تقرير: دارفور24

أجبرت الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، الملايين من المدنيين على الفرار من مناطقهم إلى دولة ليبيا على الحدود الشمالية، عبر رحلة شاقة شارف فيها البعض على الهلاك في الصحراء الكبرى.

وبحسب المفوضية السامية لشئون اللاجئين، فإن دولة ليبيا استقبلت أكثر من 45 الف لاجئ سوداني.

بداية الرحلة

تبدأ رحلة الفارين من جحيم الحرب بإقليم دارفور، من مدينة “مليط” الحدودية مع دولة ليبيا (66) كلم شمال مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، ومنها إلى مدينة ”الكفرة” الليبية وتبعد نحو 3500 كلم من مدينة مليط.

يقول مدير مكتب ترحيلات “الأخوة” بمدينة مليط، ياسر الدومة خليل، لـ”دارفور 24″ إن المكتب يستقبل المواطنين من مدن الجنينة زالنجي الضعين والأبيض الفاشر ومعظم مدن كردفان والنيل الأبيض” ويرتب لهم السفريات عبر الشاحنات التجارية الكبيرة، والسيارات ذات الدفع الرباعي.

وأوضح أن قيمة التذكرة تذبذب من فترة لأخرى بسبب إنخفاض قيمة الجنيه السوداني أمام الدينار الليبي، حيث تتراوح بين 250 ألف جنيه للفرد من العائلة في السيارات الصغيرة، و180 للشاحنات الكبيرة، بينما يتم تفويج 3 رحلات أسبوعياً وأحياناً رحلة فقط في الأسبوع.

وذكر أن الطريق من مدينة مليط وصولاً إلى مدينة الكفرة آمن بعد تأمينه من القوات المشتركة للحركات المسلحة.

الوصول إلى الكفرة

من جهته قال المواطن مبارك محمد آدم، المقيم بمدينة الكفرة، إن دولة ليبيا سهلت الإجراءات للسودانيين القادمين بسبب الحرب، فاصبحوا يدخلون بالمستندات التي تثبت الشخصية مثل “الرقم الوطني، البطاقة الشخصية، الجواز”، وقامت بإلزامهم بالحصر وإستخراج الكرت الصحي.

وقال مبارك لـ”دارفور24″ إن السلطات الليبية تتشدد في إجراءات فحص الكبد الوبائي والكبد الفيروسي بأنواعه ومرض نقص المناعة” الإيدز” وأضاف “يتم ترحيل أي مريض تظهر نتيجته حمله لأحد هذه الأمراض إلى السودان فوراً دون تلاعب ويتم إجراء الفحوصات بمعامل جمعية الهلال الأحمر الليبي ولا تقبل نتائج أي معمل آخر لإستخراج الكرت الصحي”.

وأعلن جهاز الهجرة غير الشرعية بدولة ليبيا عن ترحيل أكثر من 200 مواطن سوداني العام الماضي إلى منطقة “المثلث” الحدودي لمخالفتهم قوانين الهجرة بليبيا، بحسب صفحة الجهاز على موثغ “فيسبوك”

قصص تروى

تحكي أم أريج (45) سنة سودانية من مدينة نيالا قصتها لـ”دارفور24″ قائلة إنها وصلت إلى ليبيا في أغسطس من العام الماضي وإستقر بها المقام في مدينة “أجدابيا” جنوب ليبيا، وإفتتحت مطعمًا للمأكولات الشعبية السودانية.

وقالت إنها استطاعت توفير السكن لأسرتها المكونة من 7 أفراد بعد إصابة والدهم بقذيفة داخل منزله بحي الوادي وسط مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور، في مايو من العام الماضي، عقب المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وأضافت أنه “بعد إصابته عرضنا منزلنا للبيع وسافرنا إلى مدينة مليط ومنها إلى ليبيا وسجلنا في المفوضية وأجرينا مقابلة الحماية، ونحن الآن لاجئين وتم معاملتنا بكل كرم، وصرف لنا فرشات وبطاطين من الجالية السودانية والمفوضية السامية لشئون اللاجئين، كما صرفت لنا المنظفات بعض المبالغ المالية”.

يعتمد سكان ليبيا في أعمالهم التجارية والصناعية والمباني والإنشاء على العمالة السودانية، ووفقاً لمشرف العمال السودانيين بمصنع الدقيق الليبي بمدينة طرابلس، حامد طه يعقوب، يتواجد الآلاف العمال السودانيين في غرب وشرق ليبيا.

وقال لـ”دارفور 24″ أن العامل السوداني يتميز بالصدق والأمانة وحب العمل وأضاف:” في ليبيا عندما تكون سودانياً فعليك أن تعمل بإجتهاد لتوفير الغذاء والمأوي وبعض المصروف للعائلة بالسودان”.

وقال أن بعض السودانيين يعملون في البناء والميكانيكا وفي المتاجر والمصانع ويعمل بعض الكوادر الطبية والصحية في المراكز الصحية والمستشفيات الليبية، وتتراوح الأجور الشهرية في ليبيا بين 500 دينار حوالي 100 دولار أمريكي، والبعض الأخر يعمل بمرتب أقصاه 1500 دينار ليبي، ما يعادل 300 دولار أمريكي.

السكن والمعيشة

يعيش معظم السودانيين في مدينة الكفرة جنوب ليبيا وفي بنغازي وطبرق شرقي ليبيا وفي مدن مصراتة وأجدابيا وسرت وزليتن وسبها وبني وليد والعاصمة طرابلس غرب ليبيا، كما يعيش السودانيين في حي شهير داخل العاصمة طرابلس حي “جنزور” وهو عبارة عن خرطوم مصغر بحسب حديث حافظ عبدالرحمن، المقيم في ليبيا منذ 20 عاما وعضو لجنة إستقبال السودانيين.

وقال حافظ لـ”دارفور 24″ إن الإحصائيات الأولية أكدت وصول أكثر من 20 ألف سوداني إلى طرابلس حتى نهاية العام 2023م، وذكر أنهم قاموا بالترتيب للعائلات والبحث عن المنازل لهم وتخفيض قيمة الإيجار وإيجار بعض المنازل للشباب بضمان اللجنة.

وأضاف تتراوح الإيجارات في طرابلس بين 500 دينار للحوش، و1500 دينار للشقق 300 دولار أمريكي.

وكشف حافظ عن وجود تحديات تواجه العائلات السودانية بدولة ليبيا برفض الليبيون إستئجار المنازل لأكثر من 4 أشخاص زوجين وأطفالهما وصعوبة الحصول على منزل للعائلات الكبيرة.

التعليم

وكانت وزارة التربية والتعليم الليبية، أصدرت في نوفمبر من العام الماضي قرارا قضت بموجبه معاملة أبناء المواطنين السودانيين في المدارس الليبية كنظرائهم الليبيين.

وقال المعلم السوداني بالمدارس الليبية الصادق محمد أبكر لـ”دارفور24″ إن المنهج السوداني يختلف كثيراً عن المنهج الليبي، وأضاف “لدينا دوام مسائي خاص بالمنهج السوداني والتحق حتي الآن أكثر من 3 الآلاف تلميذ في الدوام الصباحي والمسائي”.

وأوضح الصادق أن التعليم يعد مجاناً في كافة مراحله ولا يدفع التلميذ أي مبالغ مالية، مشيرًا إلى أن الجالية السودانية تمتلك 12 مدرسة خاصة في طرابلس ومصراتة وبنغازي والكفرة وسرت ويعمل أكثر من 700 معلم في المدارس السودانية بليبيا.

إلى ذلك قال الطبيب السوداني المقيم بمدينة طرابلس الدكتور عبداللطيف حامد الهادي، لـ”دارفور24″ إن الدولة الليبية وفرت العلاج للمواطنين المقيمين في أراضيها مجانًا بجميع المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، بدءاً من مقابلة الأطباء والفحوصات الطبية والتنويم والعمليات الجراحية.

وأضاف أن “ليبيا استوعبت الكوادر الطبية والصحية السودانية للعمل في المؤسسات بمرتبات مجزية”.