دعت الحكومة السودانية الإنتقالية، والجبهة الثورية، رئيس حركة جيش تحرير السودان عبدالواحد محمد نور، ورئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ شمال عبدالعزيز الحلو، للحاق بمسيرة السلام، وعدم توفيت ما وصفتها بـ«الفرصة التاريخية».

وتمسّك “الحلو”، في وقت سابق، بتحقيق العلمانية وفصل الدين عن الدولة، أو حق تقرير المصير، ويعتبره موقف مبدئي لا تتنازل عنه. بينما رفض “نور”، سابقاً الجلوس مع العسكريين، ويعتبرهم امتداداً لنظام المخلوع البشير.

ويرى أن الحكومة الانتقالية لا تملك الرغبة والجدية في تصفية النظام البائد ومؤسساته، ولا تملك الإرادة بمحاكمة رموزه.

ووعد “نور”، مؤخراً، بإعلان مبادرة الحركة للسلام الشامل لاستكمال أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، وتمنى حينها أن يكون حضوره إلى الخرطوم بعد إعلان المبادرة.

ودعا رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، لدى مخاطبته مراسم التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق السلام بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح، بجوبا، اليوم «الإثنين»، «الحلو»، و«نور»، إلى اللحاق بمسيرة السلام، وعدم التخلّف عن شرف صنع واستدامة السلام، باعتبار أن الاتفاقية حُلم راود كل السودانيين وليس مكسب لحركات الكفاح المسلح وحدها.

ثقة حميدتي

في السياق، أكد نائب رئيس مجلس السيادة، ورئيس الوفد الحكومة للمفاوضات الفريق أول محمد حمدان دقلو «حميدتي»،حرص ورغبة حكومة ثورة ديسمبر المجيدة في استئناف المحادثات مع الحركة الشعبية قيادة الحلو، وانضمام حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد نور.

وأبدى إطمئنانه على مستقبل العملية السلمية في ظل الدعم الإماراتي، إلا أنه أكد أن عملية تنفيذ أي اتفاق تتطلب دعماً من الأصدقاء والأشقاء والمجتمع الدولي كافة.

بدوره، أعلن رئيس الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان ـ شمال الجبهة الثورية مالك عقار، نهاية الحرب، داعياً «الحلو» و«نور»، لعدم تفويت فرصة السلام التاريخية.

وعدّ الاتفاق حدث تاريخي ينبغي استخدامه لأجل بناء سودان جديد، وألا يُضاف لكتاب مولانا أبيل ألير، «نقض العهود والمواثيق».

وشدّد على أهمية بناء كتلة انتقالية قادرة على توحيد المدنيين والعسكريين، وايجاد سياسة اقتصادية لمصلحة المهمشين دون التخندق الأيدولوجي، مع ضرورة استخدام الترتيبات الأمنية لحماية عامة المدنيين.

وقال إنه يمد يده الى البرهان وحمدوك، للعمل كفريق واحد لأجل مصلحة السودانيين، كما أعلن عن استعدادهم للذهاب إلى الخرطوم.

وتعهد بالعمل على قيام اتحاد سوداني بين دولتي السودان وجنوب السودان، واصفاً المنطقتين ودارفور بأنهُما «مسمار النص» الذي يربط بين البلدين.

ودعا عقار، المجتمع الدولي والأفريقي ولجان المقاومة وأسر الشهداء، لدعم الاتفاق، كما دعا المانحين للايفاء بتعهداتهم للحكومة.

وقال إن الحُكم الذاتي للمنطقتين استحقاق لكنه يجب ان يدعم وحدة السودان ويعزز الصلات بين كافة القبائل بالمنطقتين والتي هي ملك لكل السودانيين على أساس المواطنة مثلها مثل الخرطوم وبقية الولايات.

  1. الاتفاق ناقص

بدوره، أكّد رئيس الجبهة الثورية السودانية دكتور الهادي ادريس، أن صفحة الحرب طُويت إلى الأبد، وأن ما تمّ التوصل إليه يظل جُهداً ناقصاً إن لم تتوفر له ضمانات التنفيذ من التزام وطني لمقابلة استحقاقات السلام، مع تعهد ودعم ورعاية دولية لاسيما الاستحقاقات المالية والتي تؤكد أهمية عقد مؤتمر المانحين لتوفير ما يلزم لإعمار ما دمرته الحرب.

وتعهد إدريس، بالعمل على وحدة قوى الثورة والتغيير، وتشكيل كتلة تاريخية دعماً للتحول الديمقراطي وتحقيقا للأمن والسلام والعمل علي رفاه الشعب السوداني وتحقيق شعارات الثورة في «الحرية والسلام والعدالة».

وناشد رئيس الثورية، الحركات الممانعة بالانضمام إلى السلام، ونبذ الاقتتال إلى الأبد، باعتبار أن هذا الاتفاق يضع أساساً متيناً لنهضة قادمة، كما أنه مفتوح للآخرين للالتحاق به وتعزيزه.

أفضل اتفاق

من جانبه، أكّد ممثل رؤساء التنظيمات المكونة لمسار دارفور بالجبهة الثورية، ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، أن الاتفاق خاطب جذور المشكلة، وأنهى الحرب للأبد، وعالج آثارها، كما أكّد أنه أفضل من كل الاتفاقيات والمفاوضات التي شهدتها البلاد.

وثمّن جبريل، دور الرئيس سلفاكير، قائلاً: « سلفاكير أتى بالمعجزة وانجز ما عجز الكثيرون عن تحقيقه، وحسبه آخرون من المستحيلات، وظنّ كثيرون ان قبوله لتحدي تحقيق السلام في السودان قفزة في الظلام، إلا أنه أثبت لهم انه يملك مناظير ليلية خاصة وأنه سباح ماهر يجيد التعامل مع أمواج عالم السياسة المتلاطمة».

وأشاد بدور الحكومة لجعلها السلام أولوية رغم التيارات التي اجتهدت في وضع المتاريس أمامها، معتبراً وجودها على أعلى مستوى دليل قاطع لحرصهم على السلام ووضعه في سلّم أولوياتهم.

ونبّه إلى أن التحدي الحقيقي يكمُن في تنفيذ ما تم التوصل إليه، قائلاً: «آفة الاتفاقيات ليس في مضمونها بقدر الفشل في تنفيذها، أما لغياب الإرادة الكافية لطرف من الأطراف او لغياب الموارد الكافية للوفاء باستحقتقات السلام، او فشل الاطراف في تمليك الاتفاق للقواعد وإشراكهم في التنفيذ، وبالتالي يجد الذين يسعون لافساد الاتفاقيات مدخلا لبث سمومهم وتعبئة المجتمع ضد اتفاق السلام عليه».

وأعلن جبريل، عن الإنتهاء من الجهاد الأصغر والإنتقال الى الجهاد الاكبر، مؤكداً أن المهمة التي أمام أطراف السلام عسيرة، إلا أنه يثق في إنجاحها بذات الارادة الوطنية القوية التي حققت اتفاق السلام، مع استصحاب دعم الاصدقاء إقليمياً ودولياً.

مزايا الاتفاقية

الجدير بالذكر أن الاتفاقية تعالج قضايا تقاسم السلطة والثروة والقضايا الإنسانية والترتيبات الأمنية، ومدة الفترة الانتقالية، وآلية مشاركة الحركات المسلحة فيها على كل مستويات الحكم، ويمثل إحلال السلام في السودان، أحد أبرز الملفات على طاولة حكومة حمدوك، وهي أول حكومة منذ أن عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل 2019، عمر البشير من الرئاسة تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه.

وبدأت في 21 أغسطس 2019، مرحلة انتقالية في السودان، تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات أواخر 2022، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، الذي قاد الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالبشير.