تقرير- دارفور24
لم يتوقع الكثيرون ان تنحرف الأحوال الأمنية بمدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور الى هذا المنحى الخطير الذي ادى الى انهيار تام لمؤسسات الدولة التنفيذية والامنية بهذه السرعة.

 

بعد اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم في 15 ابريل الماضي، حاولت الأطراف في غرب دارفور ان تنأى بالولاية من هذه المواجهات المسلحة، خاصة ان الولاية ذات هشاشة أمنية واجتماعية.

 

لكن بدون مقدمات اندلعت الاشتباكات بسبب وصول قوة من قيادة الجيش الى منطقة الجمارك حيث مقر قوات الدعم السريع دون تنسيق مسبق بين الجانبين ما أدى الى إشتباكات عنيفة بينهما امتدت لاكثر من ثلاث ساعات خلفت قتلى من الطرفين بينهم ضباط واصابة اخرين بجروح.

 

بالتزامن مع هذه الأحداث نشبت إشتباكات في أحياء الجبل جنوب مدينة الجنينة التي تقطنها مواطنون من “المساليت والقبائل العربية” والتي تشهد العلاقة بينهما عداوة صارخة منذ نهاية العام 2019م، فشلت معها كل المحاولات التي قادها نائب رئيس مجلس السيادة وقائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو واخرين من اجل وضع حد لهذه العداوة والتوقيع على وثيقة صلح.

 

إشتباكات الجيش والدعم السريع لم تمض كثيرا، لكن في الجانب الآخر تواصلت الاشتباكات في احياء الجبل وتحولت الاشتباكات الى قتال ذا طابع قبلي بإمتياز.

 

ومع نهاية يومها الاول للصراع حدثت تطورات أمنية زادت من اشتعال نيران الصراع بين الاطراف المتقاتلة حيث تناقلت الانباء عن سيطرة مواطنين على مخازن السلاح في رئاسة شرطة الولاية وجهاز المخابرات الوطني وقسم شرطة المدينة.

 

وبحسب معلومات تحصلت عليها دارفور24 فان تلك المخازن تحوي بداخلها اكثر من 6000 قطعة سلاح بكافة انواعها بينها مدافع متطورة ودوشكات وقرنوفات، كما استولى المواطنون على أكثر من ثماني مركبات عسكرية تخص الشرطة بينها مدرعات.

 

وتضاربت الأنباء حول الطريقة والكيفية التي تمكن بها المواطنون من السيطرة على مخازن السلاح، فبينما تقول احدى الروايات ان افراد الشرطة والتي ينتمي اغلب عناصرها الى قبيلة المساليت- احد طرفي القتال- انسحبوا من رئاسة الشرطة بعد اشتداد وتيرة القتال تاركين الباب المخزن موارباً، وتمت السيطرة على موقع الشرطة من قبل المواطنين وعاثوا فيه تخريباً وتلاعبوا بالاسلحة حيث قاموا بتسليح الاطفال والنساء، لكن هنالك رواية اخرى تشير الى مقتل احد حراس المخزن ولم يتسن لمراسل دارفور24 تأكيد احدى الروايتين من مصدر رسمي.

 

اما بالجانب الاخر واثناء القتال مابين الجيش والدعم السريع استغل مسلحون يعتقد انتماءهم للقبائل العربية- احد طرفي القتال- تمكنوا من التسلل الى مخازن القوات المشتركة السودانية التشادية وسيطروا على كميات من السلاح.

 

في ظل هذه الاحوال خاض الطرفان “القبائل العربية والمساليت- قتالاً يوم الثلاثاء امتد لأكثر من سبع ساعات في الاحياء الجنوبية لمدينة الجنينة استخدمت فيه كافة انواع الاسلحة وسط غياب تام للأجهزة الأمنية بعد سيطرة المواطنين على مقراتها وانسحاب بعض افرادها الى ذويهم او معارفهم بينما انضم اخرون الى احد طرفي القتال اصبحت الشرطة في ولاية غرب دارفور لا وجود لها في الارض، بينما اصبحت دار جهاز المخابرات التي كانت عصية على المواطنين مسرحاً للاطفال بعد ان سيطر عليها كبارهم واستولوا على جميع الاسلحة التي كانت بداخلها، لكن بالمقابل استعصم قادة الجيش داخل قيادة الفرقة 15مشاه في منطقة “اردمتا” محاطين بالخنادق، فيما التزمت قوات الدعم السريع في مقرها بالجمارك وكأن امر اقتتال المواطنين بعضهما البعض لا يعنيهما، لكن حتى الآن لا توجد أي احصائيات للضحايا من الاطراف المتقاتلة وبقية سكان المدينة.

 

في خضم هذه الفوضى الامنية استغل المسلحون غياب المؤسسات الرسمية وقاموا بنهب كافة المؤسسات الحكومية ومقرات المنظمات الأممية والاسواق والمنازل واصبح طرفي القتال القبلي يمتلكون عشرات السيارات ان لم تكن المئات بجانب الاسلحة التي استولوا عليها.

 

في غضون ذلك تحصن والي غرب دارفور خميس عبدالله داخل منزله بحي الجبل محاطا بجنوده وينظر من شرفته ليري جثث مواطنيها مرمية في الشوارع والمصابين لم يتم اسعافهم لعدم وجود مستشفيات.