الفاشر: دارفور24

فتح مقتل الصحفي خالد بلل، بمدينة الفاشر في إقليم دارفور غرب السودان، الباب نحو أزمة عميقة تعيشها المدينة جراء حالة الانقسام المجتمي كواحد من أبرز إفرازات الحرب.

ويشكوا سكان مدينة الفاشر من مضايقات متكررة يتعرضون لها بسبب اللون والعرق، بعدما قسمت عملية الفرز الاجتماعي المواطنين بين طرفي الحرب، إذا يُحسب كل من ينتمي للقبائل العربية على قوات الدعم السريع، بينما الآخرين محسوبون على الجيش.

وفي 4 مارس الجاري اقتحمت مجموعة مسلحة، منزل الصحفي خالد بلل، بحي ديم سلك وأطلقت الرصاص عليه أمام شقيقته ووالدته، فأردته قتيلًا في الحال.

وكان خالد بلل عاد توًا إلى منزله بالفاشر قادمًا من منطقة أم سيالة رام الله بمحلية الواحة شمال غرب الفاشر، بعرض نقل مقتنياته التي تركها بعد نزوحه بسبب الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المندلعة منذ 15 أبريل العام الماضي.

اعتقالات وتصفيات

يقول أحد أقرباء الصحفي القتيل، فضل حجب اسمه لـ”دارفور 24″ إن الإصطفاف القبلي بلغ ذروته في مدينة الفاشر ووصل حد التصفيات الجسدية، موضحًا أنه “لا يمكن لأبناء القبائل العربية تجاوز الأحياء الشرقية أو الدخول للأسواق بالمدينة”.

وأكد أن العشرات من أقربائه أعتقلتهم الإستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني، من جهة والحركات المسلحة من جهة أخرى، بزعم الإنتماء لقوات الدعم السريع، وأضاف: “أصبحنا نذهب إلى سوق الكومة 50 كلم شرق الفاشر أو الذهاب إلى جديد السيل نحو 15 كلم شمال الفاشر، بدلًا عن سوق المدينة القريب”.

من جهته كشف المواطن إبراهيم يحي رزق الله، عن اعتقاله وسط سوق الفاشر الكبير في مايو الماضي بسبب إنتمائه العرقي، وتطابق اسم جده مع أحد قادة قوات الدعم السريع “على رزق الله”.

وذكر أنه أمضي 6 أشهر في سجون الجيش السوداني قبل أن يطلق سراحه بعد جمع معلومات تؤكد عدم تبعيته لقوات الدعم السريع.

بدوره قال المواطن تاجر بسوق نيفاشا للنازحين طلب عدم ذكر اسمه، لـ”دارفور 24″ إن أحد أقربائه بحي التضامن شرق الفاشر، قدم إليه دعوة إفطار يوليو الماضي وقبل الوصول إلى منزل قريبه اعتقلته قوات الدعم السريع في أحد المنازل باعتباره فرد إستخبارات الجيش السوداني، وجرى تعذيبه قبل أن يطلق سراحه مقابل 2 مليون جنيه سوداني.

تقسيم وسيطرة

وأصبحت مدينة الفاشر مقسمة إلى ثلاثة مناطق كل منطقة تقع تحت سيطرة أحد الأطراف “الجيش، وقوات الدعم السريع، والحركات المسلحة”.

تقع الأحياء الشرقية وجزء من الأحياء الشمالية للمدينة، تحت سيطرة قوات الدعم السريع، بينما تقع أحياء وسط وجنوب وغرب المدينة وجزء من الأحياء الشمالية تحت سيطرة الجيش السوداني، مناصفة مع الحركات المسلحة، التي تسيطر هي الأخرى على وسط وجنوب وغرب المدينة، وسوق المواشي والسوق الكبير وسوق نيفاشا بمخيم أبوشوك للنازحين بالمدينة.

يقول مواطن آخر طلب حجب اسمه لدواع أمنية، لـ”دارفور24″ إن افرادًا من الحركات المسلحة أعتقلته أثناء قدومه من نيالا عاصمة جنوب دارفور ديسمبر الماضي، بتهمة إنتمائه لقوات الدعم السريع، واقتادته إلى مخيم زمزم للنازحين حيث مقر قيادة إحدى الحركات حيث أدخل في حاوية من الحديد كبيرة الحجم ووجد داخلها مجموعة أخرى من المعتقلين بأسباب مختلفة.

وقال إن أحد الأفراد العسكريين تعرف عليه وأطلق سراحه لاحقًا، ليعود بعدها إلى نيالا بعد أن نصحه الذي أفرج عنه بأن الجيش سيعتقله داخل الفاشر إن ذهب.

ويشكوا المدنيين في الفاشر من إنتهاكات واسعة يتعرضون لها حيث تم نصب عشرات الارتكازات والبوابات من الحركات المسلحة والدعم السريع والجيش السوداني، يتم فيها التفتيش والمساءلة والتحري وتسجيل البيانات وفحص الهواتف الشخصية.

كما تشهد مدينة الفاشر حالة من التضييق والتعتيم الإعلامي حيث لا يسمح بالتصوير أو إجراء مقابلات دون علم أجهزة الأمن.