بعد أكثر من 10 أشهر من صدور قرار رئاسة الجمهورية القاضي بجمع السلاح من المواطنين في دارفور وحصره لدى الأجهزة النظامية، لا زالت الأسلحة بانواعها المختلفة منتشرة بايدي المواطنين في ولاية جنوب دارفور، وذلك من خلال بروز المليشيات المسلحة من جديد على سطح ولاية جنوب دارفور حيث دشنت هذه المليشيات عدة هجمات على المواطنين بالولاية في الاونة الأخيرة.

وشهدت ولاية جنوب دارفور خلال مطلع يونيو الجاري عدة اعتداءات مسلحة على المواطنين  وفي مناطق مختلفة بما فيها عاصمة الولاية “نيالا” مما اودى بحياة وإصابة عشرات المواطنين، ولم تفلح القوات النظامية المشتركة التي خصصت لحملة جمع السلاح في ملاحقة الجناة وتوقيفهم حتى اللحظة.

وقال الناشط في تنظيمات المجتمع المدني بالولاية، أحمد هرون صالح، لـ (دارفور 24) إن التراخي الكبير للأجهزة الأمنية في مواصلة حملة جمع السلاح ادى الى ظهور المسلحين القبلين من جديد  بشكل أخطر، مشيراً إلى أن أكثر من اعتداء اسبوعيا تحدث على المواطنين بالولاية بينما تقف السلطات مكتوفة الأيدي.

وأوضح صالح أن مظاهر حمل السلاح ما زالت موجودة حتى داخل عاصمة الولاية، مبيناً ان حملة جمع السلاح بشكلها الحقيقي لم تطبق إلا في جزئية بسيطة وان المليشيات القبلية الموالية للحكومة ما زالت تحتفظ بسلاحها جهرا في مخالفة واضحة لقانون الطواري المفروض بالاقليم.

وجاء قرار رئاسة الجمهورية بشأن جمع السلاح في أعقاب انتشاره بصورة واسعة بوسط القبائل والمواطنين مما ساعد في حدة النزاعات القبلية وفظاعة نتائجها الكارثية على المواطنين في اقليم دارفور.

وكانت أحد اهم التوصيات التي تضمنتها مقررات المصالحات القبلية بدارفور هي ضرورة جمع السلاح من القبائل وحصره في ايدي القوات النظامية المسلحة.

وكانت خطة تنفيذ القرار بان يتم جمع السلاح على مرحلتين الأولى مرحلة الجمع الطوعي، والثانية مرحلة الجمع القسري التي تترتب عليه عقوبات قاسية لمن يضبط بحوزته سلاح وفقا للقانون الطواري المفروض بالاقليم منذ العام 2014.

ورغم التهديد والوعيد من قبل الحكومة إلا ان استجابة القبائل للقرار كانت ضعيفة بسبب استمرار النزاعات الدموية فيما بين القبائل رغم إدعاءات الحكومة بنجاح الحملة.

وبحسب تقرير رسمي فإن الأسلحة التي تم جمعها بالولاية تجاوز العدد 10 ألف قطعة سلاح تشمل الأسلحة الكبيرة والصغيرة في مرحلة الجمع الطوعي غير أن لجنة أمن الولاية نفذت عمليات محدودة  للجمع القسري في  محليتي “تلس وبرام”.

ونفذت السلطات حملة الجمع القسري في المحليتان التان تقعان بجنوب مدينة نيالا في أعقاب تجدد الصراعات القبلية بين قبائل “الفلاتة والسلامات والهبانية” حيث استولت الأجهزة الأمنية على مخازن للأسلحة تابعة للقبائل كانت مخبئة في صهاريج المياه بمنطقة “النضيف”.

وبحسب التقارير الأممية فان كمية الأسلحة المنتشرة في ايدي القبائل ومليشياتها المسلحة تجاوزت الرقم 700 ألف قطعة  تم توزيعها عبر الحكومة للقبائل خاصة في جنوب دارفور لقتال الحركات المتمردة في الاقليم.

وتشير التقارير أيضاً إلى أن هنالك كميات كبيرة جدا من الأسلحة دخلت الاقليم بواسطة تجار الأسلحة عبر حدود دارفور  مع الدول تشاد ليبيا وافريقيا الوسطى وجنوب السودان، مما يعني ان الكمية التي جمعت ضعيفة بالمقارنة مع السلاح المنتشر.

وسبق ان احتفلت بعض القبائل بامتلاكها الأسلحة الكبيرة “الدوشكا والرشاشات والمدافع” في إطار حربها المعلنة مع القبائل الأخرى كاظهار للقوة القتالية.

وقال رئيس اللجنة القومية لحملة جمع السلاح نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبدالرحمن أن العديد من القبائل ومليشياتها المسلحة قامت بتهريب الأسلحة الى خارج حدود الدولة للحيلولة دون جمعها.

بينما كميات أخرى كبيرة تم دفنها بباطن الأرض مؤكداً أن هنالك أجهزة تفتيش عالية التقانة تستطيع كشف الأسلحة المخبوءة بباطن الارض بمسافات بعيدة.