذية الجيدة وأقل تعرض ممكن للهواء الملوث.

من الضروري أن نعزز التحصين الروتيني وأن نوليه الأولوية، وأن نوسع نطاق الحصول على لقاح المكورات الرئوية لضمان حماية كل طفل من الالتهاب الرئوي.

ويجب اتخاذ خطوات لتحسين الحصول على الأكسجين الأساسي واستخدامه، حتى لا يُترك أي طفل يكافح من أجل التنفس

ومن الأهمية بمكان أيضا أن نعالج الهزال من خلال الاستثمار في الوقاية من سوء التغذية الحاد الوخيم وعلاجه. وسيساعد ذلك على التعجيل بخفض وفيات الأطفال الناجمة عن الالتهاب الرئوي.

يتطلب علاج الالتهاب الرئوي أن يكون العمال الصحيون على تواصل دائم مع عائلات المرضى، وأن يحظى هؤلاء العمال بالتدريب اللازم والأدوية وأدوات التشخيص المناسبة.

الوقاية والعلاج كلاهما يتطلبان رعاية صحية أساسية متينة بالإضافة إلى مجتمعات محلية فاعلة وممكّنة. ولكن عالمياً يتمكن فقط 68 بالمئة من الأطفال الذين يعانون من أعراض الالتهاب الرئوي من الذهاب إلى المراكز الصحية.

يموت طفل واحد على الأقل كل 45 ثانية يومياً بسبب الالتهاب الرئوي. ولا بد من تدابير عاجلة لإيقاف هذه الوفيات التي يمكن تجنبها. يمكن للعاملين الصحيين المدربين والمجهزين أن يعززوا كلاً من الوقاية والعلاج من الالتهاب الرئوي، وبالتالي أن يغيروا سير المرض ويساعدوا كل طفل على أن يبقى على قيد الحياة.

*مشاركة المقال من يونيسف السودان.