تقرير: دارفور24

ارتفعت الأصوات المطالبة بإعلان المجاعة في ولاية غرب دارفور، بعد بروز كل مؤشراتها في المنطقة التي ظلت تعاني لخمس سنوات تداعيات الصراعات المسلحة.

ويخيم شبح المجاعة على ولاية غرب دارفور في وقت يرفض فيه الجيش السوداني دخول المساعدات الإنسانية للإقليم عبر الحدود الغربية، وسط تنديد محلي ودولي بالخطوة.

يأكلون أوراق الشجر

يفترش أكثر من 3600 أسرة من العائدين من مخيمات اللجوء والنزوح بمحلية سربا 80 كلم شمال مدينة الجنينة، الأرض ويلتحفون السماء ولا يجدون ما يسد رمق جوعهم، بعد أن عادوا إلى قراهم يحدوهم الأمل في حياة كريمة خصوصًا بعد استتباب الأمن في المنطقة.

وصف الفرشة مؤمن داؤود، رئيس الادارة الأهلية بمحلية سربا، في تصريحات لـ”دارفور24″ الوضع الإنسانى في المنطقة بالمزري، مؤكدًا أن السكان باتوا يأكلون صفق الأشجار لانعدام الغذاء، متسائلًا “هل يعقل أن في العام 2024م إنسانًا يأكل أوراق الأشجار من الجوع، بينما الإغاثة على مرمى حجر منه داخل الأراضي التشادية، بسبب منع السلطات الحكومية في بورتسودان دخولها لدارفور”.

واعتبر منع دخو المساعدات في ظل ما يعانيه المواطنين في دارفور بأنه “جريمة في حق الإنسانية وتصرف غير أخلاقي وعقاب جماعي ظالم تتحمل مسؤوليته الحكومة الاتحادية”.

بيوت النمل

وتراكمت افرازات الحرب على مواطني ولاية غرب دارفور، التي لم تتعاف من حرب قبلية انطلقت شرارتها في ديسمبر 2019م وخلفت واقعًا انسانيًا معقدًا، تفاقمت بنشوب الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وما صاحبها من قتل وتشريد وتجويع.

يقول الدكتور جمال بدوي، فرشة فروشية قبيلة المساليت بمدينة الجنينة، إن المواطنين بعد حرب 15 ابريل عانوا الأمرين “مأساة الحرب، وانعدام الأمن الغذائي بعد النزوح واللجوء”.

وأضاف أنه “نسبة للحرب في العام الماضي لم يتمكن المزارعين من الزراعة في موسم الخريف لذلك أصبحوا يعانون من نقص حاد في المواد الغذائية، وإذا لم يتم التدخل العاجل في هذه الولاية من المنظمات وفتح ممر آمن لوصول المواد الإغاثية فإن المجاعة ستحل قريبًا”.

وقال في حسرة بائنة “بعض المواطنين يحفرون بيوت النمل حتى يجدوا ما يقتاتونه”.

من جانبه قال الفرشة أحمد عزة، رئيس الادارة الأهلية بمحلية كرينك إن مواطني محليته يعيشون في مجاعة وأصبحوا يأكلون “الأمباز” وهو مخلفات زيوت الفول السوداني والسمسم، تستخدم كأعلاف للحيوانات.

وأشار الى أن محلية كرينك لم تصلها اي من المعونات والمساعدات التي وصلت عبر بورتسودان.

وكانت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة -الفاو- حذرت من أن شبح المجاعة يهدد حياة الملايين في السودان، قائلة إن أعداد الذين يواجهون جوعًا حادًا في السودان تضاعفت تقريبًا منذ العام الماضي، حيث بلغت الأعداد هذا العام عقب الحرب 20.3 مليون شخص.

وصف أحدث تقرير بشأن التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي” الوضع في السودان بأنه “حرج”

وتشير توقعات الفاو إلى أن 42 % من السكان يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، والتي تفاقمت بسبب الاضطرابات في السوق بسبب الانهيار الاقتصادي المتزامن مع الحرب، والارتفاع الهائل في أسعار المواد  الغذائية.

وقوبل قرار السلطات السودانية بمنع دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود مع دولة تشاد برفض واسع من مؤسسات دولية ومجتمعات محلية لاسيما وان الوضع في ولايات دارفور اجمع ينذر بالخطر اذا توقفت المنظمات عن تقديم الاغاثة للمحتاجين.

وسارعت حكومة ولاية غرب دارفور وفي إطار اجراءاتها الاحترازية للمحافظة على الحبوب الغذائية بإصدار قرارا قضى بمنع خروج سلعة الدخن الى خارج حدود الولاية بعد حدوث مؤشرات تؤكد وجود ندرة في الدخن الذي يعتبر الغذاء الرئيسي في المنطقة.

وقال والي غرب دارفور المكلف تجاني الطاهر كرشوم، إن القرار يأتي من أجل المحافظة على إستقرار السلع والحبوب الغذائية ومحاربة الغلاء والظروف الإنسانية.

وفاة أطفال بسوء التغذية

وأقر مفوض العون الإنساني أبوالقاسم أحمد علي، في تصريحات لـ”دارفور24″ بتدهور الأوضاع المعيشية والصحية في مناطق كثيرة بالولاية.

وقال إن هنالك 22 طفلًا بمنطقة مورني 83 كلم جنوب الجنينة، لقوا مصرعهم جراء سوء التغذية، موضحًا أن الوضع الإنساني أصبح مذريًا وأن المساعدات الإنسانية التي قدمتها المنظمات في الفترة الماضية تكاد لا تتجاوز نسبة 15% من الحوجة الكلية، مؤكدًا أن بعض المحليات لم تصلها أي مساعدات إنسانية.

وتوقع ارتفاع معدلات الاصابة بسوء التغذية في المحليات، مشيرًا إلى وجود أعداد كبيرة من الأطفال في مستشفى الجنينة مصابين بسوء التغذية، لافتًا إلى أن مظاهر الجوع بدأت  تظهر على المواطنين مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية.