دارفور٢٤:وكالات

عُقدت بمقر الأمم المتحدة في جنيف هذا الشهر، قمة النشطاء الشباب في مجال المناخ. كان منهم الناشطة السودانية نسرين الصائم، التي شهدت بنفسها كيف يؤدي تغير المناخ إلى الجوع والنزوح، مما “يخلق الظروف المثالية للصراع”.

تحدثت نسرين الصائم مع أخبار الأمم المتحدة عن دعوتها لزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة باعتبار ذلك استراتيجية للاستدامة والسلام، في وقت تتزايد فيه المنافسة على الموارد الطبيعية. كما سلطت الضوء على الدور الرئيسي للشباب في التكيف مع تغير المناخ والتأهب له.

وتطرقت الصائم إلى التحديات الكبرى التي واجهتها في مسيرتها في مجال الدفاع عن البيئة. وقالت إن تلك التحديات لم تكن متعلقة بكونها امرأة وشابة، بل ارتبطت أكثر بالوصول إلى الموارد والنظام السياسي في السودان.

وقالت: “واجهنا العديد من التحديات منها الحد من الحريات في التنقل والتجمع السلمي والعديد من انتهاكات حقوق الإنسان، وأيضا كانت هناك تحديات فيما يخص السفر والتنقل”.

نسرين الصائم هي الرئيسة السابقة لمجموعة الشباب الاستشارية الخاصة التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة حول تغير المناخ.

عند سؤالها حول أهمية الحديث عن تغير المناخ في وقت ينشغل فيه العالم بالصراعات والحروب أجابت قائلة: “الطبيعة أقوى من أي سلاح. ظللنا مدة طويلة نسيء استخدام الطبيعة ونسيء إليها بالرغم من أنها أعطتنا الكثير والكثير. عندما تقرر الطبيعة الانتقام لن يستطيع أي سلاح أو أي قوة بشرية الوقوف في وجهها. وكل ما نعيشه الآن من صراعات وحروب سيبدو وكأنه بعوضة مقارنة بالمصائب والكوارث التي يمكن أن تصيبنا من تغير المناخ الذي لا يتوقف بسبب الحروب”.

وبرأيها يجب على البشر تعلم درس قيّم، لم يستفيدوا منه حتى الآن، من جائحة كورونا التي انتشرت بسرعة فائقة. فهذه الجائحة، كما تقول الصائم، لم تحترم أي حدود أو قانون وأدت إلى خسائر كثيرة. وحذرت من أن البشر سيخسرون أكثر إذا لم يتعاملوا بصورة أفضل مع الطبيعة.

وشددت الناشطة السودانية على أن الكفاح في مجال العمل المناخي يضمن مستقبل الأجيال القادمة ويساعد الدول الأقل نموا، وهي الأكثر تضررا من تغير المناخ.

وقالت إن العمل المناخي يساعد أيضا على خلق فرص عمل للشباب الذين خسروا وظائفهم بسبب الكوارث الطبيعية. والأهم أن هذا الكفاح يحافظ على وجود البشرية “لأنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، لن نستطيع العيش في كوكب الأرض وليس لدينا كوكب بديل”.

حلول التصدي للتغير المناخي

أما فيما يخص الخطوات الأكثر إلحاحا للحد من تغير المناخ، فتقول نسرين إن الخطوة الأولى هي التقليل من الانبعاثات بصورة حقيقية. وتصيف أن محاولات التكيف لتخفيف آثار تغير المناخ لها حد معين “وعندما نصل الى حد الانهيار لا مجال للتكيف بعد ذلك، كما أن أي محاولة لإيجاد التمويل للخسائر والاضرار ليست سوى مجرد حل وقتي” حسب رأيها.

وانتقالا للتحديات الأساسية التي تواجه أفريقيا والسودان على وجه الخصوص في مكافحة تغير المناخ فبالنسبة لها في ظل النزاعات والحروب لا يمكن تطوير أي برنامج تنموي في حالة انعدام الأمن والسلام.

الحرب في السودان وتداعياتها

شاركت نسرين معنا تفاصيل معايشتها للحرب في السودان وكيف أنها اضطرت لمغادرة بلدها مع طفلها ودون زوجها بعد شهر ونصف من المعاناة. شرحت الصائم كيف أن التحديات التي تواجه السودان تحديدا تتعلق بالقيادة.

وأضافت أن “السودان دولة عظيمة لديها الكثير من الإمكانيات ويمكن أن يكون في مصاف الدول العظمى إذا استثمرت الموارد بصورة جيدة. نحن لا نتمنى فقط، بل نعمل لبناء السلام في السودان وتخفيف آثار الحرب على المواطنين”.

وقالت الصائم إنه للأسف حاليا “يتم استهداف النساء في السودان مباشرة فهن ضحية الاغتصاب، الترهيب والزواج القسري وغير ذلك من انتهاكات”. وشددت على أن ذلك انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ولحقوق المرأة على وجه الخصوص.

“الشباب العربي ليس المستقبل بل هو الحاضر”

فيما يخص الشباب تعتبر نسرين أنه لا يجب أن تقع مسؤولية بناء السلام ودعم العمل المناخي على أكتاف الشباب فقط، ولكن للأسف هذا ما يحدث. وقالت إن مهمة الشباب الأساسية هي تنمية الدول لا وقف الحروب.

وأضافت “الواقع الذي فرض علينا كشباب هو أن نخفف آلام الشعوب ومعاناتها. نحاول أن نعمل في الإغاثة الإنسانية، في التعليم البديل للذين خسروا المدارس بسبب الحروب، في محاولة إيصال الطاقة المتجددة للمناطق المتأثرة، المستشفيات، المدارس، الحديث عن السلام نفسه وزيادة الوعي لدى المجتمعات حتى نقلل من حدة الاحتكاكات والتقليل من احتمالية وقوع الحروب في المستقبل”.

برأي الصائم أيضا فإن أمام الشباب مهمة كبيرة وصعبة، ولكنها تتمتع بثقة كاملة في قدراتهم وطاقتهم ومعرفتهم فهم بحاجة فقط الى الدعم المالي والعلمي والتقني.

في الحديث الذي أجريناه مع نسرين كان لابد من التطرق لموضوع الشباب العربي اليوم وخاصة ما يواجهه من تحديات وحروب وصراعات، وأزمات إنسانية وكوارث طبيعية.

ومن هنا وجهت رسالة للشباب العربي قائلة: “الشباب العربي ليس المستقبل بل هو الحاضر. يجب أن نمسك بزمام الأمور ونضع بلداننا في الأماكن التي تستحقها. يجب أن نكون نحن على دفة القيادة ونتحكم في حاضرنا ومستقبلنا. نستطيع فعل الكثير. لدينا إمكانيات وقدرات هائلة فلنستثمرها بأفضل طريقة ممكنة ونتحد معا لأن في اتحادنا  قوة.”