نيالا- دارفور24

نحو اسبوعين قضاها الطفل “ب ع” ذو الاربع عشرة عام في حراسة “وحدة حماية الاسرة” بمدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور حيث تم القبض عليه بتهمة السرقة بعد ايام من وصوله مدينة نيالا قادماً من مدينة الضعين عاصمة شرق دارفور، وتاه الطفل “ب ع” في طرقات واحياء مدينة نيالا الى ان اوصلته خطاه الى متجر صغير في “حي الجبل” بنيالا، ويقول صاحب المتجر انه استقبل الطفل وابقاه للعمل مع ابنه في المتجر، لكنه بعد عدة ايام تفاجأ بان الطفل متورط في سرقة بعض المقتنيات من شخص آخر وضبطت بحوزته المسروقات وتم فتح بلاغ في مواجهته لدى نيابة الطفل.

اجرت النيابة بحثاً عن اسرة الطفل لتعيده إليها، لكنها لم تفلح في ايجادها، وفي الآخر اعادت الطفل الى صاحب المتجر بحي الجبل بعد ان علمت بأنه ينحدر من ذات قبيلة الطفل واخذت بياناته.

حالة الطفل “ب ع” تنطبق على عشرات الاطفال يسميهم قانون الطفل للعام 2010م المعدل  “بالأطفال الجانحين” ويقول وكيل نيابة الطفل بجنوب دارفور مولانا “تبن عوض الله” ان هناك اعداداً ليست بالقليلة من هؤلاء “الجانحين” يقضون فترات في حراسة “وحدة حماية الاسرة والطفل” بنيالا، واوضح انه في ظل عدم وجود دارٍ “للرعاية والاصلاح” بنيالا، فإن نيابة الطفل تضطر الى ترحيل بعض “الجانحين” الى مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور لوجود دار للرعاية والاصلاح هناك، لكنه نبه الى ان اصلاحية الفاشر تعتذر احياناً عن استقبال “الجانحين” من جنوب دارفور لضيق المقر والامكانيات.

واوضح “تبن” ان اغلب الجرائم التي يرتكبها الاطفال وتصل الى نيابة الطفل هي جرائم “الجراح والاذى الناتجان عن الشجار، بالاضافة الى جرائم العنف ضد الاطفال بصورة عامة” مشيراً الى ارتفاع جرائم الجراح والاذى هذه الايام بسبب ظاهرة حمل السلاح الابيض “السكين” واضاف “كثيراً ما تأتينا حالات اطفال يطعنون بعض بالسكين” وناشد تبن سلطات الولاية بإصدار اوامر محلية تمنع الاطفال من حمل “السكين” وكشف عن وقوع “7” جرائم قتل طعناً بالسكين بواسطة اطفال خلال العام المنصرم.

وكشف عن وقوع “230” جريمة اغتصاب ضد الاطفال، و107 جريمة تحرش في العام المنصرم، وقال ان هذه الاحصائيات هي فقط التي تم التليغ عنها؟ منبهاً الى ان هناك جرائم اغتصاب تتستر عليها الأسر خوفاً من الوصمة والعار.

ويطالب ناشطون بمدينة نيالا عبر مواقع التواصل الاجتماعي الى وضع حد لظاهرة حمل آلة “السكين” لدى الاطفال والطلاب المدارس، بعد ان ارتفعت معدلات الجرائم لدى الاطفال خاصة الطعن بالسكين، الأمر الذي اضطر وزارة التربية والتوجيه الى اصدار توجيهات للمدارس بتفتيش الطلاب وجمع “السكاكين” منهم قبل دخولهم حرم المدرسة.

وذكر وكيل نيابة الطفل بالولاية ان انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات وسط الاطفال من اكبر المهددات التي تدفع الاطفال- خاصة المراهقين- الى ارتكاب الجرائم، بالاضافة الى ان هذه الشريحة من الاطفال “المراهقين من الجنسين” يدخلون في علاقات غرامية، وكثيراً ما تسفر عن جرائم اغتصاب، وكشف عن تسويات تتم بين اسر الاطفال خارج الاطار القانوني، وقال ان هذه التسويات تتعارض كثيراً مع قانون الطفل وتتسبب في مشاكل يروح ضحيتها الاطفال، وناشد الاسر بأن تترك يد العدالة تطال الذين يرتكبون الجرائم في حق الاطفال.

ولفت الى ان اغلب البلاغات التي تصل النيابة خاصة بالاطفال دون سن “الثانية عشر” بينما هناك معدلات كبيرة للجرائم وسط شريحة الاطفال في اعمار ما بين “14 ودون 18” سنة، بيد انه اشار الى وجود حالة اغتصاب وقتل مصاحب واحدة وهي امام محكمة الطفل- على حد قوله-

وبث احد الناشطين “طارق مكي” في صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك في نوفمبر الماضي فيديوهات لمجموعة من الاطفال المشردين كشفوا فيها عن انتهاكات تمارس ضدهم من قبل بعض افراد قوات الشرطة الذين يعملون في دوريات حراسة سوق نيالا الكبير، وقالت عدد من الطفلات المشردات انهن يتعرضن للاغتصاب من هؤلاء الافراد بصورة مستمرة.

وقال “تبن” ان حماية الطفل بجنوب دارفور تحتاج الى مجهود خارق من الدولة في تدريب القضاة ووكلاء النيابة ورجال الشرطة حول المواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية، واضاف “لكن للأسف لا يوجد هذه التدريب سوى ما تقدمه المنظمات الحقوقية والمهتمة بقضايا الاطفال من ورش ودورات تدريبية”

ونبه الى انه على الرغم من ان قانون الطفل 2010م ينص على ان تتولى الدولة إصلاح الاطفال الجانحين الا ان جنوب دارفور ليس لديها دور للرعاية والاصلاح، كما انه ليس بها أي جهد تجاه هذه الشريحة، واضاف “الاطفال الجانحين ما لاقيين مكان نضعهم فيه، واذا حاولنا نقلهم الى السجن فإن ادارة السجون ترفض استقبالهم، ودار الانتظار التابعة لوحدة الاسرة والطفل مكتظة بالمحكومين والمنتظرين والذين لا زالوا في مرحلة التحري”