رجل سبعيني بدت على وجهه علامات الاعياء، بدأ منهمكاً في البحث بين انقاض متجره الذي قضى عليه الحريق الذي اندلع داخل السوق الكبير بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور صباح الأربعاء. بجواره شاب عشريني يحطن به ثلاث نساء تحدرت الدموع إلى خدودهن، إجداهن والدته جاءت تنفقد متجره الذي قضى عليه الحريق، ظل الشاب يردد بأن ما حدث “قضاء وقدر” في محاولة للتخفيف من هول الفاجعة.

قالت الحاجة “مريم” والدة الشاب “محي الدين” إن ابنها فقد كل شئ، في الحريق داخل سوق نيالا الكبير الذي قضى على أكثر من “50” محلاً لبيع الملابس والأحذية والعطور.

في الأثناء كان رجال الشرطة يباشرون تحرياتهم واجراءتهم الخاصة بعمليات الحصر الأولي للخسائر التي لحقت بأصحاب المحلات التجارية.

وقال محي الدين لـ “دارفور 24” “تلقيت اتصالاً بأن هناك حريقاً في السوق دون ان يخبرني المتصل بأن متجري ضمن المتاجر المحترقة، وعندما جئت وجدت المكان ولم أجد الدكان”.

 خسائر الحريق

وبحسب مسئول بشرطة الدفاع المدني فإن الحريق الذي اندلع عند الساعة الخامسة صباحاً،  قضى على “9” دكان وأكثر من “40” مظلة وتربيزة، وقال المسئول الذي طلب حجب اسمه، إن الخسائر التي لحقت بالتجار بلغت أكثر من “15” مليون جنيه.

وأضاف “هذا الأمر يعزز فرضية ان الحريق شب بسبب “إلتماس” كهربائي”، وفي ذات الوقت استبعد ان يكون الحريق بسبب فعل فاعل او اشتعال بقايا نيران.

بينما قال معتمد بلدية نيالا، محمد العاجب، إن المعلومات الأولية تشير الى ان أسباب الحريق “إلتماس كهربائي” معلناً تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، ومدهم بالمعلومات العلمية وراء اندلاع الحريق. كما شكل لجنة أخرى لحصر الخسائر برئاسة مسئول حكومي ورئيس غرفة تجار القطاعي بالمدينة.

أسباب مجهولة

وقال الأمين ابراهيم- وهو صاحب محل لحقت به اضراراً خفيفة- إن سبب الحريق لا زال مجهولاً لكنه من المرجح أن يكون بسبب “إلتماس” كهربائي، مشيراً إلى أن المحلات التجارية التي احترقت خاصة بالملابس والأحذية والعطور، ومحلاً للتحويلات المالية النقدية.

على الرغم من ان الحريق شب في ساعات الفجر إلا ان شرطة الدفاع المدني بمدينة نيالا بذلت جهداً كبيراً في إطفاء الحريق، وذكر أحد عناصر شرطة الدفاع المدني انهم تدخلوا في وقت قياسي لإطفاء الحريق بسبب قرب الموقع من مقر الدفاع المدني.

وأضاف “تدخلنا بعدد ثلاث سيارات إطفاء، لكننا واجهنا مشكلة في الوصول إلى موقع الحريق، بسبب اكتظاظ السوق وعدم وجود ممرات تمكن السيارات من التحرك نحو الموقع”.

وتابع “اضطر افرادنا الى فتح الممرات ولتتبعهم السيارات، ولولا كان الاشتعال شديد وصعوبة الوصول لتمكنا من محاصرة الحريق وتقليل الخسائر”. مشيراً الى أن البضائع التي كانت في المتاجر جميعها مساعدة على الاستعال من الملابس والاحذية والعطور.

ضعف الامكانيات

وتعاني شرطة الدفاع المدني من ضعف في الامكانيات التي تمكنها من مواجهة الحرائق التي تشهدها مدينة نيالا من وقت لآخر، حيث توجد بالمدينة عدد “2” سيارات إطفاء بينما تحتاج الى عدد “5” سيارة.

وأشار رجل الإطفاء الى عدم اهتمام حكومة الولاية بصيانة سيارات المطافي وتابع “من العام “2010”م وحتى الآن تمت صيانة عربة واحدة فقط”.

وأوضح أن شرطة الدفاع المدني تمكنت من منذ العام “2017”م من صيانة ثلاث عربة من ايراداتها الذاتية، إلا انها غير كافية لتغطية المدينة.

وذكر أن حالة سياراتهم الآن ليست جيدة، وأضاف “العربات تعبانة ولو كان الحريق في مكان بعيد قليلاً لما تمكنا من الوصول إليه، وتابع “نحن محتاجين عربات إطفاء”.

سيارات إطفاء متوقفة

وعلمت “دارفور24” بأن وزارة الداخلية استجلبت في ديسمبر من العام الماضي عدد “70” سيارة إطفاء وهي الآن متوقفة في “جراجات” الشرطة بمدينة الخرطوم توطئة لتوزيعها على الولايات، لكن وزارة الداخلية اشترطت على الولايات ان تدفع نسبة “50%” من أسعار هذه السيارات.

وقال المسئول بالدفاع المدني إن الوزارة وزعت هذه السيارات بناءً على الكثافة السكانية والعمرانية للولايات، مبيناً ان نصيب جنوب دارفور عبارة عن “اربع” سيارات، لكن حكومة الولاية لم تدفع نسبة ال”50%” وهي مبلغ “10” مليون جنيه.

وأضاف “بالتالي لم تتمكن من استلام هذه السيارات وظل للآن بمعية وزارة الداخلية”، وابدى استغرابه من ان تتمكن ولاية شرق دارفور من دفع نسبة ال”50%” واستلام سياراتها بينما تعجز جنوب دارفور من ذلك.

حريق مماثل

وشهد سوق نيالا الكبير قبل عامين حريقاً مماثل على بعد أقل من “20” متراً من موقع حريق اليوم وخلف خسائر كبيرة بسبب سوء التنظيم في السوق والذي اعاق وصول سيارات الاطفاء إلى موقع الحريق على الرغم من انه يقع على بعد امتار قليلة من مقر الدفاع المدني.

وكانت حكومة الولاية وقتها شكلت لجنة لازالة ما اسمتها بتشوهات تنظيم السوق لتسهيل وصول المطافي لأي موقع في السوق في الوقت المناسب، لكن اللجنة لم تقوم بمهامها وترك الأمر هكذا.

وذكر أحد رجال المطافي لـ “دارفور24” أن إحصائيات الوفيات بسبب الجرايق للعام الماضي بلغت “11” وفاة مبيناً ان هذا العدد يعد الأعلى بين ولايات البلاد في ذام العام.