أثار أعلان الحكومة السودانية القاضي بالمصادقة على أتفاقية  القضاء على جميع أنواع التميز ضد المرأة، “سيداو” جدلا وسعا وتباين في الأراء بين الرفض والتأييد، استطلعت “دارفور 24” المختصين والمعنيين بالاتفاقية فاظهرت الأراء تباينا حيال القضية.

اتفاقية “سيداو” هي اختصار “لاتفاقية القضاء على جميع أنواع التمييز ضد المرأة” وهي معاهدة واتفاقية دولية تم اعتمادها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1979، وتم عرضها للتوقيع والمُصادقة والانضمام، ودخلت حيز التنفيذ في عام 1981.

أول دولة وقعت على الاتفاقية هي السويد، وكان ذلك في عام 1980، وبتوقيع 20 دولة أخرى دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ منذ عام 1981، وبحلول عام 2009 صادقت على الاتفاقية 186 دولة حيث أن آخر الدول المنظمة كانت قطر، علما بأن هناك تحفظات من بعض الدول حول ما ورد في الاتفاقية.

وتنفيذا لتوجهات رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك ، إلى وزير العدل، نصر الدين عبد الباري، بضرورة تصديق السودان على كافة الاتفاقيات الدولية، ومن بينها اتفاقية “سيداو” نقل وزير العدل، نصر الدين عبد الباري، توجيه ”حمدوك“ بالمصادقة والانضمام إلى كل الاتفاقيات الدولية.

كما دعت ايقونة الثورة السودانية، إلاء صلاح، المجتمع الدولي للضغط على الحكومة الإنتقالية لأجل التوقيع على الاتفاقية وذلك خلال خطاب ألقته أمام مجلس الأمن الدولي الأسابيع الماضية.

رفض

أتفقت عدد من المستطلعات على رفض المصادقة على الإتفاقية، وقالت مهاد محمد، إنها ترفض المصادقة على “سيداو” لإنها تري إن  الأتفاقية تهدف لتفكيك المجتمع السوداني وهدم الدين الأسلامي والتقاليد والعادات المجتمعية.

وأوضحت أن الغرب “أوربا وأمريكا ” وضع مثل هذه الأتفاقيات من أجل طمس هوية الشعوب الإسلامية ويجعل منها أناس تابعين للثقافتهم التي تسودها الفوضى، حسب وصفها.

وأضافت “عندما خرجت الدول الغربية من مستعمراتها وأعلان تقرير الشعوب وضعت خطة الغزو الفكري وجاء باكذوبة الأتفاقيات الدولية وفقا لثقافتها”.

نظام البشير والإتفاقية

خلال الأيام الماضية قامت مجموعة من قيادات النظام السابق، بشن هجوما على الحكومة الأنتقالية بسبب أعلانها عن اتجاهها المصادقة على الاتفاقية، وأعتبرت تلك القيادات أن التوقيع يعني محاولة” علمنة المجتمع”.

في ذات الوقت كشف وزير العدل سابق في النظام البائد في تصريح صحفي تداولته الصحف عن موافقة حكومة المخلوع البشير وبشدة على التوقيع في اتفاقية انهاء التمييز ضد المرأة (سيداو)، موضحا أنه تم تداول واسع حول التوقيع على الاتفاقية.

وحسب مصدر تحدث” دارفور 24″ فإن بكري حسن صالح، ابان شغله منصب النائب الاول ورئيس الوزراء في النظام السابق، هدد بالاستقالة حال عدم التوقيع على (سيداو)، كاشفا عن أن بكري ذكر لهم في اجتماع مجلس الوزراء موافقة الدولة على التوقيع، وشدد على ذلك بالقول “نحن لن نكون أحرص من السعودية، التي وقعت على الاتفاقية”.

وأوضح أن حسبو عبد الرحمن، باعتباره مسؤول رئاسة الجمهورية عن ملفات الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية، كان الأكثر حماساً للتوقيع، قائلاً إن حسبو بذل مجهوداً كبيراً حتى تتم الموافقة والمصادقة على الاتفاقية، لأنه التزم في محافل دولية بتوقيع السودان على “سيداو”.

تحفظ

من جهتها أكدت سارة إبراهيم، لـ “دارفور24″ تأييدها التوقيع على الأتفاقية باعتبارها منصفة للمرأة، وطالبت الحكومة الأنتقالية بالتحفظ على بعض المواد التي تتعارض مع القيم المجتمعية.

وقالت سارة إن معظم بنود الأتفاقية تم تضمنها في  الدستور الأنتقالي لسنة”2005” وأشارت لبعض المواد في الأتفاقية التي يجب ان تتحفظ عليها خصوصا التي تتعلق بالمساواة في كل شئ بين الرجل والمرأة، كالميراث ونسب الأبناء للام إذا كانت الأم من نفس الدولة والاب من دولة أخرى.

وأتفقت رفقة عبدالله، مع سارة في تأيد المشروط بالتحفظ على بعض البنود التى ترى أنها مخالفة للقيم الأسلامية، ومساندة  على ما قامت به بعض الدول الأسلامية التي صادقت على “سيداو”.

وتابعت “يجب أن نوسع دائرة النظر للأشياء حتى نستطيع أن نميز ما يضرنا وما ينفعنا”.

تأييد

وأعتبرت الناشطة في حقوق المرأة، ملاذ عاصم، وجود “سودانيات ضد سيداو” نتيجة طبيعية لفترة “30” عاما من حكم البشير الذي عمل على ترسيخ مفاهيم خاطئة وأورث عبئا ثقيلا على دعاة التغيير.

وتابعت “أستطاع  النظام التغلغل في كل جوانب الحياة مما سهل عليه ترسيخ أيدلوجيا عمياء مستخدما المناهج التعليمية وتشريع القوانين التي تخدم مصالحه  والثقافات التي تهدف للوصل لسيطرة وأستغلال العاطفة الدينية بطريقة مغلوطة.

وأضافت “تغلغل نظام الجبهة الإسلامية في المجتمع وتسخيره لكل موارد ومؤسسات الدولة لخدمته سهل له عملية أدلجة المجتمع في المشروع الحضاري الذي أثبت فشله”.

وأضافت “كل ماقام النظام السابق بترسيخه كان الهدف منه تغييب الوعي للمواطنيبن والتقليل من شأن النساء وتكريس العنف ضدهن فأستبطنن الكثيرات العنف وأصبحن يقاومن ضد الحصول على حقوقهن بدلا عن النضال من أجل الحصول عليها”.

وأرجعت كل ذلك لغياب الوعي والتسليم الكامل للثقافات والأعراف التى زرعها النظام السابق، وتابعت “أقل ما توصف بها أنها ثقافة متخلفة”.

من جانبها ترى الناشطة الحقوقية، مها يحيى، أن اتفاقية القضاء على جميع أنواع التميز ضد المرأة “سيداو” إتفاقية مع حصول  المرأة على حقوقها، كما أوضحت الأتفاقية دور المرأة في المجتمع وضرورة أشراكها في كل مجال باعتبرها شريكة في الحياة.

وأكدت دعمها بشدة للمصادقة على سيداو، قائلة إن النساء الرافضات للتوقيع يعتبرن إن بعض النصوص في الأتفاقية تتعارض مع قوانين نص عليها الدين، مثل قانون الأحوال الشخصية من “الميراث وحضانة الأولاد غيرها”.

كما قدمت نقد  لقانون الأحوال الشخصية وصفته بالظالم وخاصة في الطلاق وحضانة الاولاد والنفقة وتابعت ويصب في مصلحة السيطرة الذكورية.

وأشادت بكل ما تضمنته أتفاقية سيداو وخصوصا الماده” ٢” التى تنص على “أن تشجب الدولة الأطراف كل أنواع التميز ضد المرأة وتتفق على أن تتنتهج بكل الوسائل ودون إبطاء سياسة تستهدف القضاء على التمييز المرأة”.

ووصفت المعارضات للاتفاقية بأنهن يخدمن أجندة سياسية وأيدلوجيا الهدف منها أثارة بلبلة في الفترة أنتقالية، مؤكدة على حديثها بأن نظام المؤتمر الوطني وغيره من الأسلاميين في فترة حكمه كانوا في صدد المصادقة عليها.

الأساءة للاسلام

من جهته يقول مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الانسان، الدكتور أحمد المفتي، لـ “دارفور 24” إن أغلب الذين يناهضون التوقيع على أتفاقية سيداو يعرفهم معرفة شخصية، مؤكدا إنهم أكثر حرصا على الأسلام ولكن ما يقومون به من مناهضة يسيئ إلى الأسلام برغم أنهم أرادوا الدفاع عنه.

وأضح المفتي أن عدم التوقيع على الاتفاقية يعني أن الإسلام يميز ضد المرأة، وذكر إن المادة “17” من القانون الدولي تعطي كل دولة الحق في تطبيق نظامها إذا كان أفضل.

ويرى المفتي أن المؤيدين للمصادقة على سيداو حريصون بنفس القدر على الدين الأسلامي، منتقداً المناهضين، قائلاً “الحجة بدل من الوقفات الاحتجاجية، والاستقطابات السياسية التي لا تؤدي إلى إحقاق الحق بل إلي سيادة موقف من هو أكثر قدرة على تلك الأساليب”.

وأكد المفتي تأيده للانضمام لسيداو، مع التحفظ على كل ما يتعارض مع الإسلام، اعتمادا، مشيراً إلى أن الأتفاقيات الدولية تعطي الحق لهذا التحفظ.